محسن الزغلامي بالتأكيد، لا أحد يريد لحكومة السيد الباجي قائد السبسي المؤقتة أن ترضى لنفسها بأن تتحول من "حكومة تصريف أعمال" الى "حكومة تصريف أقوال" - لا فقط - لأن المرحلة الانتقالية الحرجة والدقيقة التي تمر بها تونس ما بعد الثورة لا تحتمل فريقا حكوميا بهكذا "اختصاص" وانما أيضا لأن المسؤولية التاريخية التي تتحملها هذه الحكومة والمتمثلة خاصة في تأمين عملية الانتقال السلس من واقع الثورة الى واقع الدولة الجديدة التي بشرت بها الثورة - بما يعنيه ذلك من وجوب المحافظة انتقاليا - على مؤسسات الدولة "القديمة" وادارة الشأن العام اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا والحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعية يتطلب بالأساس أفعالا لا أقوالا... نقول هذا الكلام - لا تحاملا على هذه الحكومة "الفتية" - وقد مر اليوم شهران ونيف على توليها المسؤولية وانما اعتبارا للحصاد الهزيل - اجتماعيا وأمنيا - الذي وفرته لنا كمجموعة وطنية على امتداد هذه الفترة... نقول "حصاد هزيل" لا بحساب حجم الانتظارات والأماني المعلقة فهذه مقاربة قد لا تبدو واقعية نظرا لطبيعة التحديات التي أفرزها واقع ما بعد الثورة وما تتطلبه مجابهتها من جهد ومن وقت وانما قياسا - خاصة - بمظاهر "التخبط" بل والضعف أحيانا التي طبعت أداء هذه الحكومة على أكثر من صعيد... لن نشير - هنا - الى ظاهرة الانفلات الأمني وظواهر الفوضى والخروج على القانون ( أحداث عنف جماعي خطير ودموي متواترة في جهات مختلفة من البلاد تكاد ترقى أحيانا الى مستوى "المعارك الأهلية" وارتفاع في معدل الجريمة والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة والاستخفاف بمؤسسات الدولة والنظام العام مثل عمليات الفرار الجماعي من بعض السجون... ) وهي كلها مظاهر وظواهر - على خطورتها - لم نر حكومة السيد الباجي قائد السبسي المؤقتة تتصدى لها بما يجب من حزم وشفافية اعلامية... وانما سنشير الى ظاهرة "شغف" هذه الحكومة الظاهر بكل ما هو خوض بالكلام في مسائل سياسية نظرية... فها هي - مثلا - تتحمس و"تتحرك" وتقول "كلمتها" وتتقدم للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي بمقترح جديد في مسألة ما بات يعرف بالفصل 15 من مشروع المرسوم الانتخابي للمجلس التشريعي المتعلق باقصاء "التجمعيين" بينما لم نرها تتحمس بنفس الدرجة وتتقدم بمقترحات عملية فيما يخص - مثلا - الحالة الأمنية والاقتصادية... مرة أخرى ، هذا ليس تحاملا على حكومة السيد الباجي قائد السبسي وانما هو تذكير ضمني بفحوى شعار مرفوع من طرف السواد الأعظم من التونسيين هذه الأيام مفاده - وبكل وضوح - : "الشعب يريد أفعالا لا أقوالا " خاصة فيما يتعلق بقوته وأمنه ومستقبل أبنائه.