بقلم: آسيا العتروس ما يحدث في سوريا أنطق من به صمم ومن كان يعتقد أنه لن ينطق أبدا ودفع بالعاهل السعودي الى الخروج عن صمته الاختياري أو الاجباري واستدعاء السفيرالسوري احتجاجا على قمع السلطات للمتظاهرين من دير الزور الى حماة وغيرها من المدن والقرى السورية وجعل تركيا بدورها توفد وزير خارجيتها على عجل للمطالبة بوقف اراقة دماء الابرياء وتحذرالاسد من مصير مماثل لمبارك وتذكره "بأن من دق يدق" أسوة بالمثل الشعبي الذي لا يبدو أن الحكام العرب يدركون معناه. وسواء كانت لعبة المصالح وراء تحريك الموقف السعودي ومن قبله الموقف التركي تحسبا لامتداد عدوى الغضب الشعبي وارضاء للرأي العام في الداخل والخارج في منطقة ليست خالية من الاسباب والدوافع التي قد تهيئ الى تحرك الشارع في كل حين وليست بمنأى عن موجة الربيع العربي الممتد الى ربوع الخارطة العربية، أوسواء كانت أيضا لاسباب انسانية بهدف وقف اراقة الدماء في شهر رمضان المبارك فان الاكيد أن ما تشهده سوريا مع دخول موسم الاحتجاجات الشعبية شهرها الخامس لا يمكن تصنيفه في اطار ما تصرالسلطات الرسمية على اعتباره مؤامرة خارجية تستهدف أمن واستقرار سوريا لدفعها للتخلي عن مواقفها من القضايا العربية. ولاشك ان مثل هذا الخطاب المتحجر الذي يعود اليه الرئيس بشارالاسد في كل مرة لتبرير اللجوء المفرط لقواته للرد على المتظاهرين العزل لم يعد له اليوم موقع يذكر في قاموس كما في واقع الشعوب العربية التي قررت كسر حاجزالخوف والتمرد على كل القيود التي كبلتها على مدى عقود وجعلتها أشبه بالانعام تعيش مطأطئة الرأس في مراعيها وتقبل بما يقدم لها من أعلاف تضمن بقائها على قيد الحياة. نقول هذا الكلام اليوم وقد تغيرت المعادلة وبات الشارع السوري كما الشارع التونسي والمصري واليمني يرفض الذل والاهانة ويتطلع الى أن يكون سيدا نفسه بعيدا عن كل الممارسات التعسفية التي لا يمكن أن ترضيه أو تلبي طموحاته في الحياة الكريمة كبقية شعوب العالم... طبعا لا يمكن الا لجاحد أن ينكرما قدمته سوريا للقضية الفلسطينية منذ عقود وهي التي تحتضن أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني على ترابها ولم تتردد بعد الحرب على العراق في احتضان أكثر من مليوني عراقي دفعتهم الحرب الى مغادرة بيوتهم والبحث عن ملجا آمن بسوربا. و مع ذلك فان موقع سوريا ومسؤوليتها ازاء القضايا العربية لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يمنح النظام السوري الحق في قمع الشعب أو كسر ارادته كما أن مناصرة القضايا العربية لا يعني بأي حال من الاحوال الدوس على كرامة السوريين واذلالهم ولا أن تتحول أيضا الى غطاء لتبرير سياسة العقاب الجماعي ومصادرة الحريات. ما يحدث في الشارع السوري ماساة انسانية حقيقية تتجازحدود التراب السوري لتعكس ثقافة الظلم والاستبداد المتوارثة بين الحكام العرب وهي ثقافة تجعل الشعوب في موضع أقرب ما يكونون فيه الى العبيد منهم الى الاحرار ومن صاحب السلطة المحصن من كل مسائلة أو محاسبة أقرب ما يكون الى وضع الاله الذي لا يمكن للعامة الوصول اليه. لقد غاب عن الاسد ومستشاريه أن الثورة الممتدة من تونس الى مصروليبيا التي أسقطت شماعة الحرب على الارهاب تلك التي طالما اعتمدتها الانظمة الاستبدادية لتبرير سياساتها المعادية لحقوق الانسان قد ان لها أن تسقط نظرية المؤامرة بدورها المعتمدة لاخفاء الفشل الذريع للحكام الذين فقدوا كل الشرعية....