من يتحمل مسؤولية تأجيل الانتخابات إذا ما تقرر التأجيل ؟ تساؤل يطرح اليوم بالحاح في ظل منطق رمي الكرة والتنصل الذي أصبح ينتهجه المسؤولون والسياسيون على حد السواء، وكأن البعض أضحى على قناعة بأن فرضية تأجيل الاستحقاق الانتخابي للمجلس التأسيسي أضحت شبه متأكدة ضمنيا لديهم لكن ما يخرج إلى العلن خلاف ذلك ولكل طرف حساباته ومخاوفه من أن يتحمل وزر خيار التأجيل كخيار سياسي يعارضه كثيرون ويعتبروه تمديدا في حالة اللاشرعية. ويتأكد توجه التنصل من المسؤولية هذا ورمي الكرة في شباك الآخر ضمن التصريحات الإعلامية لبعض المسؤولين بالإضافة إلى مواقف بعض الأحزاب والهيئات. فبعد ترجيح عياض بن عاشور لفرضية تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي لأسباب تقنية لا دخل للمطبخ السياسي فيها،جاء تصريح الوزير الأول في الحكومة المؤقتة ليؤكد التزام حكومته باجراء الانتخابات في موعدها ما لم تعرقل هذا الإلتزام قوى قاهرة. في السياق ذاته عدلت بعض الأحزاب الداعية سابقا إلى تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي مواقفها وعبرت عن استعدادها للمشاركة في الانتخابات وه وموقف رأى فيه البعض تنصلا من تحمل مسؤولية السعى وراء التأجيل وتبعاته بعد ما حصل شبه اقتناع لدى هذه الأحزاب باستحالة اجراء الانتخابات في موعدها المقرر. انخرطت كذلك الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في منطق رمى الكرة مؤكدة ضمن بيان أصدرته أول أمس أنها لا تتحمل أية مسؤولية في تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي.
وفاق حول التأجيل
يرجع عبد العزيز عناني عض وفي الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة انتهاج سياسة التنصل من مسؤولية التأجيل إلى مخاوف كل طرف من أن يفسر ترجيحه لخيار التأجيل كخيار سياسي حتى وإن كان منطق الأشياء يفرض تأجيل الانتخابات لأسباب فنية تقنية ولوجستيكية. ويضيف عبد العزيز عناني أن موعد 24 جويلية لن يصح في كل الحالات مشيرا إلى أن المدة المتبقية والمحددة ب75 يوما لن تكون كافية نظرا لواقع المشهد السياسي والأمني للبلاد ويتساءل "...هل يمكن في ظل واقع الأحزاب اليوم التوصل إلى الإعلان عن القوائم المترشحة في غضون شهر وهل يستطيع الرئيس المؤقت الخروج في غضون 15 يوما لدعوة المقترعين لموعد 24 جويلية..." ويرى محدثنا أنه من الأرجح التحلي بالشجاعة وتغليب المصلحة العامة والدعوة لاتخاذ قرار في تأجيل الانتخابات بناء على وفاق وطني الذي على أساسه حدد سابقا موعد 24 جويلية"...ويجب على الحكومة تحمل المسؤولية في الدعوة لهذا الوفاق الجديد لكن بعيدا عن ذهنية عدم قبولها لاقتسام السلطة مع الهيئة وما عدا ذلك فسيتفاقم عدد الاستقالات من الهيئة التي لها اليوم السلطة الرقابية..."
خيار خاطئ من البداية
من جهته وصف عبد العزيز المزوغي العض والسابق المستقيل من الهئية العليا لتحقيق أهداف الثورة المواقف والتصريحات حول موعد انتخابات المجلس التأسيسي بقلة شجاعة من الحكومة والهيئة العليا ومن النخب السياسية برمتها. واعتبر أن خيار المجلس التأسيسي خاطئ من بدايته لأنه يترك البلاد لفترة طويلة دون إستقرار ودون شرعية "...وه وما يحدث اليوم فالكل غير شرعيين وكل واحد يقدح في شرعية الآخر... وخيار المجلس التأسيسي كان ممكنا ل وتحلى الجميع بروح المسؤولية والشجاعة الأدبية المفقودة للأسف مما أدخل الساحة السياسية في منطق رمى الكرة في شباك الآخر..." ويضيف عبد العزيز المزوغي أن موعد 24 جويلية ليس نهاية المطاف ولا أحد يستطيع التكهن بشكل الطبخة السياسية التي ستطبخ من وراء انتخاب المجلس التأسيسي الذي سيعين حكومة وثم رئيسا... وكان الأجدى المرور مباشرة نحو واستفتاء دستوري.
الانتخابات في موعدها
لكن هناك من يخالف ما طرح بشأن تأجيل الانتخابات ويرى أن الأسلم التمسك بالموعد المحدد على غرار محمد القوماني عض واللجنة العليا لحماية أهداف الثورة الذي يعتبر أن اجراء انتخابات المجلس التأسيسي في موعدها مازال ممكنا لا سيما بعد تأكيد الوزير الأول على التزامه بالموعد وبعد تأكيد الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة قيامها بما عليها لإجراء الانتخابات في موعدها وبعد تأكيد الأحزاب التي كانت تدع ولتأجيل الانتخابات أنها جاهزة لموعد 24 جويلية ولا ترى مانعا من المشاركة. وشدد محمد القوماني على أهمية تكاتف الجهود لتأمين الظروف للانتقال إلى سلطة شرعية تنهي الهشاشة الأمنية والسياسية الحالية بقطع النظر عن الصعوبات المطروحة.