تتسارع الأحداث في اليمن بعد مغادرة علي عبد الله صالح البلاد إثرإصابته للعلاج في السعودية لتدخل البلاد في مرحلة جديدة يصعب فك رموزها. فهذا البلد الذي «اسقط» ثالث الديكتاتوريات العربية أو كاد بعد جهد جهيد يقف أبناؤه على مفترق طرق وسيناريوهات عديدة ستحدد ملامح اليمن الجديد خلال الأيام والأشهر القادمة. ثقافة القبلية فثورة ساحة التغيير تختلف عن سابقاتها في ساحة القصبة وميدان التحرير. فتونس التي فكت قيود الأنظمة الديكتاتورية وكسرت حاجز الخوف تتميز بتماسك مجتمعي ونزوع شعبها إلى الوحدة الوطنية رغم بعض الإستثناءات ما ساهم في وحدة المؤسسة العسكرية التي أخذت بزمام الأمور وحافظت على استمرارية عمل المؤسسات وكذلك الشأن في مصر حيث تولى الجيش إدارة البلاد بعد ازاحة مبارك. أما اليمن فالأمر مختلف والوضع يبدو أشد تعقيدا ناهيك أن البلد لا زال تحكمه ثقافة القبلية وتخيم على أبنائه عادات وتقاليد الماضي؛ لذلك يفترض أن تبادر القبائل إلى أخذ زمام المبادرة عوض القوات المسلحة التي يغلب عناصرها ولاءاتهم القبلية على أي انتماء آخر. فأوامر شيخ القبيلة مطاعة حتى و إن تعارضت مع تعليمات القادة داخل المؤسسة العسكرية. لذلك يخشى بالفعل على بلد بلقيس من التفتت إن لم يبادر أبناؤه إلى تلافي هذه المعضلة. سيناريو التقسيم ويري عديد المراقبين ان سيناريو تقسيم البلاد حاضر بقوة خاصة في ظل وجود مصلحة أجنبية خارجية في إضعاف وحدة البلاد للانقضاض على ما يتمتع به من موقع استراتيجي وللسيطرة خصوصا على مضيق باب المندب، معبر السفن التجارية و العسكرية والسياحية القادمة من قناة السويس و البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، والذي يعد أهم الطرق التجارية الدولية التي يسيل لعاب القوى الاقليمية والغربية الكبرى للسيطرة عليه بكافة الوسائل والحيل الممكنة. فالمرحلة التي يمر بها اليمن جد حساسة وتتطلب تضافرالجهود للخروج بهذا البلد من محنته كي لا يقع فريسة القتتال الطائفي والقبلي أوالحرب الأهلية التي هدد بها صالح قبل خروجه. فالبلد مطمع للقوى الأجنبية ومنها إسرائيل لما يتمتع به من موقع استراتيجي على تخوم كبرى آبارالبترول بجزيرة العرب وخليجها و لإطلالته على أهم طريق بحري دولي. مجلس انتقالي ويرى محللون أن الحل في اليمن الذي يضمن الانتقال الهادئ للسلطة يكمن في تأسيس مجلس انتقالي تتمثل فيه جميع الأطياف السياسية والقبلية والمذهبية على السواء بما في ذلك الحوثيين الشيعة والجنوبيين الانفصاليين. في حين يؤكد البعض بأن حكم صالح وإقصاءه لشرائح عديدة في التكوين المجتمعي اليمني هو الذي دفع إلى خروج أصوات الإنفصال في الجنوب في المرحلة الماضية وأتى بمشكلة الحوثيين وأن حكم صالح الديكتاتوري هو الذي دفع البلاد إلى فوهة المطالبات الانفصالية وإن هذه المطالب ستخف وطأتها تدريجيا لأن دوافعها باتت من الماضي. و يؤكد أغلب المحللين على أن من سيحكم بعد صالح سيأتي بإرادة شعبية وستوصله انتخابات ديموقراطية عادلة يؤمنها المجلس الانتقالي الذي سيحكم خلال الفترة المقبلة إذا توافقت المكونات السياسية والمجتمعية للبلد على قيامه لكونه مصلحة وطنية بالدرجة الأولى سيقود اليمن إلى بر الأمان ويحقق للشعب اليمني التداول السلمي على السلطة في دولة مؤسسات حقيقية حرم منها بسبب زمن الديكتاتورية التي ميزت حكم صالح.