بعد أن أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس في غضون الايام الماضية حكما ابتدائيا استعجاليا بتسمية متصرف قضائي على الاتحاد الوطني للمرأة التونسية يعهد له تصريف عمله اليومي الاداري والمالي بصفة مؤقتة الى حين اعادة انتخاب هيكل قانوني لتسييره، وبالتالي حل المكتب التنفيذي للاتحاد والنيابات ورؤساء الفروع اصبح بذلك المتصرف هو الهيئة الشرعية الممثلة لهذه المنظمة في الوقت الراهن .وعلى خلفية هذا القرار القضائي شهدت بعض النيابات الجهوية للاتحاد النسائي على غرار النيابة الجهوية للمراة بصفاقس حراكا وتجاذبات كبيرة وصلت الى حد العنف وتعرض عدد من المعتصمات والمطالبات بحقهن الى العنف. في ظل تعالي الاصوات المنددة بتنحي النائبة السابقة للاتحاد بصفاقس روضة كمون كعنيش، عقد المتصرف القضائي اجتماعا مع موظفات النيابة الجهوية بصفاقس اللاتي اعلمنه بهروب كعنيش بالوثائق التي تدينها وذلك بعد الثورة. كما ابلغنه رفضهن التعامل معها مباشرة لكونها وعلى حد تعبيرهن تمثل رمزا من رموز الفساد السياسي والمالي مشددين على معاناتهن منها طيلة فترة نيابتها حيث لم تتدخر أي جهد في اهانتهن وهضم حقوقهن الشغلية، وقد قدمن شهادات تظلم له في الغرض. وبعد انتهاء الجلسة بين الطرفين (المتصرف وموظفات النيابة الجهوية بصفاقس) تم تكليف عواطف الفخفاخ مسؤولة عن الادارة ومنية شبشوب على الامور المالية خلفا لكعنيش التي قامت برفع قضية استعجالية ادعت فيها قيام عدد من النساء باقتحام مقر الاتحاد وطلبت اجبارهن على المغادرة (عدد القضية 61443) وللاشارة فقد قضت المحكمة في ماي الفارط برفض مطلبها. مراسلة من المتصرف.. فوجئت الموظفات تحديدا بعد ذلك بمراسلة من المتصرف القضائي ارسلها الى والي صفاقس ضمنها حرفيا ان النائبة السابقة روضة كعنيش لا تزال النائبة الجهوية الشرعية للاتحاد بولاية صفاقس الى غاية انعقاد الانتخابات الجهوية. ولقد اثارت هذه المراسلة وما احتوته حفيظة موظفات النيابة الجهوية للاتحاد الى حد اعتبار احداهن «ان اعادة النائبات الى مهامهن السابقة بنفس الامتيازات والمهام يعد خرقا لمنطق الحكم الاستعجالي القاضي..كما ان هذه المراسلة ستنجر عنها فوضى وبلبلة خاصة وان كعنيش هي احد رموز الفساد المالي والسياسي التي يجب محاسبتها وهي الان رهن التحقيق.» استيلاء ..فاعتداء بالعنف بعد ان تسلمت روضة كعنيش هذه المراسلة سارعت الى احتلال مقر النيابة للقيام باجتماعات حملتها الانتخابية وقد اقتحمت (حسب ما ورد في تقرير للاستاذة ذكريات معطر ارسلته الى المكلف العام لنزاعات الدولة) مكتب المحاسبة ليلا بعد خروج الموظفات من المقر وذلك يوم 20 ماي 2011 قبل استدعائها من طرف قاضي التحقيق لسماعها، وقد غيرت اقفال المكتب دون المكاتب الاخرى وقد تم تحرير محضر معاينة في الغرض. في المقابل اتصلت الموظفات بالمتصرف القضائي والقاضية لاعلامهما بما جرى ولوضع حد نهائي لسير الاحداث في النيابة الجهوية للمراة بصفاقس وقد امتنعن عن مواصلة العمل واعتصمن خارج النيابة الا انهن لم يصلنهن أي رد، بل ان كعنيش قد قامت بتهديدهن بحرمانهن من وظائفهن. والتعدي عليهن وهو ما ابرزنه في البيان الذي وجهنه للراي العام .وللاشارة فان هؤلاء الموظفات لم يتحصلن على جرايتي ماي وجوان الى حد كتابة هذه الاسطر. نائبة مستقلة.. من جهتها اكدت الاستاذة ذكريات معطر انها التقت بوزيرة المراة والوالي وغيرهما من الشخصيات الفاعلة لدعوتهم لانقاذ المنظمة او حلها لان وضعها الحالي لا يمكن ان يتواصل حيث قالت :»لقد طالبنا بنائبة مستقلة لم تعمل سابقا في الاتحاد وهو غير متوفر في النائبة الحالية ومساعدها المتورط في تجاوزات مالية. كما ان عدم حصول 23 موظفة على اجورهن امر غير معقول في منظمة تناضل من اجل المراة ومكتسباتها.» وتواصل محدثتنا قائلة :»هل يعقل ان تحتفظ النائبة السابقة روضة كعنيش بسيارات النيابة ولايزال ابنها يتعمد سياقة احدى السيارتين وركنها امام المقر استفزازا للموظفات.» ..نائبة برتبة بوليس سياسي في مسير بحثنا عن التجاوزات التي شهدتها النيابة الجهوية للمراة التونسية بصفاقس فقد عثرنا على تقرير ارسل من طرف النائبة الجهوية للاتحاد ارسلته الى والي صفاقس وذلك بتاريخ 22 سبتمبر 2010 ضمنته ما يلي :»لقد سمح لي موقعي النضالي في التجمع الدستوري الديمقراطي والاتحاد الوطني للمراة التونسية والمهني كمستشارة ثقافية وبوصفي حاليا مديرة للحي الجامعي علي النوري صفاقس الذي تقطنه حوالي الف طالبة من اوساط وفئات اجتماعية مختلفة ومن مختلف انحاء الجمهورية بملاحظة بعض من هذه الظواهر والرواسب وما يتطلبه ذلك من حرص ويقظة وتنبه لكل ما من شأنه ان يمس من مكاسبنا الوطنية، اذ استرعى تنامي ظاهرة ارتداء الزي الطائفي حوالي ثلاثة ارباع الطالبات ومن خلال متابعتي لهذه الظاهرة بالتعاون مع المنسقات الثقافيات بالحي الجامعي لاحظت بان هذه الظاهرة لا تحمل في طياتها ابعادا سياسية او ايديولوجية اذ لم نلحظ أي شكل من اشكال التنظيم او التحركات والفعاليات التي توحي بذلك ولكنها ظاهرة تبدو في جوهرها ذات ابعاد اجتماعية وربما ساهمت بعض العوامل الخارجية كالقنوات الفضائية ذات التوجهات الاصولية والتأويل المغلوط للنصوص الدينية مما نتج عنه الافراط في مظاهر التدين لدى بعض التونسيين...» ان ما تناولته هذه المسؤولة في عهد بن علي وغيرها كثيرات وكثيرون متواجدون في شتى القطاعات وللاسف لايزالون والى اليوم يتمتعون بنفس الامتيازات بل ان منهم من نجدهم في مقدمة المنادين بالاصلاح واجتثاث مناصري التجمع والداعين الى حماية الثورة مما اصطلح على تسميته بالثورة المضادة.