من الغريب اليوم أن ترصد حالة من التأهب لدى البعض من المتعصبين للانقضاض على كل من يعتبرونه حسب رأيهم يسيئ للإسلام لإجباره على التنازل عن أفكاره بدعوى أن تونس دولة إسلامية لا يسمح فيها للأفكار التي تنم عن عدم تقديس المسلمات الإسلامية. فبعد التهجم على قاعة سينما بدعوى أنها تعرض فيلما عنوانه يسيئ للإسلام وصل الأمر إلى التهديد بالإعتداء على كل من يتجاهر بالإفطار في شهر رمضان المبارك . إن هذا الفكر الإقصائي في الحقيقة هوما يسيئ للإسلام ، و هدية لأعداء الإسلام للقول بأن الإسلام لا يقبل بالآخر و أن ما تمارسه بعض الديقراطيات الغربية من تضيق على حرية التدين لدى مواطنيها من المسلمين أمر مسموح به طالما أن الإسلام لا يسمح بحرية المعتقد وهم بذلك يعاملون المسلمين بالمثل. إن ما يجهله أعداء الإسلام بما فيهم بعض التيارات الإسلامية أن الإلحاد والكفر في الإسلام ليس جريمة ولهم في الآية الكريمة أكبر دليل على ذلك . ألم يقل الله عز وجل في سورة الكهف الآية [29]: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ( صدق الله العظيم ). نعم الله عز وجل يقبل بمن لايؤمن فكيف لعبده أن يرفض ذلك؟ فلإسلام في عصرنا هذا ليس في حاجة لإكراه الغير على الإيمان و التسليم به . ونحن في حاجة ملحة لفكر إسلامي متحرر يسمح للمؤمن و الملحد أن تكون لهما نفس الحقوق و الواجبات و أن لا يتم إقصاء أي طرف أو تهديده أو إرهابه فكريا بتعلة أنه مخالف للإسلام . فقد كان على المعتدين على قاعة السينما لمنع عرض الفيلم أن يتابعوه و يناقشوه حتى يعوا فكر الآخر علهم يدركون أسباب الاختلاف فقد يبلغون المبتغى و يفلحون في استمالة فكر الملحدين نحو الإيمان تطبيقا لقوله عز وجل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة النحل الآية 125 ، كما أن الاعتداء على المطاعم والمقاهي التي ستفتح أبوابها للعمل أوقات الصيام لن يدفع المفطرين في رمضان لتغيير موقفهم. وبلادنا و إن كانت دولة إسلامية فإنها في نفس الوقت دولة منفتحة على جميع الثقافات و تضم العديد من الأجانب و السياح فيجب احترام حريتهم . إن المؤمن الحقيقي لا يخشى ولا يستفزه عمل المقاهي أو المطاعم في رمضان بل على العكس من ذلك إن عزيمته تقوى كما أن الثواب والأجر يتضاعف خاصة أن إيمانه وصومه كان عن إختبار و حرية دون خوف أو تملق إجتماعي .هذا ما يخدم الإسلام و المسلمين حرية الاختيار فالمسلم الحر والواعي الذي يملك قراره بيده هو الذي يبني نهضة الأمة اللإسلامية .أما من يرغم على اللإيمان والتسليم بالدين الإسلامي تحت الضغط أوالإكراه بشتى أنواعه فهو من يسيئ للدين ولا يخدم مصلحة المسلمين.