من الواضح أن الإشكاليات الدستورية والقانونية والإجرائية ستظهر كثيرا على الساحة هذه الأيام، فبعد جدل موعد انتخاب المجلس التأسيسي و"ترجيح" حسمه من قبل مجلس الوزراء الذي اكتفى ب"التوصية" باحترام موعد 24 جويلية. بمعنى الإبقاء على باب التأجيل مفتوحا لو لم يعمل رئيس الجمهورية المؤقت الحاضر في الاجتماع- على تنفيذ هذه التوصية، أشار البعض إلى خلل دستوري وهو المتمثل في ضرورة صدور أمر يوم 24 ماي على أقصى تقدير يدعو الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس التأسيسي. فحسب مقتضيات الفصل 30 من المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي فانه من الضروري إعداد أمر يقضي بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يوم 24 جويلية 2011 ليصدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم الثلاثاء 24 ماي 2011 كأقصى أجل بعد أن كان رئيس الدولة المؤقت أمضاه يوم الجمعة 20 ماي 2011.. وقد صدر هذا الأمر فعلا في الرائد الرسمي مما يعني ان احترام الأجل المحدد قد تم قانونا. لكن وبعد تجاوز هذا الإشكال، يبدو أن إشكالا دستوريا ثانيا سيطرح هذه الأيام وهو المتعلق بصدور الأمر القاضي بإحداث مجلس تأسيسي، فلحد الآن ورغم صدور النص التشريعي المتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي، فانه وحسب بعض خبراء القانون الدستوري فان هذا النص غير كاف ووجب أن يسبقه نص إحداث المجلس نفسه. ويبدو أن هذا الإجراء الهام جدا تم تناسيه من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وذلك في غمرة اغراقها في ملفات ومسائل هامشية على غرار العهد الجمهوري. وحسب خبراء القانون الدستوري فان نص إحداث المجلس التأسيسي يبقى هو الأساس والدعامة ودونه ستدخل البلاد في مأزق دستوري جديد ينضاف إلى عديد المآزق الأخرى. وفي هذا الاطار يقول الاستاذ قيس سعيد استاذ القانون الدستوري انه لا يوجد الى حد اليوم نص ينشئ المجلس الوطني التأسيسي فكيف تتم الدعوة الى انتخابات لهيئة لم يتم انشاؤها قانونا. وهو نفس التوجه الذي سار فيه الاستاذ صغير زكراوي الذي تساءل عن مدى قانونية الانتخابات ومدى الاوامر الصادرة مؤخرا في ظل عدم صدور الامر المؤسس للهيكل موضوع الانتخابات. ويرى الأستاذ سعيد ان إمكانية تدارك هذا الأمر وارد لكن اللخبطة واضحة وكان من المفروض عدم سقوط خبراء ولجان في مثل هذا الامر. مشيرا أن الإشكال ليس دستوريا باعتبار ان الدستور توقف العمل به بل الاشكال قانوني بحت. نقطة دستورية أخرى لاحت منذ الليلة قبل الماضية وهو تمسك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتأجيل الموعد إلى 16 أكتوبر مهددة بالاستقالة، وحول هذه النقطة يتساءل الأستاذ الزكراوي عن أحقية هذه الهيئة باتخاذ قرار التأجيل والحال أنه وقع تحديد الأجل وصدر الأمر الذي تم فيه دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس التأسيسي يوم 24 ماي.