في ردّه على الانتقادات الفلسطينية بخصوص إعلان الحكومة الإسرائيلية مناقصة لبناء 300وحدة سكنية جديدة في القدسالشرقية... وفي خطوة لا تبدو بالتأكيد اعتباطية أكد مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن حكومة تل أبيب تميز بوضوح بين الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. وردّا على سؤال عما إذا كانت الخطوة تعد نسفا لتعهّدات أولمرت للرئيس الفلسطيني الذي طالب بوقف كامل للاستيطان قال ريجيف «لا على الإطلاق»! إن مثل هذه السياسات والمواقف لم تعد غريبة من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي سعت جميعها لحدّ الآن إلى التملّص من كافة القرارات الدولية واعتماد سياسة الأمر الواقع منهجا في التعامل مع الفلسطينيين. وفيما اعتبر المفاوض الفلسطيني صائب عريقات الخطوة الإسرائيلية نسفا للنتائج التي تم التوصل إليها في أنابوليس وتقويضا لها قبل البدء بتنفيذها، وجه الرئيس الفلسطيني رسالة إلى الرئيس الأمريكي يطالبه بالتدخل الفوري لوقف النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، وضرورة أن تمارس الإدارة الأمريكية باعتبارها راعية لعملية السلام واللجنة الرباعية الضغط على إسرائيل. في الواقع إن قرار طرح المناقصة لبناء منازل جديدة في القدسالشرقية والتصعيد المتواصل في قطاع غزّة يشكل من جانب عراقيل وعقبات جديدة أمام ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر أنابوليس الأخير وما نصت عليه خطة خارطة الطريق سنة 2003 والقاضي بتجميد الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، ومن جانب آخر استخفافا بتعهداتا بمقتضى الاتفاقات التي عقدتها مع السلطة الفلسطينية مستمرة في اتباع سياسات الاستيطان ومصادرة الأراضي حتى لو كان ثمن ذلك تدمير «عملية السّلام» وتخريب جميع الجهود المبذولة إلى حدّ الآن. إن تأكيد المسؤول الإسرائيلي أن حكومته تميز بوضوح بين الضفة الغربيةوالقدسالشرقية لا يعني إطلاقا مجرد تمييز إجرائي وإنما يعني في خلفياته ومستنداته السرية أن القدس خارج الضفة كما يطالب الفلسطينيون ويعتبرونها عاصمة دولتهم المرتقبة والتي لا يمكن التنازل عنها والتي عدت من القضايا الرئيسية مثلت ومازالت عقبة في مفاوضات الوضع النهائي وجوهر الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي خاصة بعد قرار الضم واعتبار القدس بجزئيها الغربي والشرقي عاصمة الدولة العبرية. وفيما اكتفت الإدارة الأمريكية كعادتها بالصمت ولم تدل بأية تعليقات عدا التعبير عن قلقها من الخطط الإسرائيلية بتوسيع الاستيطان في القدس إلا أن هذه الخطوة الجديدة تعد أولى بوادر خلاف علني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ مؤتمر أنابوليس ومطالبة بوش حكومة أولمرت بوقف الأنشطة الاستيطانية. في الحقيقة إن القلق الأمريكي لا يكفي لصنع سلام حقيقي، أما أن سياسة ممارسة التخفي باستمرار والتملص من لعب دور الوسيط النزيه والضغط على تل أبيب لاحترام الاتفاقات وتعهداتها تجاة السلطة الفلسطينية لا يمكن هو الآخر أن يتواصل في ظل الخرق الإسرائيلية المتواصل والاعتداءات اليومية على الشعب الفلسطيني الأعزل. لا شكّ أن إسرائيل ما كانت لتمضي قدما في هذا النهج لولا الضوء الأخضر الأمريكي وسياسة المكيالين التي مارستها طويلا وهو ما لا يتماشى ودورها كدولة كبرى لها مسؤولية سياسية تجاه الأمن العالمي ومسؤولية أخلاقية وانسانية تجاه الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال منذ عقود وهي سياسة تجلت مجددا بوضوح مؤخرا من خلال تراجع الإدارة الأمريكية عن مشروع قرار كانت قدمته إلى مجلس الأمن الدولي يلزم الدول الراعية لعملية السلام بتقديم الدعم الكامل لها بمجرد أن اعترضت عليه حكومة أولمرت.