لأن خير البحر لا ينضب خاّصة من السّمك الأزرق تزامنا مع عوامل مناخيّة كفيلة بمضاعفة الإنتاج بطريقة الصّيد بالأضواء وقت افتقاد القمر،برغم ما يمثّله المشكل الذي لازال قائما والجاثم على صدور بحارة المهديّة والشّابّة وضواحي سلقطة والعالية وملولش ورجّيش والمتمثّل في الأقفاص العائمة لتربية الأحياء المائيّة وتسمين التّن والخاصّ بالعائلات التي لا تزال تحكم البلاد في البرّ والبحر،وكانت "الصباح" واكبت منذ فجريوم أمس حلول عشرات المراكب المحمّلة بالسّمك الأزرق الذي يلقى رواجا منقطع النظير في كامل مناطق البلاد وفي مدينة المهديّة باعتبار حذق العائلات في تنويعه وتصنيفه كأكلات شعبيّة حافظت على ميزتها الخاصّة،ولسعرها الشّعبيّ الذي يبقى في متناول "الزّوّالي" عند"الميسرة"، مقارنة بأنواع أخرى لاطاقة للمستهلك البسيط بلهيب ثمنها، إذ لا يتعدّى الدّينارونصف الدينار سعر الكيلوغرام من السّردينة بينما يبقى "السّكمبري" في حدود4 دنانير ونصف.. فمنذ الصّباح الباكر تتهافت على الميناء مختلف الشّاحنات لاقتناء المعروض من السّلع عن طريق "الدلالة" ليأخذ تجّار الجهة حاجتهم منه في حركيّة دائبة عادة ما تتواصل خلال فصلي الرّبيع والصّيف ، بحيث تنشط حركة مصانع التّحويل في الجهة، وتقبل العائلات التي تختّص في تصبير " النشوبة" والسّردينة على البدء في التعويل لمواسم الصيف وشهر رمضان المعظّم، ممّا يخلق حركة كبيرة لا تعرفها إلا أروقة بعض المستودعات التي تتحوّل إلى مصانع تقليديّة للمهادويّة وغيرهم من العائلات الني حذقت فنون تجفيف وتمليح وخزن "السّردينة "و"السّاردة "و"اللاطشة "و"النشوبة".. *البحّارة ... ومشاغل عالقة وبحسب محدّثنا عن المصرف الجهوي للصّيد البحري بالمهديّة، كان محصول رحلة الصّيد لهذا اليوم أكثر من طنّ ونصف الطن من السّمك الأزرق و" المخلّط" ومثله أو أكثر منه يوفّره ميناء الشابة أيضا، مما يمثّل تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة لجهات السّاحل ،برغم تهرّم الأسطول ومعاناة البحّارة المثقلة كواهلهم بديون لا طاقة لهم بها خاصّة المحروقات وضعف الدّعم لها ،ومصاريف التأمين والّضمان الاجتماعي الذي لا يتورّع في حرمان من لم يسدّد ما بذمّته من دفتر العلاج .هذا، ولقد حمّلنا البحّارة وأصحاب مراكب الصّيد إبلاغ سوء ظروفهم ، وضرورة النّظر إلى وضعياّتهم العصيبة بعين الرحمة، وتدارس مشاغلهم بما يتماشى وما حقّقته الثّورة التونسيّة التي قد تكون نسائمها لم تشمل في هبوبها جهة المهديّة لا في ريح "الشّرش "ولا في "السّماوي" ولا في " البرّاني" ويشكو بحّارة مناطق ملولش وسلقطة والعالية من ظروف العمل في موانئ ساحلية صارت لاتفي بالحاجة خاصّة مع ما مثّلته الأقفاص العائمة من عدم عبور الأسماك وقت هجرتها من مناطقهم لتأخذ لها مسالك أخرى بعيدة عن السّاحل ممّا يزيد من المعاناة الموسميّة خاصّة تلك التي تتعلّق بصيد "المجّل" و"البوري" و"الشّلبة" وكل الأنواع التي تتنقّل طافية على سطح البحر، وما مثّله صبّ قنوات التطهير من فضلات في كل من المهديّة والشّابّة عرض البحر، لتشهد الحالة قلقا مستمرّا وخطرا على البيئة والمحيط في جهة قد تتأثّر سياحتها بما يجري...