تنتهي اليوم أعمال الجرد الموكولة للجنة المصادرة المحدثة بمرسوم رئاسي يخوّل لها مصادرة أملاك من تورّط في أعمال فساد إداري ومالي ولحقتهم جرّاء ذلك تتبعات قانونية ومنذ انبعاثها كانت هذه اللجنة محلّ متابعة لصيقة من وسائل الإعلام ومن كل المهتمين بالشأن الوطني.. "الأسبوعي" التقت بالحقوقي حامد النقعاوي رئيس جمعية القانون والتطبيق في طور التكوين للتعريج على بعض الغموض الذي يكتنف ملف المصادرة والمرسوم الذي ينظّمه.. سألنا محدّثنا في البداية عن ملابسات عملية الجرد التي انكبت عليها لجنة المصادرة لستة أشهر وتنهي أعمالها اليوم فأفادنا «آخر أيام الجرد القانوني للأموال المشمولة بالمصادرة هو أمس. واليوم تحرر اللجنة تقريرها الذي لا يجب أن يستغرق مدة طويلة بما أن أعمال الجرد قد انتهت، لتمر اللجنة إلى تفعيل المصادرة. رغم أن هناك فراغا قانونيا بشأن كيفية تفعيل المصادرة وحقوق المتضررين في مراجعتها قضائيا، فالمرسوم يوجب على لجنة المصادرة إعداد تقرير في أعمالها بانقضاء أجل 6 أشهر من تاريخ نشره، لتتولى بعد ذلك اعتماد ذات التقرير في إجراءات نقل الأموال المصادرة لفائدة الدولة. ولكن هل ستتولى اللجنة تقديم نظائر من تقريرها إلى إدارات الملكية العقارية بعدد الرسوم العقارية المراد نقلها؟ مرسوم المصادرة لا يجيب عن التساؤلات سألنا محدّثنا ما اذا كان المرسوم يجيب عن كل هذه التساؤلات فأجاب «إن مرسوم المصادرة لا يجيب عن هذه التساؤلات، لكن منطق الأمور يقتضي صدور قرارات مصادرة عن اللجنة يخص كل قرار منها شخصا من اللذين صودرت أملاكهم، ويتضمن تحديد الأموال المشمولة بالمصادرة وفق معايير المرسوم، أي تلك المكتسبة بعد 7/11/1987 بشأن من ذكرت هوياتهم، وتلك المكتسبة جراء علاقات غير سوية بمن ذكروا، بالنسبة للأشخاص المعنيين بالعبارة الواردة آخر الفقرة الأولى من الفصل الأول من المرسوم.» ويضيف « ولكن هل ستكون هذه القرارات إدارية فتقبل الطعن بدعوى تجاوز السلطة لدى المحكمة الإدارية، أم ستعتبر قضائية فيسوغ الطعن فيها بدعوى البطلان لدى المحكمة الإبتدائية ؟ ويضيف حامد النقعاوي «إن تحديد الأموال المصادرة، والتعرف على من اكتسب حقوقا مالية جراء علاقات مشبوهة بالمخلوع ومن معه، والبت في ثبوت الديون وفي صحة التصرفات القانونية المتعلقة بها أو بطلانها ليس من الأعمال الإدارية، وإنما هو عمل قضائي لا يرجع الإختصاص بمراجعته على المحكمة الإدارية. فالمرسوم اقتضى مصادرة جميع الأموال المكتسبة ممن ذكروا بالمرسوم بعد تاريخ7-11- 1987 هكذا ضبط مشرعنا الجديد النطاق الزمني للمصادرة معتمدا أول عهد المخلوع بالحكم معيارا، وسرعان ما تفطن إلى خلل بالنص فاستثنى بالمرسوم 47 لسنة 2011 المؤرخ في 31 ماي 2011 الأموال الموروثة بعد7-11- 1987 شرط أن يثبت الوارث ملكية المورث قبل ذلك التاريخ. مرسوم فاقد للشرعية وفي السياق ذاته أكّد محدّثنا «أن أول منتفع بهذا التنقيح هو صهر بن علي مروان المبروك الذي سارع إلى الإدعاء أن كل أملاكه انجرت له بوجه الإرث وأن تلك الأموال الموروثة قديمة تعود إلى سنوات خلت.. الأمر الذي يخرجها من نطاق انطباق مرسوم المصادرة. لكن الحل القانوني عكس ذلك. إن مورث ذلك الصهر قد يكون اكتسب حقوقا مالية جراء علاقته بوارثه، لذلك فإن على لجنة المصادرة تطبيق الفصل الأول من مرسوم المصادرة تطبيقا تاما. كما فتحت العبارة الواردة بالفصل الأول من المرسوم (وكل من يثبت اكتسابه حقوقا مالية جراء علاقته بالأشخاص المذكورين بالمرسوم) الباب، أما ابتزاز رجال الأعمال من قبل جل شرائح المجتمع، فكل من بيده وسيلة إدانة تثبت علاقة احد رجال الأعمال بمن ذكر بات بيده مصدر رزق» ويضيف محدثنا «اعتقد أن هذه العبارة للحكومة المؤقتة وسيلة للضغط على رجال الأعمال المار ذكرهم على نحو يسمح لها بمساومتهم وتغييب البعض منهم عن الساحة السياسية وإقحام البعض الآخر في مجالات لا علاقة لهم بها، ولا نعلم هل استغلت الحكومة أو بعضها هذا الامتياز أم لا».