اتفق عدد كبير من علماء الاجتماع والمختصين عبر العصور على أن الشعوب العربية هي أكثر الشعوب تغليبا للعاطفة على العقل وذهب بعضهم إلى العجز التام عن تفسير الظاهرة المتوارثة لديهم فيما قال آخرون إن للبيئة دور أساسي في ذلك ولقد عايشت شخصيا المجتمع الخليجي لعدة سنوات بالإضافة إلى معرفتي الجيدة وزياراتي المتكررة إلى ليبيا كما زرت بلدانا عربية أخرى ولئن كان هناك تباين في اللهجات والعادات والتقاليد فإنهم جميعهم من بسطائهم صعودا نحو نخبهم يتفقون على إعمال عاطفتهم قبل عقلهم وبالرغم من أن ابن خلدون لم يشر بشكل واضح إلى ذلك في كتبه حول علم الاجتماع لكنهم في النهاية خالفوا هذه المرة مقولته الشهيرة التي يرددها الجميع من أن العرب اتفقوا على أن لا يتفقوا ولعل البينة التي بين أيدينا تكفي للتدليل على كلامنا حيث تم تداول اسم جمال في البيوت العربية من المغرب إلى المشرق أيام جمال عبد الناصر الذي كان يمثل رمزا وقتذاك بالنسبة للآباء الذين ينتظرون مواليد جددا ومنهم من اختار لابنه اسم جمال عبد الناصر بالكامل وكتب التاريخ الحديث لبورقيبة اسما يتردد في تونس بشكل واسع تأثرا وإعجابا بالزعيم كما أخذ العقيد الليبي حصته فسمي عدد كبير من الليبيين أبناءهم على اسمه (لا ندري الآن هل أن المحاكم الليبية ستقبل لهم بتغييرهم) دون نسيان الرئيس العراقي صدام الذي أصدرت في شأنه وزارة الداخلية التونسية مرسوما لكافة البلديات بتحجير التسمية بأسماء الرؤساء أو الزعماء ربما بسبب تنامي الظاهرة في بداية التسعينات أو ربما بسبب غيرة المخلوع كما يقول أحد الأعوان بقسم الحالة المدنية كما عاينت شخصيا خلال إقامتي بالمملكة السعودية تكاثرا لافتا لأسماء من نوع فهد و عبدالله وفيصل تأثرا بأسماء ملوكهم بل إن الأمر تجاوزهم ليصل للتونسيين والمغاربة المقيمين هناك ولا تقتصر الحالة طبعا على تونس أو السعودية أو مصر بل تهم كافة الشعوب العربية بنسب متفاوتة ويبقى السؤال لماذا لم يستأثر زين العابدين بإطلاق اسمه على المواليد الجدد حتى في بواكير رئاسته للدولة هل يعود ذلك لثقل النطق أم لطول الاسم المركب ؟ لا ندري.. هو طالب جامعي أصيل ولاية قبلي قابلته بحكم المهنة من مواليد 1989 اختار له أبوه رحمه الله اسم يحيى أسوة بالنبي يحيى عليه السلام لكن المشكل الآن وليس الأمس يكمن في لقبه ألا وهو بنعلي حيث صار الطالب المسكين كلما سئل عن اسمه خاصة بعد الثورة ارتبك وهمهم في نطقه يقول يحيى طالبا نصيحتي ربما لا أدري هل أستطيع أن أغيره أم لا ؟ وأجبته لا لا فائدة فذاكرة الشعوب قصيرة والتونسيون مهتمون بأشياء أخرى هذه الأيام غير بنعلي وليلاه.