بخضوعها إلى الرغبة الإسرائيلية وسحبها مشروع قرار تقدمت به إلى مجلس الأمن الدولي لإقرار ما تم الاتفاق بشأنه في مؤتمر أنابوليس تكون الإدارة الأمريكية قد جردت مجلس الأمن من آخر ما تبقى له من مصداقية في سياق شعارات احترام الشرعية الدولية والعودة إلى الهياكل الأممية لحل النزاعات. وما دامت إسرائيل لم يرق لها المشروع الأمريكي لأنه "غير ملائم" فلا تبدو آفاق تنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه مشجعة وما دام الأمر يتعلق بإسرائيل فلا بأس إن رضخت أمريكا وحتى إن لزم الأمر فإن إدارة بوش قد تجعل ما تم الاتفاق بشأنه في أنابوليس وهو أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الفلسطينيون لاغيا وكأن شيئا لم يكن. انتظر العالم دون أن يحبس أنفاسه نتائج المؤتمر كما أنه لن يفاجأ بما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية بسحب مشروع القرار وبالتعلة الإسرائيلية لأن حكومة تل أبيب كغيرها من الحكومات السابقة لا تريد التعهد بتنفيذ الالتزامات كما كان ينص عليه المشروع وبالتالي بات واضحا أن أولمرت لن يكون رابين آخر وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام بخصوص احتمالات التوصل إلى اتفاق للسلام مع الفلسطينيين بحلول نهاية عام 2008. ولكن كيف للجانب الفلسطيني أن يثق في حكومة إسرائيلية تتهرب حتى من تحمل المسؤولية وأن تكون في مستوى الالتزام بتنفيذ ما تم التفاهم بشأنه بين محمود عباس وأولمرت.. وما مدى مقدرة الإدارة الأمريكية الحالية وهي في سنتها الأخيرة من ولايتها الثانية على حمل إسرائيل على تنفيذ ما تعهدت به في أنابوليس؟ سؤالان لا يمكن من خلالهما إلا توقع الأسوإ في ظل انقسام فلسطيني وسنة انتخابية أمريكية ووضع سياسي هش لأولمرت ومن شأن أول عثرة على أبواب مجلس الأمن أن ترجح كفة المتشائمين قبل انعقاد مؤتمر أنابوليس بل وحتى المعارضين له.. وللأسف كل ذلك حصل لأن الإدارة الأمريكية لا يمكنها أن تحرج إسرائيل وأن تضعها على طريق السلام. ولئن كان المشروع الأمريكي يحث في خطوطه العريضة على السعي إلى التوصل إلى اتفاق سلام وتقديم مساعدات للاقتصاد الفلسطيني وهو أقصى ما يمكن المطالبة به في هذا الظرف فإن أخطر ما في الأمر أن يكون بعض التفاؤل الذي سبق المؤتمر والتعبئة لوسائل الإعلام الأمريكية مجرد سحابة صيف، عابرة لكنها قد لا تعني بالضرورة استبعادا كليا لتلبد الأجواء.