طلع علينا النظام السوري نهاية الأسبوع المنصرم بشكل متفرد من أشكال خنق وتقييد حرية التعبير في عصرنا الحديث.. شكل عنيف يسيء لحرية الإبداع الفني استهدف هذه المرة الفن التشكيلى لا في سوريا وحدها وإنما في كل العالم لان هذا الفن يعتبر بامتياز مرآة كل الشعوب، إذ يعكس آراءها السياسية والاجتماعية، ولأنه في عصرنا هذا اقرب الفنون للناس فالكاريكاتور أكثر تعبيرا عن وجدان اعرض الشرائح المثقفة وأسهل وصولا إلى أكبر عدد من الجمهور. ففي خطوة متقدمة عما أقدم عليه النظام السوري مباشرة بعد اندلاع شرارة الثورة منذ ستة أشهر من محاصرة وتضييق وإهانة ومحاربة المبدعين في مصادر رزقهم وقوت عيالهم من أجل الظفر بتصريح أو موقف يؤيد بشار ويدافع عن نظامه غير المرغوب فيه سوريا وعربيا ومؤخرا دوليا مرت «شبيحة» النظام السوري -تقريبا ما يعادل ميليشيا الحزب عندنا إلى مواجهة الفنانين بعنف يستهدف الجسد في ظاهره ولكنه يتضمن أكثر من رسالة.. هذا الشكل الجديد في قمع المثقفين هو تكسير الأصابع.. والضحية التي حمّلت هذه الرسالة الوحشية الطافحة بالدم والتي فاحت منها رائحة التهديد والوعيد بسوء المصير هو فنان الكاريكاتور السوري المعروف علي فرزات الذي تعرض إلى اعتداء وحشي إذ اختطف.. قيدت أطرافه.. كمم فمه ..ضرب بلا شفقة ولا رحمة وركل إلى أن تأذى في صدره ووجهه وخاصة في أصابعه ثم رمي في الطريق وهو ينزف من كل مكان في جسده. وعلي فرزات هو احد رموز الثقافة المعاصرة في سوريا ومن أكثر الرسامين الكاريكاتوريين العرب موهبة ونقدا لاذعا ولد عام 1951، فاز بعدد من الجوائز الدولية والعربية. نشرت رسوماته في العديد من الصحف السورية والعربية الأجنبية. هذه الجريمة التي بدأ المثقفون والفنانون العرب والأجانب في إدانتها بالتصريحات الفردية والبيانات وتسجيل تضامنهم مع ضحيتها الفنان علي فرزات هي في الحقيقة مخطط لبث الخوف في أوساط المثقفين للحد من تضامنهم مع حركة مناشدة الحرية التي اكتسحت المدن السورية منذ ستة أشهر. وتركيز «الشبيحة» خلال الاعتداء الوحشي على أصابع الفنان بالذات إنما هو في الحقيقة حكم بإعدام موهبة وإلحاق إعاقة حتى يصبح عاجزا عن مسك ريشته وقلمه لتنفيذ رسوماته الجريئة وبث مواقفه التي أغضبت النظام السوري منذ اصدر أول جريدة سورية مستقلة ساخرة وسحبت رخصتها منه بسبب بعض المشاكل مع السلطات السورية. وفي تكسير أصابع الفنان كذلك تحذير لغيره ممن قد يتجرأ على فتح فمه أو رفع يده ليقول -لا - فهل ينجح النظام السوري في مسعاه ويواصل قطع الألسن والأيادي ومصادرة الأنامل ليعبث بها متناسيا أنها ملك للشعب برمته لا ملك للمعنفين وحدهم. علياء بن نحيلة