في رصيد المخرجة المصرية نيفين شلبي أكثر من 45 فيلما وثائقيا يرصد مشاغل المصريين ومعاناتهم أنتجتها لعدد من وسائل الإعلام على غرار قناة الجزيرة الوثائقية وتلفزيون هولندا أو لفائدة جمعيات ومنظمات غير حكومية على غرارمنظمة العفو الدولية. تقضي هذه المخرجة وقتها في الترحال بين محافظات بلادها لإقتناص القضايا التي تشغل الشعب المصري فما تكاد تستقر حتى تنتقل إلى مكان آخر فتصور أهل الصعيد تارة وأبناء القاهرة تارة أخرى كما أن تجاربها الخاصة لا سيما مشاركاتها في مناسبات فنية دولية تكون عادة منطلقا لأفلام. حلت نيفين شلبي مؤخرا بيننا في تونس وهي تتجول هذه الأيام في شوارع تونس العاصمة والمدن التونسية خاصة بالمناطق التي انطلقت منها الثورة قبل أن تسري في كامل البلاد. تتجول نيفين بين سيدي بوزيد وتالة والقصرين وتلتقي بعائلات الشهداء ومعهم تقضي أيامها حتى تنجز الجزء الثاني من شريطها الوثائقي «أنا والأجندا» الذي يخصص للثورة التونسية. التقينا بضيفة تونس وتحدثنا معها عن هذا الفيلم التسجيلي وكواليس تصويره في تونس كما تطرقنا لجديدها فكان الحديث التالي مع المخرجة المصرية نيفين شلبي.
باعتباري لم أعش تفاصيل الثورة التونسية ومعلوماتي عن أحداثها لا تتجاوز ما نقله الإعلام المصري الرسمي الذي كان مواليا لنظام مبارك قررت الانطلاق من بداية الثورة واعتمدت على التسلسل التاريخي للأحداث فزرت منزل أول شهيد سقط في تونس بالرصاص الحي وهو محمد العماري من منزل بوزيان في سيدي بوزيد ثم بقية عائلات الشهداء في القصرين وتالة وغيرها من المناطق التونسية التي دفع أبناؤها من دمهم ثمن الحرية.
ما الذي يدفع مخرجة مصرية لتصوير فيلم وثائقي عن الثورة التونسية؟
أعتقد أن العالم العربي بأكمله يعيش ثورة كبرى كانت شرارتها الأولى انطلقت من تونس لذلك كان من المنطقي أن أحاول معرفة تفاصيل هذا الحدث الكبير والمنعرج في تاريخنا العربي وشخصيا أومن أن الثورتين المصرية والتونسية ثورة واحدة علي رصدها. هدفي يتمثل في تقديم صورة عن محاولة هذا الشعب الرائع كسب حقوقه من كرامة وحرية وتكذيب كل ما قيل عن أجندات غربية لزعزعة استقرارالشعوب العربية وفضح الساسة العملاء وهم الحكام العرب. ذلك ما حاولت التركيز عليه في الجزء الأول من الفيلم الخاص بمصر وأواصل في نفس النهج في الجزء الخاص بتونس في انتظار جزء خاص عن اليمن وإن شاء الله ليبيا فيما بعد.
هل وجدت صعوبة في التوثيق لثورة لم تعيشيها وهل عاودتك نفس المشاعر التي سيطرت عليك بميدان التحرير وأنت ترصدين الذكريات التي عاشها أصحابها بالقصبة؟
صحيح أول ما وصلت إلى تونس لم أجد نقطة انطلق منها لكن بعد حضوري لندوة خاصة بحزب حركة الشعب تعرفت على عدد من المناضلين والمثقفين مكنوني من الاتصال بأهالي الشهداء وشباب تونسي شارك في ثورة 14 جانفي. كما صورت مع المحامي الذي تناقلت وسائل الإعلام العربية صرخته ليلة هروب بن علي وهو في شارع الحبيب بورقيبة وقد أبكى المصريين كما سيكون سليم عمامو أحد الوجوه الحاضرة في شريطي التسجيلي عن الثورة التونسية وبصراحة كنت أبكي أثناء تصويري مع أبناء الثورة التونسية وعائلات الشهداء واسترجعت كل ما مررنا به في مصر في ميدان التحرير.
لم تجدي إذن فرقا كبيرا بين الثورتين التونسية والمصرية؟
المشاعر كانت نفسها فكم الحب بين الشعبين كبير والأحداث متشابهة فالشعبان يعانيان من ذات المشاكل كالعدالة الاجتماعية، استفحال الفساد والرشوة وبطالة الشباب لكن مراحل ما بعد الثورة تختلف بحكم خصوصيات كل بلد ومساره السياسي.
فيلم عن أنجح الثورات العربية أكيد سيكون له حظوظ في المهرجانات الدولية فهل تفكرين في هذه المسألة حاليا؟
سأقدم الفيلم بجزأيه المصري والتونسي في المسابقة الرسمية لمهرجان فانسيا وأرجو أن يتم قبوله كما أرغب في المشاركة في أيام قرطاج السينمائية وأعمل على عرضه في قاعات السينما المصرية طيلة أسبوع حتى أكسر قاعدة أن الفيلم الوثائقي لا يجلب جمهورا للقاعات السينمائية.
أثارت مشاركتك في المهرجان الفرنسي اللقاء السادس للصورة إلى جانب مخرجة اسرائيلية انتقادات بعض من أهل السينما فهل تعتقدين أن الاحتكاك الفني مع الصهاينة أفضل من الانسحاب؟
أنا مع المواجهة لا الانسحاب فالتطبيع كلمة عربية الصنع وفزاعة يستغلها البعض لإخافتنا أولتمثيل أدوار البطولة فحربنا مع إسرائيل لن نكسبها الا بمواجهة هذا العدو بسلاحه وهوالحضور والتواجد في أكبر المهرجانات العالمية لندافع عن هويتنا لذلك لم انسحب من مهرجان اللقاء السادس للصورة بالمركز الفرنسى للثقافة والتعاون بعد مشاركة مخرجة إسرائيلية لأن الضرر يكون أكبر بالإنسحاب. فالإسرائليون يصرون على فرض وجهة نظرهم في تعاملهم مع العالم المحيط بهم فيما نتقوقع نحن على أنفسنا وهذا الأسلوب لا يخدم القضية الفلسطينية ولا المبدع العربي.
زيارة نيفين شلبي الى تونس هل ستقتصر على فيلم عن الثورة أم أن لهذه التجربة فوائد أخرى؟
سأخوض مغامرة إخراج فيلم كوميدي طويل ولأول مرة بعد زيارتي لتونس حيث اكتشفت مدى حب الشعب التونسي للمصريين وعن تجربتي الشخصية سأكتب صحبة صديق لي كان شارك في ثورة مصر فيلما بعنوان «إحنا آسفين يا حمزة» يصور مغامراتنا في هذه الرحلة وكيف أنه يمكن أن تكون معاني مفردات من اللهجة التونسية مختلفة عما تعنيه في مصر وأحيانا تكون عكسية تماما في لهجتنا المصرية. سيتكون الفيلم من مجموعة من المواقف الكوميدية تقع في فترة الثورة التونسية من خلال زيارة ثنائي مصري تونس للسياحة رفقة صديقتهما المخرجة التي تبحث عن تفاصيل الثورة في تونس وتختلف الصور في تمازج بين شهداء يسقطون في مدن داخلية وصور لمواقع سياحية يكتنفها الهدوء وأفكر في التعامل في الشريط الذي أتوقع تصويره نهاية 2011 في تونس مع كل من أحمد عز وياسمين عبد العزيز ومنة شلبي.
هل أنت من المخرجين المدعمين لفكرة القائمة السوداء للفنانين أم تفصلين بين العمل الفني ومواقف الأشخاص؟
تحيا القائمة السوداء فهؤلاء الأشخاص لا يستحقون أن يكونوا فنانين لأن المبدع هو الأكثر إحساسا وثقافة وفكرا والأكثر قربا من هموم شعبه وهذه الصفات لا يستحقها من وردت أسماؤهم في القائمة السوداء فكيف لممثل مثل طلعت زكريا يتهم الثوار بممارسة الرذيلة وتعاطي المخدرات وهو لم يكن حاضرا معنا في الميدان لم يشاهد أصدقاءنا يسقطون شهداء أوغادة عبد الرازق وتامر حسني وغيرهم. بالنسبة لي هم عملاء وخونة واختاروا الجانب الظالم رغم أن الشعب هو من صنع نجوميتهم.
دخول الإسلاميين السوق السينمائية هل سيضيف للفن المصري أم يوجهه ويراقبه؟
إن التعددية في السينما بدورها مهمة جدا كما أن حضور أكثر من رؤية سينمائية ينقذ السينما المصرية من طابعها التجاري المسيطر على مضامينها خاصة في السنوات الأخيرة.