كيف نختار الأضحية... وما هي أبرز أنواع الخرفان في السوق التونسية؟ «للنجدي» أو العربي نكهته والميالون إليه... و«للغربي» أيضا يميل البعض من الناس... فماذا عن خصائص كل منهما؟ ...هل للمحيط والمناخ والتغذية والسن تأثير على لحم الخروف؟ تونس الصباح تمثل الاضحية لدى العائلة التونسية اختيارا كثيرا ما يكون جماعيا تشارك فيه المرأة، والاطفال، ورب العائلة، وذلك من خلال جولات في الاسواق، واستعانة بالعارفين لأنواعه في معظم الاحيان، كما يتم مع البعض تسليم الامر للمربي والاستعانة به في هذا الاختيار. والثابت ان نسبة هامة من الذين يتزودون بهذه الاضحية ليست لهم الخبرة الكافية في اختيار الخروف، وحتى وان اختاروه بأنفسهم فإن شكل الخروف هو الذي يقودهم، ويبقى محددا ويغلب على كافة الجوانب الاخرى بما في ذلك الخصوصيات الاساسية المتعددة الجوانب. فماذا عن انواع الخرفان، والاكثرها وجودا في القطيع التونسي وتداولا في السوق؟ وماذا عن خصوصيات كل منها؟ وبماذا يتميز كل نوع في نكهة اللحم، وخصوصياته؟ وهل للمناخ والتغذية وسن الخروف تأثير على طعم لحمه وطراوته؟ سلالتان أساسيتان في الخرفان التونسية تفيد الاحصائيات الخاصة بالقطيع التونسي للضأن، وانواع الجينات الاصيلة له، ان هناك نوعا واحدا يعتبر تونسيا اصيلا، يعود تاريخه الى السكان الاصليين لتونس، أي البربر، وهو الخروف العربي او ما يتعارف عليه بين الاوساط الشعبية ب"النجدي". ذلك الخروف الذي يتميز بإليته الكبيرة، وقامته القصيرة. وتلى وجود هذا النوع من الخرفان سلالة اخرى تسمى " الغربي"، وهو ذلك الخروف الذي يتميز بذيل بدل الإلية، كما يعرف ايضا بطوله وعلوه مقارنة بالعلوش النجدي او العربي. وتشير مصادر عليمة بسلالات الخرفان وأمهاتها على وجه الخصوص ان هذا الخروف جاء الى تونس بعد قرون من النجدي الاصيل، وقد جاؤوا به من المغرب العربي وبعض البلدان المتوسطية، وهو يمثل الآن السلالة الثانية الاكثر تواجدا بعد العلوش النجدي، وتقع تربيته خاصة في المناطق الشمالية الجبلية والمرتفعة للبلاد. أما العلوش العربي او النجدي ونظرا لوداعته وحركته البطيئة وتكيفه مع مناخ وأرضية يغلب عليها السهول فهو يربى في المناطق الجنوبية والساحلية والوسط التونسي ويمثل الاكثرية على الاطلاق، من حيث عدده وعدد النعاج، وكذلك اتساع الرقعة التي يعيش فيها. وتشير دراسات اخرى وبحوث ان عملية التهجين بين السلالتين، قد وقعت ايضا، ونتج عنها خروفا يسمى "شركي" ويعرف في الجمع بين ذيل وإلية صغيرة، لكن هذا النوع لم يكن بكثرة في تونس وذلك لعدم تأقلمه مع مناخ بعض الجهات. وتتوفر في بعض المناطق الشمالية سلالة اخرى من الخرفان تسمى "سيسيليان"، وهي نسبة لجزيرة سيسيليا القريبة من تونس. لكن هذه السلالة محدودة جدا، وتبقى ايضا غير معروفة لنسبة واسعة من التونسيين. الميزة والخصائص بين النجدي والغربي كما سبق ان ذكرنا فإن السلالتين هما الاكثر تواجدا في البلاد التونسية، لكن لكل منهما خصوصيات عديدة النوع اولا، ثم المناخ والعشب وطبيعة المكان الذي تعيش فيه وانعكاساتها عليها. فالنجدي بحكم نوعيته وحركته البطيئة واليته الكبيرة وشكله عموما يلائمه العيش في السهول، والحرارة المرتفعة، وهو يوجد في الساحل التونسي والجنوب والوسط، وهي اماكن تتميز بمناخها الحار عموما، وبنوعية اعشابها، ولذلك فإن لحمه يكون طريا، وتتجمع شحومه عامة في الالية والصدر، اما بقية الجسم فإنه يكون خاليا من هذه الشحوم. أما العلوش الغربي فانه يعيش في المناطق العالية، وتحديدا في كافة المنطقة الشمالية للبلاد. وهو يتأقلم معها من حيث تضاريسها، وهضابها ونوعية اعشابها وبردها. ولعل بنيته قد ساعدته على ذلك، حيث يشير الباحثون الى ان هذا الخروف يتماع بطول أرجل، وقامة تؤهله الى التأقلم مع هذه المواقع، وهو ايضا من انواع الحيونات الاكثر حركية والقريب من الماعز. ولكل خصائصه هذه وحركاته الناتجة عن التضاريس التي يعيش فيها يكون لحمه مشدودا و"يابسا". كما أن الشحوم التي توجد به تتوزع على كافة بدنه وتكون مختلطة مع كل اجزائه، ولا تظهر الا مع عملية الطهي. لكل نكهته الخاصة وبخصوص نكهة لحم كلا الخروفين النجدي والغربي، فإن الميزة تبقى واضحة، لكن الفوارق تبقى نسبية. ولعل الميزة الاولى تبرز في كون لحم النجدي "طريا" بينما لحم الغربي يكون "يابسا" عند المضغ، كما ان لحم النجدي يكون غير دسم نظرا لانه غير مخلوط بالشحوم، بينما يكون لحم الخروف الغربي أكثر دسامة في كل اجزائه. وبقطع النظر عن هذه الخصوصيات فإن لحم الضأن في تونس عامة، على قيمة عالية ونكهة خاصة، لكن لاهل الساحل والوسط والجنوب ميولاتهم للنجدي او العربي، ولاهل الشمال ميولاتهم للغربي. كما أنه وبفعل التسويق بات كلا الخروفين يوجدان في كل الاماكن، خاصة خلال عيد الاضحى، وطبعا يبقى الذوق والمظهر والميولات لنكهة اللحم محددة في اختيار العائلات لهذا الصنف او ذاك من الخروفين. بقي ان نشير الى مسألة واحدة قد تلعب دورا سلبيا في نكهة الخروف عامة، مهما كان نوعه، ونقصد بذلك سنه. فالضأن مهما كان نوعه يكون غير لذيذ الطعم، وصعب الهضم، اذا فاقت سنه ثلاث سنوات، واصبح كبشا، بعد ان يتجاوز سن الخروف المحددة بسنة، والبركوس الذي يكون عمره بين عام ونصف الى عامين او ثلاث سنوات على اقصى تقدير.