باردو (وات) بتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي تولى السيد محمد الغنوشي الوزير الاول اختتام مداولات مجلس النواب حول ميزانية الدولة لسنة 2008 وابلغ النواب تقدير سيادة الرئيس لما تميزت به هذه المداولات من حوار ثري احاط بمختلف جوانب المسيرة التنموية وبابعادها واتاح التعمق في استشراف افاقها. وسجل باعتزاز اكبار النواب للاختيارات التي ارساها رئيس الجمهورية والتي ما فتئت الايام والاحداث تثبت صوابها ونجاعتها وتفاعلهم مع التوجهات التي رسمها لدفع مسيرة تونس على درب الارتقاء بها الى مصاف الامم المتقدمة ولتوطيد اركان مناعتها وعزتها. ولاحظ الوزير الاول ان المداولات حول مشروع ميزانية 2008 مثلت احد تجليات المناخ الديمقراطي التعددى الذي تتناظر في كنفه العائلات الفكرية والسياسية وتطرح اراءها ومقارباتها بكامل الحرية. كما جسدت منهج الحوار البناء حول مسيرة تونس وسبل اثراء ما تراكمه من انجازات ورفع ما تواجهه من تحديات مشيرا الى انه لئن تعددت الاراء وتنوعت المقاربات فان الهدف الاسمى يبقى خدمة الصالح العام الذي يرقى فوق كل الاعتبارات الحزبية والانتماءات السياسية. كما سجل بارتياح ما افرزته المداولات من افكار ومقترحات ستعمل الحكومة على الاستئناس بها لمزيد تفعيل اداء سائر القطاعات وما ابرزته من التزام اعضاء هذا المجلس الموقر بالاسهام في تجسيم البرامج والاهداف المرسومة للمرحلة القادمة. واشار الى ان مختلف ابواب الميزانية ابرزت السعي الدؤوب للمضي قدما على درب تعزيز نجاعة الاقتصاد الوطني والارتقاء بقدرته التنافسية وحفز المبادرة ودفع الاستثمار وتوطيد مقومات النماء والرفاه لكافة التونسيين والتونسيات. وبعد ان ابرز الاهمية التي توليها الحكومة للتشغيل الذي يتصدر اولويات برنامج رئيس الدولة لتونس الغد اكد الوزير الاول توفق تونس الى قطع اشواط هامة على درب النهوض بالتشغيل من خلال برامج واليات تتماشى مع خصوصيات كل فئة من طالبي الشغل مشددا على ان وضع سوق الشغل ما زال يتطلب المزيد من العناية والاحاطة وكثيرا من الجهد خاصة في ضوء الارتفاع المتواصل للطلبات الاضافية. وبين ان مما يزيد في اهمية الرهانات في هذا المجال ما تشهده الطلبات الاضافية من تغير هيكلي مرده الارتفاع المطرد لخريجي التعليم العالي المقبلين على سوق الشغل الذي مر من 7 الاف في بداية التسعينات الى 60 الفا خلال السنة الجارية موضحا انه تم تخصيص الجزء الاوفر من الانتدابات في الوظيفة العمومية لفائدة اصحاب الشهادات العليا وكذلك حفز المؤسسات الاقتصادية على تحسين نسب التاطير صلبها بانتداب الكفاءات التي هي في حاجة اليها لتطوير اساليب التصرف والانتاج والتسويق بما يعزز مقومات الجودة والنجاعة فيها. وعبر الوزير الاول عن الامل في ان يتجاوب القطاع الخاص اكثر فاكثر مع الحوافز المتوفرة والتي اصبحت تكتسي اشكالا متعددة على غرار البرنامج الخاص بتشجيع المؤسسات على انتداب حاملي الشهادات العليا والذي تتحمل الدولة بمقتضاه 50 بالمائة من الاجور المدفوعة وتصل هذه النسبة الى 70 بالمائة بخصوص الذين يواجهون صعوبات محددة في الاندماج في سوق الشغل. واضاف انه بالتوازي مع هذا التوجه ترتكز الجهود على كسب رهان الجودة في مؤسسات التعليم العالي ودعم التخصصات الواعدة ذات التشغيلية العالية سيما من خلال تكثيف شعب الاعلامية والاتصالات والملتيميديا وترسيخ ثقافة المؤسسة في المسارات التكوينية للطالب باحداث شعب في هذا المجال وبعث فضاءات خاصة بالمؤسسة في الجامعات. كما اشار في السياق ذاته الى دعم مراصد الجامعات لتعميق الالمام بالواقع الاقتصادى وحاجيات سوق الشغل واقتراح مسارات التكوين الملائمة مؤكدا ان السعي متواصل لاستغلال كل الامكانيات المتاحة لتوسيع افاق التشغيل واذكاء روح المبادرة والانتصاب للحساب الخاص. وبين ان من مرتكزات هذا التمشي الاصلاحي تمكين جهاز التكوين المهني والتشغيل من ادوات عصرية في مجال التقييم والمتابعة والتخطيط لحاجيات الاقتصاد من المهارات وذلك بالخصوص من خلال انشاء المرصد الوطني للتشغيل والتكوين وانجاز الخارطة الوطنية للتكوين المهني وارساء نظام معلوماتي متطور حول التكوين وكذلك عبر اعتماد منهج الجودة في كامل مراحل التكوين طبقا للمواصفات العالمية باصدار مرجع وطني للجودة في التكوين يمكن مراكز التكوين من ذاتية التصرف واختيار المناهج والبرامج حسب طلبات المؤسسات. واوضح السيد محمد الغنوشي ان عدم التلاؤم بين التكوين وحاجيات الاقتصاد الوطني في عديد المجالات سواء منها التقليدية كالبناء والاشغال العامة او القطاعات المجددة كمراكز النداء يبقى من النقائص التي تستوجب اتخاذ الاجراءات والتدابير لمعالجتها. كما شدد على ما تستوجبه المرحلة المقبلة من التقدم في تجسيم التوجهات التي اقرها برنامج رئيس الجمهورية لتونس الغد بهدف جعل التكوين المهني مسلكا للنجاح والية ناجعة للاعداد المحكم لمهن المستقبل مذكرا بالاصلاحات الجديدة المدخلة في هذا الاطار على منظومة التربية والتكوين وخاصة منها احداث مسلك التعليم التقني ضمن التعليم الاساسي وايجاد معابر بين التعليم العام والتكوين المهني من جهة ومع التعليم العالي من جهة اخرى من خلال بعث باكالوريا مهنية. وتطرق الوزير الاول في جانب اخر من ردوده الى موضوع البحث العلمي والتجديد التكنولوجي والى الدور المحورى لهذا القطاع الاستراتيجي في توطيد اركان اقتصاد المعرفة وتوسيع افاق التشغيل في القطاعات الواعدة فبين بالخصوص ان السعي يتجه الى تدعيم الشراكة بين هياكل البحث والمنشئات الاقتصادية وتعزيز مشاريع البحث الابتكارى وحفز الباحثين على احداث المشاريع المجددة. واشار الى انه سيتم العمل على تطوير برامج البحث الايلافية والقطاعية وحصر البحث بكل دقة وفق منهجية واضحة مع التركيز على عدد من المجالات الحيوية او ذات الخصوصيات الوطنية على غرار الصحة والموارد المائية والطاقة بما يكفل تفادي تشتت مجهود البحث وضمان التركيز على مجالات محدودة لتحقيق نتائج ملموسة تستنبط الحلول للاشكاليات المطروحة في القطاعات المعنية. وبين السيد محمد الغنوشي انه بقدر ما تسعى الدولة الى توفير المحيط المناسب لدفع البحث العلمي والتجديد التكنولوجي وفق الاولويات الوطنية فانها تحرص على تفعيل دور القطاع الخاص في هذا المجهود من خلال ارساء اليات لحفزه على الاندراج في منظومة البحث والجديد التكنولوجي. واضاف ان هذه الاليات ستتدعم خلال الاشهر القادمة باحداث الوكالة الوطنية للنهوض بالبحث والتجديد وبعث المؤسسات والتي تتمثل مهامها في تثمين البحث العلمي واحكام الربط بين مؤسسات الانتاج وهياكل البحث العلمي. كما ابرز الوزير الاول الاهمية البالغة التى توليها الحكومة لتفعيل الشراكة مع الخارج والتعريف بالبرنامج الوطني للاقطاب التكنولوجية على الصعيد الدولي لاستقطاب المؤسسات لاقتصادية العالمية ومراكز البحوث الدولية للانتصاب بتونس وخاصة صلب الاقطاب وبعث مؤسسات امتياز للبحث والتجديد وفقا لاختصاصات كل قطب. واشار في هذا الخصوص الى عزم عدد من المؤسسات ذات الصيت العالمي بعث فروع لها في البحث العلمي والتجديد التكنولوجي في تونس نتيجة ما يتوفر بها من كفاءات بشرية عالية في عديد القطاعات ولدى تعرضه الى محور التنمية المستديمة الذي استاثر باهتمام النواب اكد الوزير الاول اقتناعه بان تحقيق الاهداف الوطنية في مجالات استحثاث نسق النمو ودعم القدرة التنافسية وتوفير محيط ملائم للانتاج والنهوض بالتشغيل يظل مرتبطا بتكريس معادلة التنمية المستديمة. وبين ان العمل سيتواصل من اجل تطوير اليات التحكم في الطاقة وترشيد استغلالها خاصة في قطاعات الصناعة والنقل وتنويع مصادر الطاقة عبر تعزيز استعمال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الغاز الحيوى ودعم البحث العلمي في مجال تطوير التقنيات المقتصدة للمحروقات. واكد ان سنة 2008 ستشهد تواصل دعم جهود البلديات في مجال تكثيف المناطق الخضراء والمنتزهات الحضرية فضلا عن تعزيز برنامج التصرف في النفايات الصلبة ومواصلة مقاومة التلوث الصناعي واستحثاث نسق التاهيل البيئي للمؤسسات الصناعية والسياحية ضمن برنامج التاهيل والتحديث في مجال المحافظة على الموارد الطبيعية ومقاومة التصحر. وبعد ان ابرز الاهمية التي يكتسيها تامين استدامة التنمية اوضح الوزير الاول ان الجهود سترتكز خلال السنة المقبلة طبقا لتوجهات المخطط الحادى عشر على دعم استغلال وتثمين الموارد المائية المتاحة وتحسين استغلال المناطق السقوية للرفع من مساهمتها في الانتاج الفلاحي الوطني. واكد السيد محمد الغنوشي العزم القوى على ترسيخ المد الاصلاحي الشامل في كنف تكريس التلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي والحرص الثابت على تدعيم الارضية الملائمة للعمل والانتاج وتوظيف كل الامكانيات والفرص المتاحة لتعزيز مقومات القدرة التنافسية الى جانب متابعة تطور الاوضاع العالمية باليقظة اللازمة والاستعداد لمجابهة كل المستجدات مشددا على ما يتطلبه تكريس هذا التمشي من جميع الاطراف الوطنية من احزاب سياسية ومنظمات مهنية ونسيج جمعياتي من تعميق للوعي باهمية الرهانات المطروحة وبالزامية كسبها باعتبار ذلك السبيل لبلوغ الاهداف المنشودة. كما ابرز الدور الكبير للاعلام الوطني في هذا المجال وذلك بالخصوص من خلال مزيد التعريف بالاختيارات والتوجهات في سائر المجالات وربط الصلة بين مختلف الاطراف المعنية