تواصل الأمطار إلى نهاية الأسبوع بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    وزير الإقتصاد والرئيس التنفيذي لمجموعة "عربي القابضة " يتباحثان آفاق تعزيز استثمارات المجموعة في تونس.    عاجل/ لجنة كسر الحصار عن غزّة تدعو إلى رفض محاولات الكيان الصهيوني تجريم مهمة "أسطول الصمود"    باجة : أمطار غزيرة خلال ال24 ساعة الأخيرة.. مجاز الباب في الصدارة    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    مركز الاعمال بصفاقس ينظم الاربعاء 08 أكتوبر المقبل يوما مفتوحا لتمويل المشاريع عبر مؤسسات التمويل الصغير    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    الأطلسي والهادي يحترقان: أعاصير قوية في كل مكان...شنيا الحكاية؟!    عاجل : وفاة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ    ماكرون يعلن: فرنسا تعترف رسميًا بدولة فلسطين    تحب قرض شخصي من ال CNSS؟ هاو الشروط والمبلغ الأقصى!    بطولة العالم للكرة الطائرة : المنتخب الوطني ينهزم امام نظيره التشيكي    إنتقالات: مراد الهذلي يعود من جديد إلى نادي أهلي طرابلس الليبي    الرابطة الأولى: كريم دلهوم مدربا جديدا لإتحاد بن قردان    الكرة الذهبية : لاعب باريس سان جيرمان عثمان ديمبلي يتوج بجائزة افضل لاعب في العالم    البطولة الفرنسية : فوز مرسيليا على باريس سان جيرمان بهدف دون رد    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    جريمة مروعة: يقتل ابنتيه طعنا بالسكين ثم ينتحر..!!    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    السيول تداهم الأودية.. وخبير طقس يحذّر من مخاطر الطرقات    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    مناظرة هامة بوزارة التجهيز.. #خبر_عاجل    عاجل/ انفجار قرب سفينة قبالة اليمن..    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    عاجل/ يهم المخدرات والاحتكار: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات لوزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن وآمر الحرس..    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    مسيّرات مجهولة تغلق مطارين في الدانمارك والنرويج    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الدفاع الوطني    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أهم كميات الأمطار ال 24 ساعة الفارطة    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    العودة المدرسية والجامعية، ومكافحة الفساد، ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    وزارة الفلاحة تطلق مشروع التنمية الشاملة للزراعات الجبلية الصغرى بالشمال الغربي - دينامو-    حجز حوالي 4523 كغ من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    عاجل: عثمان ديمبلي يتوج بالكرة الذهبية لعام 2025    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    عاجل: الكشف عن شحنة جديدة ب12 مليون قرص مخدر بميناء رادس    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية بين مأزق الدّال وبداهة المدلول
نشر في الصباح يوم 01 - 09 - 2011

كلمة العلمانية هي كلمة سيّئة الحظّ في اللغة العربية رغم أنّ ما تعنيه هو إلى البداهة أقرب. وتلك من المفارقات التي نحتاج إلى فهم أسبابها. فالأسس التي تستند إليها العلمانية باعتبارها تعني،
في مفهومها المتداول والأكثر عموميّة، الفصل بين الدين والسياسة، يمكن أن تستمدّ من الإسلام نفسه فضلا عن المنطق والتاريخ. غير أنّ تلك الأسس، مهما بدت مقنعة، فلا يمكن أن تظهر بوضوح ما لم نضعها تحت مجهر خاصّ مع السعي إلى تنزيلها في سياقها التونسي.
إنّنا نجد في الدين وفي الفكر الإسلامي، رغم كلّ ما يقال، نصوصا كثيرة تتضمّن الفصل بين الدين والسياسة دون لبس. فهناك مثلا الحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول لأصحابه زمن الهجرة "اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده أحد". وفي ذلك إشارة واضحة إلى أنّ العدل الذي هو غاية الحكم، يمكن أن يقام بقطع النظر عن الديانة ونجد ذلك حتّى عند بن تيمية فيما بعد إذ يردّد : ".. ولهذا قيل، الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة". ولعلّ نفس المبدأ كان حاضرا في خلفية تفكير ابن خلدون حين أكّد أنّ "العدل أساس العمران" دون إشارة إلى أيّ دين. ومن المعروف أنّ الخلافة ليست من أركان الدين، كما يشير صاحب المقدّمة، إلاّ إذا انطلقنا من منطلق شيعي ينبني على وجود وصيّة واضحة من النبي محمّد لعلي بن أبي طالب.
أمّا من الناحية المنطقيّة فإنّ عدم الخلط بين الدين والسياسة يعتبر فرضيّة ضرورية لممارسة العمل السياسي الذي هو تنافسي بطبيعته وحيث لا تنافس مع المقدّس وقد يكون الخلط تدنيسا للمقدّس مثلما حصل من استغلال للدين من طرف بعض الأنظمة أي إنّ عدم الخلط في مصلحة الدين وحتّى في مصلحة الأحزاب ذات المرجعيّة الإسلاميّة كما يبيّن مثال حزب العدالة والتنمية التركي الذي حقّق اختراقا مشهودا في رحاب ديموقراطيّة علمانية.
ولو عدنا إلى واقعنا التونسي لوجدنا أنّ الإسلام سواء نظرنا إليه كمعتقد فرديّ أم كثقافة مشتركة فهو لا ينبغي أن يكون موضع جدال سياسي ولعلّ الفصل الأوّل من دستور سنة 1959 يؤكد هذا المبدأ حيث يعتبر الإسلام دينا للدولة وبما أنّ الدولة تلتزم الحياد تجاه الأحزاب، فالإسلام يبقى فوق الصراع الحزبي.
ولكن رغم كلّ تلك الحجج والأدبيات الغزيرة التي ملأت المكتبة العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، فإنّ العلمانية كمفهوم بقيت في مأزق لا يمكن تفسيره فقط برفض المتطرّفين فهو قد يكون ناتجا عن رؤية نظرية مجرّدة واستحضار لنماذج جاهزة تقوم على اعتبار العلمانية نظاما أو نسقا في حين أنّها مسار يختلف من بلد إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى وأنّه لا يوجد فصل تامّ في الواقع بين الدين والسياسة كما أنّنا ينبغي أن ننتبه إلى أنّ الإسلام خصوصا في المغرب العربي، ربّما بتأثير التجربة الاستعماريّة، ليس مجرّد معتقد بل هو من مكوّنات الهويّة ومن أسس الدولة المستقلّة وله مكانة يمكن مقارنتها إلى حدّ ما بمكانة المسيحية في دول مثل أرمينيا أو اليونان أو بمكانة الإسلام في البوسنة وفي باكستان.
وإذا كان مسار العلمنة من تجليّات الحداثة فإنّ العلمانية إذا فهمناها على أنّها فصل مؤسساتيّ بين الدين والسياسة أو نسق مغلق فهي ليست من شروط الحداثة مثلما يبيّن مثال اليابان في القرن التاسع عشر ولا من شروط الديموقراطيّة كما نلاحظ في بريطانيا حيث نجد الملكة هي في نفس الوقت رئيسة الكنيسة الأنغليكانيّة. وذلك يعني أنّ الأهمّ ليس في الدعوة إلى الفصل النظري أو القانوني المجرّد بل في تأكيد استقلالية المجال السياسي مع رفض الهيمنة باسم الدين أو استغلاله لأغراض سياسية.
ولعلّ ذلك ما ننشده في تونس وهو ما يحظى، فيما يبدو، برأي الأغلبية التي وإن أعلنت تمسّكها بالفصل الأوّل من الدستور فهي ترفض استغلال المساجد للدعاية السياسيّة وذلك يعني بوضوح أنّ ما نحتاجه ليست اللائكية التي قد لا تكون موجودة في غير فرنسا ( قانون 1905 الفرنسي للفصل بين الكنيسة والدولة) والتي ربّما لا يعرف البعض أنّ من نتائجها في صورة تطبيقها عندنا السماح بالتعليم الديني المستقلّ والاعتراف بالأوقاف وتحويل وزارة الشؤون الدينية إلى هيئة مستقلّة عن الحكومة وغير ذلك من التبعات القانونية، دون الحديث عن أنّ اللائكية الفرنسية تعيش أزمة جعلت الكثيرين يطالبون بمراجعتها.
إنّ التاريخ السياسي التونسي الحديث منذ عهد الأمان ثمّ دستور 1861 وصولا إلى الثورة هو تاريخ المطالبة بالحرّية سواء الفردية إزاء الحكم المستبدّ أو الوطنية إزاء الاستعمار وهو أيضا تاريخ النضال من أجل العدالة الاجتماعية كما يبيّن الحضور المؤثّر للنقابة منذ ظهور الحركة الوطنيّة تقريبا أمّا مسألة العلمانيّة فلم تبرز بشكل مستقلّ في تونس إلاّ ابتداء من ثمانينات القرن الماضي بسبب المخاوف المشروعة للكثيرين من التيّار الإسلاميّ فيما يتعلّق بالحريّات الفردية والعامّة غير أنّ بروز ذلك التيّار قد لا يكون أكثر من ردّة فعل قويّة ناتجة عن فشل دولة الاستقلال في إدماج فئات واسعة من المجتمع ثمّ عن القمع الشديد الذي تعرّض له الإسلاميّون فيما بعد فلو تمّ توسيع مجال المشاركة السياسية لما احتمى أحد بالمساجد سعيا للهيمنة.
إنّ العلمانية في سياقها التونسي تعتبر مسارا فرعيّا من مسار التحديث السياسي العامّ الذي انطلق منذ القرن التاسع عشر، عنوانه الحريّة ضمن مؤسسات حديثة. أي إنّ مسار العلمنة يبقى فرعا من أصل، كما أنّ العلمنة يمكن أن تتحقّق في ظلّ نظام استبدادي أما الديموقراطيّة فتتضمّن العلمنة ضرورة مع رفض الاستبداد سواء باسم الدين أو بغيره. غير أنّ كلمة الديموقراطية أو "المسار الديموقراطي" هي أيضا كلمات سيّئة الحظّ فقد كانت تطلق على وضع شبيه بقافلة تسير في الصحراء إلى هدف لا يعلمه إلاّ القائد الأوحد ومهما يكن من أمر فإنّ الثورة جعلتنا نستعيد بعض الثقة في مثل تلك المصطلحات بعد أن أخرجتنا من أوهام التمني إلى أفق الإرادة والفعل ولكن مع الانتظار الذي هو أفضل من التمنّي كما يقول المثل الشعبي الساخر. بقي لنا أن نقرّر هل سنسترجع الإرادة أم سنبقى فى انتظار المنقذ أو المهدي أو غودو (Godot)!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.