لئن احتفل الشعب التونسي سابقا بعيد الجمهورية وهو يفخر بأركان استقلال الدولة وسيادة الشعب (ولو رمزيا)، فالاكيد ان فخره-بعد الثورة المجيدة- لن يكون له حد. ذلك ان وزارة الدفاع بالتعاون مع التلفزة الوطنية ووزارة الثقافة وفي خضم هذه المناسبة المباركة، أحيت حفلا اول امس بفضاء نادي الضباط بالبلفيدير الفسيح. وقد حضر وزير الثقافة عزالدين باش شاوش رفقة ممثلي كل من الجيش والحرس الوطني والحماية المدنية والهلال الاحمر التونسي.. انطلق الحفل بلوحات زيتية شدّت المتفرج بألوانها الزاهية وأبعادها الجمالية.. وهي توحي الى وضع تونس ما قبل الثورة المباركة وما بعدها في أبهى الصور والرموز، ناهيك ان اصحاب هذه الاعمال الفنية اعتمدوا عمق الايحاء ليكون الاثر في مستوى الحدث. وبعد دخول الجمهور الفضاء، استهل الحفل بدقيقة صمت على أرواح الشهداء الابرار، لتعقبها أنغام النشيد الوطني بقيادة أوركستر فوج الشرف للجيش الوطني التونسي بقيادة السيد محمد منير الخميري.. ثم تمتع الجمهور بأغنية "الجيش سور للوطن" التي تميزت بايقاع خاص ونفس مميز يعكس مضمون السهرة.. هذا الى جانب قطع موسيقية أخرى ذات طابع وطني..
فقرات مسرحية بوقع خاص
تنشيط السهرة من قبل مسرحيين كان له وقع خاص في توظيف الاغاني وإعطائها بعدا جماليا آخر.. هذا الى جانب الحركية الكبيرة التي تميز بها الممثلون: كمال حمدي وعبير الصميدي وآمال الدايخي وأمير بالسيدة.. سواء على الركح أو وسط الجمهور مرددين "بركان من الشعب نطق..زهق الباطل وجاب الحق".. بالاضافة الى فقرات أخرى تضمنت ايحاءات تهم الوضع الحالي في البلاد.. ثم تفاعل الجمهور مع آمال حجيّج في اغنية "إذا الشعب يوما أراد الحياة" تفاعلا كبيرا وكأن القصيد يؤكد إرادة الشعب التونسي الذي ظفر بحريته بعد الثورة المجيدة. وعلى انغام اغنية "ألف لام ميم ألف.. طفل يبكي يشكو عللا".. واغنية "من حقي نعيش" استمتع الجمهور ببراءة الاطفال وحضورهم المميز من خلال التعبير الجسدي الذي يدل على وعي كبير بقضيتنا كتونسيين أحرار.
"مادام الياسمين مليّع"
أبدعت الفنانة الشابة بديعة في فضاء البلفيدير سواء في العزف على القيثارة أو في آدائها الرائع. وقد كانت كلمات الاغاني معبرة جدا ليتفاعل الجمهور معها بالتصفيق وهي تغني "لاباس..مادام الياسمين مليّع..لاباس" او "ناس خايفة وناس واقفة.. وناس اقتنعت بقانون الغاب"..ما جعل العديد من الحاضرين يهمسون بان هذه الفنانة تستحق التشجيع اكثر من ذي قبل.. نظرا لحسّها المرهف وانتقائها للكلمات الهادفة. وفي اطار هذا الحفل الوطني، كان الشاعر عفيف اللقاني حاضرا في هذه السهرة بقصيد باللغة العامية "خايف من خوفك يا لساني" وهو يرمز الى معاناة التونسي في العهد البائد وصموده امام الجور والطغيان الى ان فرّج كربه وأصبح حرا طليقا.. مشيرا الى ضرورة التراحم والتوادد بين التونسيين ما من شأنه ان يحقق المستحيل.. وكان اختتام السهرة مع احمد الماجري رفقة عازفين على القيثارة وعازف على "الاورغ" باغنيته المشهورة "أنا حر وانت حر.. جميع الناس تولدو أحرار.. يا ما حلمنا واحنا صغار" ثم اغنية "Revolution every where" التي لاقت استحسانا من الحاضرين ولا سيما ان المستمع لهذه الاغنية كانت تراود مخيلته صورة المغني الجاماييكي الثائر "بوب مارلي".