محمد الطوير بقدر ما تعرضت الشعوب العربية إلى نكبات ونكسات لعبت عديد القوى الغربية وحتى الشرقية، ونخص بالذكر الاتحاد السوفياتي السابق، دورا حاسما في تكريسها، إلا أنها تظل أقل وطأة من نكبتها في حكام تسلطوا عليها واستحكموا السيطرة على مقدراتها رافضين الانصياع لمبادئ الديموقراطية وسنة التداول على السلطة، حكام بلغ بهم الجبروت والاستبداد حد السعي لتحويل أنظمة الحكم في بلدانهم إلى ملكيات برداء جمهوري تُورث فيها السلطة، ولا يخرج منها الحاكم إلا بانتقاله إلى الجوار الأعلى، أو بفعل ثورة شعبية أو انقلاب. مثل هؤلاء الحكام لم يستوعبوا دروس التاريخ ولم يأخذوا العبرة من تجارب آخرين سبقوهم وأرغموا على الانصياع لحراك الشارع العربي المناشد للحرية والديموقراطية والكرامة والعدالة، وظلوا متمسكين بسلطة لفظتهم وفقدت شرعيتها لقيامها على أسس بعيدة كل البعد عن مبادئ العدالة والديموقراطية، وهم من خلال إصرارهم وتعنتهم على المضي قدما في النهج الخاطئ الذي سلكوه على امتداد عقود من الزمن إنما يدفعون بلدانهم في فوهة المجهول والمستقبل الغامض، كما أنهم يحكمون على أنفسهم بمصير مظلم من خلال إغلاقهم كافة السبل الممكنة لتسوية سلمية محتملة للأزمات التي تسببوا فيها. ولعل ما حدث أمس في اليمن الشقيق من استهداف للرئيس علي عبد الله صالح بالتصفية الجسدية يقدم أفضل دليل وبرهان على أن اختيار نهج التصادم مع الشعوب التواقة للتحرر من ربقة التسلط والطغيان وخصوصا في الوقت الراهن الذي استفاقت فيه الشعوب العربية من حالة السبات التي فرضت عليها وحزمت أمرها على تقرير مصائرها بنفسها، بدل السعي للاستجابة لمطالبها المشروعة، طريقه مسدود ونتيجته ستكون كارثية لا محالة. إن مختلف الشعوب العربية، من المحيط إلى الخليج، اختارت إنهاء عصر النكبات والنظر إلى المستقبل بأكثر تفاؤل وأمل، وطوق النجاة الوحيد لحكامها مسايرتهم وتلبية تطلعاتهم الشرعية والمشروعة، وإلا.. فمصيرهم المحتوم معروف، والمؤمل أن يدركوا الطريق الصحيح قبل فوات الأوان.