المال السياسي خطر.. والحياد مطلوب لتأمين الانتقال الديمقراطي عبر عدد من الاعلاميين وممثلي أحزاب سياسية أمس عن مخاوفهم من مخاطر تسرب المال السياسي للإعلام التونسي العمومي وقالوا إنه يمكن أن يفسد كل شيء.. ويحول دون تحقيق التحول الديمقراطي المنشود. كما اتفقوا رغم بعض الاختلاف في وجهات النظر على مبدإ الانصاف في التغطية الإعلامية للأحزاب السياسية في وسائل الإعلام العمومية.. ولم يخل اللقاء الذي نظمته الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال التي يرأسها الأستاذ كمال العبيدي أمس بالعاصمة وجمع الصحفيين والمسؤولين عن التحرير في الأقسام السياسية التابعة للمؤسسات الإعلامية العمومية المكتوبة والمسموعة والمرئية والوطنية والجهوية والمكلفين بالاتصال والاعلام في الأحزاب السياسية من التفاعل.. إذ كان من ناحية مناسبة أتاحت للساسة تشخيص نقائص تعاطي الاعلام العمومي مع الأحزاب السياسية وأنشطتها ومن ناحية أخرى فرصة قدم خلالها الإعلاميون مقترحاتهم لتجاوز الصعوبات التي تعترضهم في تعاملهم مع الأحزاب..
اعلام عادل
أجمع الساسة على رغبتهم في اعلام عمومي عادل بين الاحزاب السياسية..ومنصف للشعب ولاحظ جلول عزونة من حزب الشعب للحرية والتقدم أن التغطية الاعلامية لخطاب الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة لا تختلف عما كان عليه الحال قبل الثورة.. ومازال المواطن يستمع إلى وجهة نظر واحدة كما لو ان الثورة في واد والمسؤولين في واد آخر.. واستنكر وحيد ذياب ممثل حزب قوى 14 جانفي عدم تغطية الاعلام لأنشطة حزبه وقال ان الإعلام ساهم في التعريف بأحزاب دون أخرى.. وتحدث الجيلاني عمر ممثل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أن الإعلام استهدف حزبه رغم عملية التصحيح.. وبين صالح الجبالي ممثل حزب الوحدة والاصلاح ان التلفزة الوطنية غيبت حزبه.. ولاحظ سالم بن فضل من الحزب الليبرالي المغاربي أن المتضرر الوحيد من الاعلام هو الشعب التونسي الذي من حقه ان يكون له اعلام يبلغه ما يجري.. وعبر عن تفهمه للمشاكل التي يعاني منها الصحفيون وطالب بحماية الاعلاميين جسديا ومعنويا.. وأثار محمد نجيب الزمني ممثل اليسار الحديث عن مسألة المال السياسي.. فالأموال على حد تأكيده يمكن ان تدخل في العمل الاعلامي وسيحدث ذلك كارثة ودعا اللجنة إيلاء المسألة ما يجب من الاهتمام حتى لا يدخل المال السياسي في المسألة الإعلامية.. وقال يوسف المدني ممثل حزب التقدم ان وسائل الإعلام تتجاهل حزبه ولا تغطي أنشطته الميدانية ودعا لتدعيم قدرات الصحفيين والاعلاميين ورسكلتهم حتى يقوموا بتغطية إعلامية شفافة ولتطعيم وسائل الإعلام بالشباب لان الكبار تعودوا على الصنصرة الذاتية.. ودعا عادل بن عبد القادر من حزب الكرامة من أجل العدالة والتنمية السلطة وخاصة الوزير الاول لعدم التدخل في الإعلام.. وقال محرز الدريسي من حزب الإصلاح والتنمية انه لا يمكن الحديث عن انجاح الثورة دون اعلام.. وحذرت علياء الكافي ممثلة الاتحاد الشعبي الجمهوري من هيمنة المال على التغطية.. وقالت يجب ان يتمتع الصحفي برسكلة وتكوين وهو نفس ما دعا إليه الطاهر بوصرصار من حزب الحرية من أجل العدالة والتنمية. وانتقد الصحبي المختار من حركة الشباب التونسي الأحرار وسائل الاعلام التي تقبض المال مقابل تمكين الاحزاب من مساحات لتغطية أنشطتها.. ورفض بعضها التعامل مع الأحزاب المناهضة للتطبيع. ولاحظ نور الدين العرباوي من حركة النهضة أن المعنيين بالإنصاف ليس الاحزاب السياسية بل الشعب التونسي.. وذكر أن الحضور الاعلامي للحركة لم يكن في العديد من الاحيان للتعريف بنفسها بل كمتهم. ولاحظ أن الاعلام الخاص يحتاج إلى جرعة من التشوف نحو الوطن والوطنية.. وقالت اكرام بن عبد الرحمان من حزب حركة مواطنة إنه على المؤسسات الاعلامية التعريف بأسماء الأحزاب.. ولاحظت أن هناك احزابا تصرف أموالا طائلة على الدعائم الاشهارية كان حري بها صرفها على المدقعين وعبرت عن خشيتها من التمويل الاجنبي للأحزاب. وقال خالد الكريشي من حركة الشعب الوحدوية التقدمية يجب تطهير مؤسسات الاعلام الرسمية من بقايا وجوه النظام السابق.. فليس من سمات الثورة المحافظة على نفس الوجوه ودعا الاعلام الرسمي إلى المرور من الاعلام الايديولوجي إلى الاعلام السياسي. واقترح مهدي الصباغ ممثل حركة الوحدة الشعبية الخروج من اعلام الدعاية إلى اعلام الانارة ودعا لتكوين الصحفيين. وعبر محمد صالح الحدري من حزب العدل والتنمية عن دعم السلطة الرابعة واستقلاليتها تجاه التمويل الاستثماري والسلطة السياسية وتحدث أمين المناعي من حزب العدالة الاجتماعي الديمقراطي عن التعتيم الاعلامي على المسائل التي تطرق لها حزبه على غرار الديون التونسية وبنك الجينات والكائنات المحورة جينيا.
استعداد
وتفاعلا مع مقترحات ممثلي الأحزاب أبدى الاعلاميون الحاضرون في الملتقى وعدد من مديري إذاعات عمومية استعدادا كبيرا لتأمين التغطية الاعلامية العادلة لأنشطة الأحزاب السياسية شريطة أن تكون هذه الأنشطة هامة وتسترعي اهتمام المواطن. وقالوا إن العديد من الاحزاب لا تقوم بنشاطات مطلقا ويتعذر الاتصال بها وهناك احزاب عائلية مقراتها في منازل باعثيها وأخرى همها الظفر بالتمويل العمومي وبذلك لا يمكن ان تكون في نفس المستوى. واعتبر كمال العبيدي رئيس الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال أن أنجح السبل للمساهمة في الانتقال الديمقراطي يكمن في حسن ادارة النقاش العام.. ويلعب الاعلاميون على حد تأكيده دورا هاما في انجاح هذا النقاش.. ويؤكد ناجي البغوري نقيب الصحفيين السابق والخبير الإعلامي أنه لا يمكن تحقيق الانتقال الديمقراطي دون توفر اعلام حر يساهم في انارة الرأي العام ويقدم قراءة حقيقية لطبيعة المشهد الاعلامي خاصة الاعلام العمومي في قراءة الاحداث السياسية. وبينت راضية السعيدي أن الهيئة واعية بخطورة الاشهار السياسي وهي بصدد التعاون مع الهيئة المستقلة للانتخابات لسن قانون في هذا الصدد.