تتجه كل اهتمامات الراي العام ووسائل الإعلام المحلية والعالمية اليوم الى محاكمة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في القضية عدد 23005 المرفوعة أمام الدائرة الجنائية ضده وزوجته ليلى الطرابلسي في القضية المعروفة ب"قضية قرطاج" على خلفية استهلاك المخدرات وحيازة أسلحة وآثار منقولة . واذا كان القاضي التوهامي الحافي قد أعلن الخميس الماضي عن تأجيل النظرفي هذه القضية إلى اليوم في ظل تواصل إضراب القضاة فإن هذا التأجيل صنع الكثير من الجدل خاصة بعد أن أصدرت وزارة العدل بيانا نددت فيه بموقف نقابة القضاة الذي تسبب في تعطيل المرفق القضائي في بعض المحاكم طيلة 3 أيام "مما أدى الى المس بمصالح المتقاضين وعطل البت في القضية الثانية المتهم فيها الرئيس السابق." كما جاء في البيان أن استقلال القضاء الذي أصبح حقيقة ملموسة يشهد بها الجميع ينبغي أن يستعمل في مكانه لرد المظالم لا أن يتخذ سببا في تعطيل البت في قضية يتعطش المواطنون لمعرفة مآلها والتي يبدو أن النقابة قد حسبت حساباتها لتشمل أيام الإضراب على حد تأكيد البيان . ولئن أفضى هذا البيان الى جدل أوسع في ظل تزايد اختلاف وجهات النظر فإن «الأسبوعي» حاولت رصد مواقف مختلف الأطراف باستثناء وزارة العدل الذي اتصلنا بناطقها الرسمي رغبة منا في استطلاع كل الآراء لكن لم يتسن لنا الحصول عليه .
خاص حسني الباجي محامي المخلوع ل "الاسبوعي": "هذا ما قاله لي بن علي.. وأطالب بسماع قديش وعدة وزراء" صرح محامي الرئيس المخلوع حسني الباجي الذي كلفته الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين صحبة اربعة محامين للدفاع عن بن علي امام المحاكم التونسية- ل»الاسبوعي» ان تأجيل القضية لم يكن مشروعا باعتبار ان اضراب القضاة لم يكن قانونيا وهو ما ادى الى ارباك الدفاع الذي كان جاهزا لتقديم مجموعة من الدفوعات الشكلية والطلبات التي من شانها ان تجلي الحقائق في مايخص ما سمي بقضية قصر قرطاج. موضحا «المحكمة عند دخولها في الاضراب اربكت الدفاع الذي يعد من الشروط الدولية للمحاكمة العادلة. وبشأن قضية اليوم قال الباجي «سأطلب تأجيل القضية الى موعد لاحق لتمكيني من لقاء منوبي بالعربية السعودية في اخر هذا الاسبوع بالتنسيق مع بعض افراد عائلته. كما طلبت سماع شهود من بينهم وزراء في النظام السابق وبعض اطباء منوبي ومن بينهم محمد قديش الى جانب اختبار لملفه الطبي». وشدد الباجي ان المحاكمة تكون غير عادلة اذا لم تستجب لطلباته لأحقيته في مناقشة جميع الحجج والقرائن والاتهامات الواردة بلائحة الاتهام متابعا «لا اخفي عليكم خوفنا من عدم تمكيننا من الدفاع وفي هاته الحالة سيكون لنا موقف تاريخي وسنكشف عديد الحقائق لاني اثناء دراستي لملف القضية بعمق امكن لي التعرف على عديد المعطيات والحقائق الاخرى التي ترتبط بجزئياتها» وحول ردود فعل منوبه بشان مجريات القضية اكد الباجي ان ما نقل له بواسطة افراد عائلة منوبه يعكس استياءه من الاتهامات التي وجهت له والتي يعتبرها باطلة من اساسها لكنه في المقابل عبر عن احترامه لهيئة الدفاع وابدى استعداده للتنسيق معها وهو ما يفسر استعداده للسفر الى جدة في نهاية هذا الاسبوع. وعن مدى تعرضه الى بعض الضغوط من الراي العام على خلفية دفاعه على الرئيس المخلوع اشار محدثنا الى انه يجد كل الاحترام من مختلف اطياف الشعب التونسي لوعيهم بان حق الدفاع مقدس «ولو كانت السكين مازالت تقطر دما» على حد وصفه.
القضاة يوضحون «الوزارة مازالت تعتمد التهديد ولم تتخلص من أساليب النظام البائد» عبر كل القضاة الذين تحدثنا إليهم عن انزعاجهم من الاتهامات التي وجهتها إليهم وزارة العدل من خلال البلاغ الذي أصدرته وذهبوا إلى حد التاكيد على أن سلطة الإشراف هي التي «تضع العصا» في عجلة القضاء بما من شأنه أن يؤثر سلبيا على سيرالنظر في ملفات المورطين في الفساد . وقال القاضي نبيل النقاش أن الوزارة هي التي تخلت عن تهداتها وحملت مسؤولية البطء في التعامل مع بعض الملفات الى القضاة في الوقت الذي يبذلون فيه جهودا كبيرة وعلى استعداد لمحاكمة كل رموز الفساد لينال كل عقابه في إطار محاكمة عادلة تتوفر فيها الشفافية. ثم تساءل كيف: «نريد تعطيل سير محاكمة الرئيس المخلوع والمحاكمة غيابية؟» .كما كشف أن الوزارة مازالت لم تتخلص من أساليب العهد البائد وقد هددت الكاتب العام الحالي لنقابة القضاة بشكاية من طرف شخص لما تم عرض إسمه على وزارة الداخلية لم تعثرله على اثر وهي مسالة خطيرة تطرح عديد التساؤلات خاصة إنها تحصل بعد الثورة في الوقت الذي يعمل فيه الجميع على استقلالية القضاء. وأضاف «الوزارة هي التي تتحمل مسؤولية ما يحصل لأنها تخلت على تعهداتها أثناء المفاوضات بين الهيئة المديرة للنقابة واللجنة الرباعية بعد ان اقرت أمام أعضاء الهيئة بتبني مبدإ الترقية الآلية ثم تراجعت ومن ناحية ثانية أصدرت النقابة بيانا تدعوفيه الوزارة الى عدم تمريرقانون المحاماة لكنها أرادت ضرب القضاة بأسلوبها وإحراجها أمام الراي العام وهي لا تعلم أن الشعب يفهم كل كبيرة وصغيرة»