محسن الزغلامي لا يمكن للخطوة الدبلوماسية التي أقدمت عليها الحكومة - يوم أمس الأول - والمتمثلة في دعوة السفير التونسي لدى دمشق «للتشاور» الا أن تثير الانتباه... أولا لأن البلاغ الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية نص بوضوح على العلاقة القائمة بين قرار دعوة السفير وما أسماه «التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية»... وثانيا لأن تونس - وبهكذا قرار - تكون هي الأولى من بين الدول المغاربية والعربية - باستثناء الأردن - التي اقتفت أثر عدد من الدول الخليجية (قطر والسعودية والكويت) في اعتماد هذا «التمشي» الذي يعكس موقفا سياسيا «صارما» من النظام السوري وجرائمه في حق المدنيين... قد يتبادر الى الذهن - بداية - أن المدخل الأقوم لفهم ومقاربة هذا «الحدث» الدبلوماسي غير المسبوق - على حد علمنا - في تاريخ العلاقات التونسية السورية لا بد أن يكون من خلال محاولة الاجابة عن سؤالين اثنين مفادهما: 1- هل نحن بازاء عملية إعادة ترتيب للمبادىء التي تأسست عليها - تاريخيا - السياسة الخارجية التونسية «العاقلة» و»الهادئة» و»الرصينة» ؟ 2- أم هي ثورة 14 جانفي 2011 أعطت «مفعولها» السحري بسرعة وخلصت الدبلوماسية التونسية من «سلبيتها» و«جبنها» و»حيادها» المتوارث خاصة فيما يتعلق بالموقف الواضح من «الانتفاضات الشعبية» على أنظمة الفساد والاستبداد في الدول العربية ؟ غير أن نظرة في مجمل التطورات الخطيرة التي شهدتها الساحة السورية على امتداد الأسابيع الستة الأخيرة - خاصة - وتزايد «نسبة» الضغوط السياسية على نظام بشار الأسد - اقليميا ودوليا -... يجعلنا نتجاوز كلا السؤالين ونذهب مباشرة الى القول أن «الموقف التونسي» هذا انما هو - في أحد جوانبه - اعلان رسمي ومفاجىء - في الحقيقة - بانضمام الدبلوماسية التونسية الى «نادي» الدول الخليجية التي باتت تعمل على تعميق عزلة النظام السوري سياسيا وهو «النادي» الذي تتزعمه - على مستوى آخر - الولاياتالمتحدةالأمريكية و»تنشطه» تركيا ربما من أجل التمهيد لتدويل «الحالة» السورية لاحقا... (وزير الخارجية التركي صرح بالأمس قائلا أنه بات «يخشى» من تدويل المسألة السورية) ومهما يكن من أمر ، فان السؤال الذي يبقى قائما - في كل الحالات - هو ذاك الذي مفاده : لماذا هذا الانضمام «الكرنفالي» التونسي المفاجىء الى «النادي الخليجي» فيما يخص القضية السورية ؟... مقابل ماذا ؟... وماذا - بالمقابل - عن مصلحة و»سلامة» الجالية التونسية في سوريا؟