تونس الصباح:انطلقت صباح أمس بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات فعليات منتدى الفكر المعاصر للحديث عن دور المؤسسات العلمية والمجتمع المدني في الحوار متعدد الثقافات والتبادل المعرفي الاورو- مغاربي. وهو لقاء يهدف على حد قول الدكتور عبد الجليل التميمي إلى التفكير المعمق في هذه المسألة والقيام بمراجعة دقيقة للارث التاريخي والعلمي الاورو-مغاربي والاورو-عربي الذي كان انطلاقا من العصر الحديث وإلى اليوم وراء سوء الفهم والخلافات بين الطرفين ووراء سوء التقدير ووراء انتشار بعض المفاهيم الخاطئة والشائعة في كلا الجانبين العربي والاوربي". و في مداخلته عبّر السيد ميشال كارلي سفير بلجيكابتونس عن رغبته في إعادة الحوار بين الضفتين لوضع حد لكثير من المآسي ولاحظ أن العراق يعدّ فريسة لوضعية عشوائية وأن أفغانستان يعيش على وقع الاغتيالات اليومية وأن باكستان يعاني من مأساة كبرى من الصعب جدا توقع حد لها وكذلك الشأن بالنسبة إلى الصومال والسودان وذكر أن المغرب العربي بدوره مستهدف وأن ما يجري في بعض البلدان وراء الصحراء لا يبعث على التفاؤل وكذلك الشأن بالنسبة إلى فلسطين وإيران وهو يرى أن القائمة طويلة وأن الحقيقة مؤلمة. وتحدث الاستاذ نجيب زروالي وارثي سفير المغرب بتونس عن مستقبل الحوار الاورو مغاربي وبين أن وجود الاتحاد المغاربي لا بد منه لمجابهة العولمة الثقافية والاقتصادية واعتبر بلدان المغرب العربي بمثابة الجسر الاساسي في الحوار الاورو مغاربي. وأكد على أن الحوار يمكن أن يحد من الاختلاف ولاحظ أن الاجيال المستقبلية لا بد أن تكون لها آليات لاقامة هذا الحوار وقواعد العيش معا.واعتبر أن المسارات المعقدة لهذا العالم يمكن أن تؤدي إلى التقاء بين الثقافات بسبب وجود القيم الانسانية المشتركة شريطة مضاعفة الحوارات بين هذه الثقافات وإبراز ما يمكن أن تقدمه ثقافة لثقافة أخرى من إضافة.. وأكد على ضرورة وضع جسور حوار بين الاسلام واليهودية والمسيحية والبوذية في إطار حوار الديانات والثقافات.وبين أن المتوسط يمكن أن يكون فضاء جيدا للحوار نظرا لوجود عديد العلاقات بين الشمال والجنوب وذكر أنه رغم عدم التوازن بين الضفتين يعد إقامة فضاء بينهما رهان كبير كما يعتبر بناء المغرب العربي رهان كبير لاخراجه من الهامشية ولاقامة حوار بناء بين الضفتين.وقال "إن الحوار المغاربي مسألة أساسية وأن الحوار بين الثقافات يعد أمرا أساسيا للتعريف بثقافاتهم والتعبير عن وجودهم".ودعا المحاضر إلى إقامة أسس التنمية الاقتصادية وتطوير البحث العملي وتعزيز المؤسسات العلمية لوضع آليات التعاون المغاربي المتوازن وطالب ببناء فضاء أورو مغاربي للبحث العملي لتعزيز التعاون والتقاء الرؤى بين ضفتي المتوسط. وخلص إلى أن العولمة في ضفة المتوسط اصطحبتها تحركات سريعة وعميقة وتدفق سريع للسلع والخدمات لذلك يجب تكثيف الحوار مع الاخر وتقاسم طموح بناء حضارة جيّدة معه بعيدا عن الارث الثقافي. التبادل العلمي تحدث الاستاذ أحمد فريعة من مدرسة المهندسين بتونس عن أهمية التبادل العلمي الاورو مغاربي في العهد الرقمي.. وبين أن التكنولوجيات الحديثة للاتصال سمحت بتبادل حقيقي بين الضفتين ولاحظ أنه من المفيد التعرف على الحضارات التي عرفتها المنطقة الاورو مغاربية على مدى التاريخ ومعرفة تنوع الثقافات فيها لان التبادلات العملية والحوار لا يمكن فهمه دون معرفة هذا الارث. ولاحظ أنه منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي برزت أعمال تهدف إلى دمقرطة التكنولوجيات الاعلامية خاصة بعد أن انتهت الحرب الباردة وبعد أن برزت الانترنيت والتكنولوجيات الرقمية.. وأدى ذلك إلى تحولات عميقة كان لها أثر كبير على تطور المعرفة. وبين أن المهم هو التمييز بين المعلومات المتوفرة في شبكة الانترنيت لاستعمال المعلومات المفيدة أكثر من غيرها وأكد على أن العلاقات المغاربية يجب أن تندرج في هذا الاطار التكنولوجي.. فالعالم أصبح قرية صغيرة وهو ما يدعو على تدعيم التعاون المغاربي والتعاون المغاربي الاوربي العلمي والثقافي وبين أنه لا بد من بذل جهود على الصعيد الاوروبي وعلى الصعيد الثنائي بتحسين المخابر وتبسيط الحصول على التأشيرات في إطار البحث العلمي.. وبين أنه من المفيد تكوين آكاديمية أورو مغاربية للعلوم. الفرصة المهدورة تحدث الاستاذ كمال الصغيري الخبير في قطاع الصحة عن الفرصة المهدورة لشراكة الاورو متوسطية. وبين أن جنوب المتوسط قريب جدا من حيث المسافة من شمال المتوسط ويمكن إقامة علاقات بين الضفتين لكن هناك الكثير من الزيف في هذه العلاقة. وقدم مثال تركيا التي لم يسمح لها بالانضمام إلى الاتحاد الاوربي نظرا لانها ليست دولة مسيحية وتحدث عن مثال آخر وهو قضية الهجرة التي تجعل فرصة الحوار بين الضفتين مهدورة. وتحدثت السيدة يولندا أونغينا ممثلة مركز بحث ببرشلونة عن التفكير في التنوع الثقافي.. وقالت إن حق الاختلاف بين الفضاءين متاح وبينت أنه لا يمكن الحديث عن حوار في إطار لا تتساوى فيه الحظوظ لذلك وعوضا عن استعمال كلمة حوار يمكن أن نتحدث عن "محادثة".. وبين الاستاذ عبد الله تركماني أن أطروحة التنوع الثقافي تعني تساوي جميع الثقافات في الكرامة وفي الجدارة بالاحترام. وأضاف أن هذا المشترك الانساني هو موقف فكري يتطلع نحو الاستفادة من كل المكتسبات الانسانية.وبين أن حوار الثقافات هو مشروع الانسانية ومستقبلها.. وبذلك يكون حوار الثقافات قد انتقل من كونه طموحا إلى كونه مشروعا إنسانيا.. ولاحظ أن أعداء الحرية في العالم العربي والغربي يمارسون العنف ضد من يخالفهم الرأي..