قال هيكل بن محفوظ أستاذ في القانون الدولي وخبير في شؤون الأمن الإقليمي أنّ «مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في عملية للقوات الأمريكية الخاصة في باكستان، يُعدّ ضربة قوية للتنظيم وحلفائه، إلا انه لا يمكن الإقرار بأن مقتله سيكون إعلانا لنهاية تنظيم القاعدة». وأضاف» أن هذه الضربة قد تجعل القاعدة تُراجع استراتيجيتها في ظلّ هبوب نسائم الحرية والديمقراطية على كل الوطن العربي إلى جانب التحوّلات التي تعيشها المنطقة العربية والعالم الإسلامي والتي غيّرت من منطق العداء التقليدي بين مختلف القوى السياسية والمناهضة للأفكار الرّجعية والمنادية بمحاربة التطرّف والإرهاب، دعّمها سقوط رموز الأنظمة الموالية للولايات المتّحدة الأمريكية وإسرائيل». ويؤكّد هذا التّوجه عبد المجيد العبدلي - أستاذ مبرز في القانون بكلّية الحقوق والعلوم السياسية بتونس - حيث قال «أن شمّاعة القاعدة التي اعتمدتها أمريكا لترويع الشعوب قد انتهت بانتهاء الأنظمة الديكتاتورية بالعالم العربي وبداية تهديد مصالح إسرائيل بالمنطقة، فمفهوم الإرهاب مفهوم حديث النشأة استغلته الولاياتالمتحدةالأمريكية على إثر نهاية المد الشيوعي عدوّها الأسبق، فبات إلزاما أن تجد عدوّا جديدا لحماية إسرائيل من أي خطر فوجدت في تنظيم القاعدة وقودا تشعله في مسرح عملياتها بالدول العربية وبمنطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فلا يمكن القول بأن قتل بن لادن سيضع نهاية للحرب الأمريكية على الإرهاب وبالتالي انسحاب أمريكا من العراق وأفغانستان» . ويتّفق كل من العبدلي وبن محفوظ على أنه قد لا يكون من قبيل الصدفة أن يُقتل بن لادن في هذا التوقيت بالذات وبذاك المكان، أي في بلدة ابوت اباد الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد، علما وان مكان بن لادن كان معروفا منذ شهر أوت الماضي، مؤكدا «أن الولاياتالمتحدة وظفت العامل السياسي والإستراتيجي والزمني حتى تكتسب عملية الإغتيال مشروعية أكثر، وبالتالي فإن التوقيت كان مدروسا وخاصة مع قرب الإنتخابات الأمريكية».
هل للثورات العربية دور؟؟
ويرى الملاحظون والخبراء أنه من غير المستبعد أن الثورات العربية قد عجلت في مقتل أسامة بن لادن أو الإعلان عن مقتله، إذا صح القول بأنه قتل من قبل، في ظل تغيّر استراتجيات المنطقة العربية بأسرها ومنطقة الشرق الأوسط وزحف منطق الثورة على الدول العربية و إرادة الشعوب في تحديد مصيرها رافضة لكل خطر يهددها بعودة الدكتاتورية والفكر الرجعي المتطرف، أضف إلى ذلك خطر هذه الثورات على المصالح الإسرائيلية، فيقول عبد المجيد العبدلي «أن الثورات العربية لم تنتظر تعليمات من الولاياتالمتحدة لتشق طريقها ولم تكن لها أوامر من الخارج وهو ما أزعج الإسرائيليين والأمريكان، لهذا تمادت أمريكا في الترويج ضد العمل الإرهابي وخطر تنظيم القاعدة الذي توقف بمجرّد بروز حرّية الشعوب العربية وإنهاء دكتاتورية الأنظمة القائمة بها، فلم يعد بدّ من بقاء بن لادن حيا». ويضيف هيكل بن محفوظ «أنّ خطر القاعدة لم يعد يُمثّل تهديدا بالنسبة للدّول العربية ولمنطقة الشرق الأوسط بما أنها أضعفت منذ سنوات، لهذا فإن مقتل بن لادن يمثّل ضربة قوية لتنظيم القاعدة سيجعلها تراجع استراتيجيتها».