بقلم: آسيا العتروس يثير الموقف الرسمي الجزائري المبالغ في الحذر في أحيان كثيرة العديد من نقاط الاستفهام حول موقف الجارالجزائري من الثورة الليبية وهي تساؤلات مشروعة فرضها الواقع الجديد مع تسابق أغلب الدول العربية وغيرها بما في ذلك ايران الى الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي ممثلا وحيدا للشعب الليبي، وقد وجدت الجزائر التي تخلفت عن هذا الاعتراف حتى الان نفسها في قلب الحدث... حيث لم ينتظر المتظاهرون المؤيدون للثوار في بلد المليون شهيد قرار السلطات الجزائرية وأقدموا على رفع علم الثوار على مبنى السفارة الليبية في الجزائر، الامر الذي قد يكون أحرج السلطات الجزائرية الى حد ما أمام الراي العام الجزائري المتحفز لما يحدث حوله من ثورات شعبية في ثلاث دول عربية يجمع بينها أكثر من عامل حضاري وتاريخي وديني وثقافي وانساني مشترك. ولعل في اجماع الصحف الجزائرية أمس على انتقاد الغياب الجزائري الرسمي عن المشهد الليبي بعد دخول الثواروسيطرتهم على العاصمة طرابلس وتداعياته المحتملة على الجزائرالتي يربطها بليبيا حدود تمتد على نحو ألف كيلومتر ما يدعو الى التوقف عند بعض الملاحظات. فقد شهدت الاشهر السبعة الماضية التي ارتبطت بعمر الثورة الشعبية في ليبيا الكثير من التراشق في التصريحات بين الطرفين سرعان ما تحولت الى توتر يكاد لا يغيب عن وسائل الاعلام. فقد وجه المجلس الانتقالي أصابع الاتهام أكثر من مرة للسلطات الجزائرية بدعمها للنظام الليبي بل وبالوقوف وراء ضمان نقل السلاح والمرتزقة لدعم نظام العقيد، وهو ما كانت الجزائر تصر على نفيه وتكذيبه، وقد جاء الرد الجزائري بعد سيطرة الثوار على ليبيا ليرفع جزءا من الالتباس والغموض في الموقف مؤكدا على فتح قنوات اتصال مع المجلس الانتقالي في ليبيا ولكن دون أن يبلغ ذلك درجة الاعتراف رسيما به ممثلا للشعب الليبي وشدد الجانب الجزائري في موقفه على الهواجس الامنية التي يمكن أن ترتبط بالوضع الراهن في ليبيا وهي بالتاكيد هواجس حقيقية مرتبطة بالمخاوف من هيمنة تيارات راديكالية معينة خاصة مع انتشار السلاح في البلاد التي قد تزيد من حجم المخاوف...الملاحظة التالية وهي بروتوكولية حيث يبدو أن الجزائر تسعى للحصول على اعتذار من المجلس الانتقالي في ليبيا قبل اعلان اعترافها رسميا بشرعية الثوار وهي ربما تكون مسألةحساسة بالنسبة للمجلس في هذه المرحلة التي يستعد فيها ولاول مرة للانتقال الى طرابلس لمباشرة مهامه في ادارة ليبيا بعد القذافي... وبالعودة الى هذه الاحداث وغيرها فان الحقيقة أن العلاقات بين الجزائروطرابلس لم تكن دوما من دون مشاحنات لا سيما فيما يتعلق بالمسائل الحدودية بين البلدين وقضايا الساحل والصحراء وتحريض العقيد للطوارق بالتمرد في مالي والنيجر وما يمكن أن يشكله من تهديدات بالنسبة للجزائر... وفي انتظار ما يمكن أن يؤول اليه الاجتماع الطارئ الذي تعقده اليوم جامعة الدول العربية التي تحاول بدورها تجاوز ما فاتها واللحاق بركب قطار الثورات العربية المتعجل على تغيير الاوضاع التي أصابها الصدأ في العالم العربي سيكون اعلانا برفع تجميد عضوية ليبيا وعودتها ممثلة في المجلس الانتقالي فان السؤال المطروح يبقى متى وكيف يمكن تجاوزهذا التوتر الذي لا يمكن أن يكون من دوت ثمن إذا ما استمر تجاوز الازمة بين الجزائر والمجلس الانتقالي في هذه المرحلة الاولى بعد انهيار نظام العقيد خطوة مهمة في هذه المرحلة التاريخية من الثورة الليبية وما ينتظرها من تحديات ومخاطر محتملة لاتباع العقيد الهارب في الصحراء الليبية....