قال الدكتور علي جبيرة الكاتب العام للنقابة التونسية لأطباء الاختصاص للممارسة الحرة ل "الصباح" إن أهم ملف ستضعه النقابة خلال جولتها التفاوضية التي ستنطلق قريبا مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض يتعلق بالتغطية الكاملة والتكفل الشامل لجميع الأمراض معتبرا ذلك حقا من حقوق كل التونسيين.. وبين أن الشعب نفذ ثورة الكرامة ويجب أن تصاحبها ثورة في المجال الصحي لضمان كرامة كل المرضى.. ودعا الدكتور جبيرة جميع الأطباء للنضال من أجل تحقيق هذا المطلب.. وعبّر عن أمله في أن تتم المفاوضات بعد ثورة الكرامة في إطار من الأريحية المطلقة.. وقال إن المفاوضات فيما مضى كانت صعبة على الطرفين فحتى ال"الكنام" كان بدوره خلال النظام السابق مقيدا على مستوى التصرف.. ولكن الحال تغير الآن ويمكنه أن يعمل على تغطية عدد أكبر من الأمراض وتمكين المريض من حق العلاج والصحة.. ملاحظا أن القانون الذي يحكم الصندوق حق أريد به باطل ويبرز ذلك في عديد الأمثلة. ومن بين هذه الأمثلة أنه يسمح بالنسبة لمرض سرطان الثدي بتغطية العلاج الكيميائي الذي يمكن أن تصل تكاليفه إلى أربعين ألف دينار لكنه في المقابل لا يغطي الجراحة التي لا تتجاوز في أقصى الحالات ألفا وخمسمائة دينار وهو مبلغ قد لا تستطيع المريضة توفيره وبالتالي تحرم من العلاج وقد يتطور بها المرض إلى مرحلة خطيرة.. ولاحظ محدثنا أن المريض عانى طويلا فيما مضى وحان الوقت لرد اعتباره ويجب أن يتاح له العلاج حيث يريد في مؤسسات القطاع العمومي أو الخاص بتعريفات معقولة تراعي مقدرته الشرائية.. وقال الدكتور جبيرة إنه سبق وأن وقّع مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض بتاريخ 23 مارس 2009 اتفاقية قبل فيها التقليص من أجرة الطبيب بنسبة 25 بالمائة لا لشيء إلا لفائدة المريض.. ورغم أنه جوبه في ذلك الوقت بصد العديد من الأطباء لكنه لم يتراجع وهو مصرّ على موقفه اعتقادا منه أن السواد الأعظم من الأطباء مسكونون بذلك الهاجس الإنساني وتغليب مصلحة المرضى على مصالحهم الشخصية.. وقال: "أنا مصرّ على هذه الفلسفة وحتى إن بقيت وحدي سأبقى على ما أنا عليه كما قال أحد الفلاسفة لأنه لديّ مشروع كامل لفائدة المريض ولن أتخلى عنه ولن أتنازل مهما كانت العوائق". وعن سؤال يتعلق بموقع النقابة بعد تكوين اتحاد أطباء الاختصاص وهل يمكن لهذا التشرذم أن يؤثر عليها أجاب: "لم يقلقني قيام الاتحاد بل بالعكس لأنني أعتبر أنه بقدر ما توجد نقابات بقدر ما يتحسن القطاع وبقدر ما تبرز للعيان الفلسفة الاجتماعية لنقابتنا أمام الشعب الذي نتعهد أننا سنرجع له كرامته الصحية المهدورة ولن يهان أيّ مريض في المستقبل لأنه لا يملك تكاليف العلاج وإنني سأعمل على أن تكون أول اتفاقية قطاعية نمضيها مع الصندوق في خدمة الشعب.. وباستفسار مصادر الصندوق الوطني للتأمين على المرض على مع من سيتفاوض الصندوق في صورة وجود أكثر من طرف نقابي أجابت أن القانون ينص على أنه عندما يكون هناك تعدد نقابي يتفاوض الصندوق مع النقابة الأكثر تمثيلا لكن الصندوق يفتح أبوابه للجميع.. وقال إن الصندوق سبق وأن وقع مع الدكتور جبيرة اتفاقية وبالتالي لا يمكن أن يغلق باب التفاوض معه الآن وكذلك الشأن بالنسبة للاتحاد فإذا عبّرعن رغبته في التفاوض مع الصندوق فله ذلك.. لكن من المحبذ أن يكون للطرفين فريق مشترك في التفاوض لأنه لا يمكن ضمان نجاح المفاوضات إلا إذا توفرت الرغبة في تحقيق التوافق نظرا لما فيه من خير للمضمون الاجتماعي مع مراعاة مصلحة القطاع الطبي. وبين أن الأطباء يقدمون مطالب جزء منها لا يهم الكنام على غرار تغطية العمليات الجراحية لأن الصندوق لا يمكنه أن يبت في هذه المسألة فهذا الأمر يتجاوزه ويقتضي موافقة وزارتي الصحة العمومية والشؤون الاجتماعية.. وبالتالي فإن دورالصندوق هو تسجيل مقترحاتهم وإحالتها على السلطات المختصة التي تتخذ في شأنها القرار الذي تراه مناسبا.. وعبر عن أمله في أن يتحلى الجميع بنظرة واقعية لأن الكنام لا يمكنه أن يغطي جميع الأمراض وإن فعل ذلك فسيثقل كاهل المواطن بمساهمات أكبر لأن المواطن هو الذي يموّل في نهاية الأمر الصندوق.. وإذا تمّ التفكير في تحسين الخدمات فيجب أن تصاحبه آليات جديدة للتمويل.