استعان الفريق الفلسطيني المسؤول عن تحضير مبادرة أيلول (سبتمبر) في الأممالمتحدة بالخبيرغاي غودوين جويل في القانون الدولي وأستاذ بجامعة أوكسفورد وحصل منه على رأي قانوني مستقل. وجاء هذا الرأي ضمن «وثيقة قانونية» تكشف للمرة الأولى المخاطرالكبيرة التي تشكلها مبادرة الأممالمتحدة في حال تضمنت نقل تمثيل الشعب الفلسطيني في الأممالمتحدة من منظمة التحريرالفلسطينية إلى دولة فلسطين، إذ أن هذا حسب رأي الخبير غودوين، سيلغي الوضعية القانونية التي تتمتع بها منظمة التحريرفي الأممالمتحدة منذ عام 1975 (والمعترف بها دوليا منذ عام 1974) بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وعلى مستوى عال من الخطورة، يعني هذا أنه لن تكون هناك أي مؤسسة قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني بأكمله في الأممالمتحدة والمؤسسات الدولية المتصلة بها. وستؤثرهذه الخطوة سلبا على تمثيل حق تقريرالمصير، لأنه حق يخص كل الفلسطينيين سواء وجدوا في داخل الوطن المحتل أو خارجه. ويؤكد الرأي القانوني أن هذا التغييرفي الوضع التمثيلي سيهدد بشكل كبيرحق اللاجئين في العودة الى ديارهم وأملاكهم التي هجروا منها قسرا. وقد وضع هذا الرأي القانوني في سبع صفحات مفصلة تحت عنوان: «منظمة التحرير الفلسطينية، الدولة الفلسطينية المستقبلية، ومسألة التمثيل الشعبي»، وقدمه الى الفريق الرسمي الفلسطيني البروفيسورغاي غودوين جويل، وهو الخبير القانوني المخضرم والرفيع المستوى في جامعة أكسفورد وهو من ألمع أعضاء الفريق القانوني الذي فازفي محكمة العدل الدولية عام 2004 بقضية بناء الجدار غير القانوني على الأراضي الفلسطينية. و الجدير بالذكرأن الفريق الفلسطيني برئاسة الدكتور صائب عريقات يعمل منذ فترة على مبادرة تتضمن تغيير وضع منظمة التحرير الفلسطينية في الأممالمتحدة، وتبديلها بدولة فلسطين كممثل الشعب الفلسطيني. وعدا الاشارة الى أنه لن يتم الحصول فعلا على دولة حقيقية في أيلول (سبتمبر) في الأممالمتحدة لأن إسرائيل ستستمرفي احتلال فلسطين، يركزالنقاش العام المحتدم حاليا حول المبادرة، وبشكل حصري، على الخياربين طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين من مجلس الأمن أوالتقدم إلى الجمعية العامة بطلب قبول دولة فلسطين بصفة «مراقب»، وهي صفة قانونية تدنومن العضوية الكاملة؛ غلا أن العواقب القانونية الدراماتيكية التي تمس بالحقوق الفلسطينية لم يتم البت بها، وتحذرهذه الأستشارة القانونية من حتمية هذه العواقب في حال خسرت منظمة التحرير الفلسطينية صفتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الأممالمتحدة. كما يهدف رأي البروفيسورغودوين جويل القانوني «إلى الإشارة الى المسائل التي تتطلب الدراسة المعمقة ، لحماية نسبة عالية من أبناء الشعب (يخصهم بالتحديد حق العودة، بالأضافة الى مجموعة من الحقوق الأخرى) من خطرانتزاع الحقوق بطريق الخطإ». وأوضح الخبيرالقانوني الدولي في سياق دراسته لخطط استبدال دولة فلسطين بمنظمة التحريرالفلسطينية ممثلا للشعب الفلسطيني في الأممالمتحدة بما يأتي: «برأيي، هذا يثير، أولا: ما أدعوه إشكاليات «دستورية» (من حيث ارتباطها بالميثاق الوطني الفلسطيني والمنظمة والهيئات المشكلة لمنظمة التحرير). ثانيا: السؤال حول « قدرة» دولة فلسطين على أخذ الدور الفعال ومسؤوليات منظمة التحرير في الأممالمتحدة. وثالثا: «السؤال حول التمثيل الشعبي». وبعد مراجعة الهيكل الدستوري لمنظمة التحريرالفلسطينية، وتاريخ السلطة الوطنية الفلسطينية (التي أسستها منظمة التحريركجسد إداري قصيرالأمد، منوط بإدارة المناطق في الضفة الغربية وغزة التي وضعت تحت المسؤولية الفلسطينية حسب اتفاقية أوسلو)، يؤكد البروفيسورغودوين جويل ما هو معروف على المستوى العام: السلطة الوطنية الفلسطينية لديها قدرة تشريعية وتنفيذية محدودة، سلطة محدودة على الأرض، وسلطة شخصية محدودة على الفلسطينيين غيرالموجودين في المناطق التي تسلمت مسؤوليات بها». ويستنتج البروفيسورأن «السلطة الفلسطينية هي جسم فرعي ثانوي في الهيكل الدستوري لمنظمة التحريرونظام الحكم في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، مخولة لممارسة السلطة التي منحت لها من قبل المجلس الوطني الفلسطيني. إذن لا تمتلك السلطة، بحكم جوهرتعريفها، القدرة على انتزاع قوة سياسيةأ كبر لحل وتفكيك الجسم الأب، أو لتأسيس ذاتها بشكل مستقل عن المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ بل أكثر من ذلك اذ المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحريرالفلسطينية يستمدان الشرعية من حقيقة كونهما يمثلان كافة شرائح الشعب الفلسطيني المهجردون أي علاقة لمكان وجودهم الحالي أو مكان تهجيرهم». الا أن استنتاجات الفقيه القانوني الأكثرخطورة والداعية إلى القلق الشديد، فهي تخص أثر استبدال الدولة الفلسطينية بمنظمة التحريرالفلسطينية كالممثل في الأممالمتحدة على فلسطينيي الشتات. اذ أن غالبية أبناء الشعب الفلسطيني لاجئون، وكلهم ممثلون من قبل منظمة التحريرالفلسطينية من خلال المجلس الوطني الفلسطيني.«إنهم يشكلون أكثر من نصف الشعب الفلسطيني، فإذا حرموا من حقوقهم وفقدوا تمثيلهم في الأممالمتحدة، فلن يكون هذا مجحفا فقط بحقهم في التمثيل المتساوي، وعلى عكس إرادة الجمعية العامة، بل سيمس أيضا قدرتهم على التعبيرعن آرائهم، ومشاركتهم في قضايا الحكم الوطني التي تشمل بناء وتشكيل الهوية السياسية للدولة، وسيمس أيضا قدرتهم على ممارسة حق العودة».
فرانسيس بويل حق العودة والتمثيل لن يسقط بحصول دولة فلسطين على اعتراف دولي كان موقف فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة إلينوي الأمريكية، والذي عمل في السابق مستشاراً قانونياً لمنظمة التحرير مغايرا تماما، حيث اكد أن جميع الحقوق الفلسطينية تم صونها وستستمرمع حصول فلسطين على العضوية في الأممالمتحدة، بما في ذلك حق العودة. وقال بويل في رده على مذكرة، غاي غودوين إنها «مليئة بالتحريفات»، لافتاً إلى أنها تستند إلى العديد من الافتراضات المغلوطة. إذ قال بويل في مذكرة أخرى أرسلت للقيادة الفلسطينية أن هذا الأستاذ الجامعي «غير ملم بجميع الجوانب التقنية المتعلقة بالقانون والدستوروالتي تم تضمينها في إعلان الاستقلال منذ البداية لضمان عدم تحقيق هذا السيناريو المدمرالذي أشارإليه». وأكد الخبيربويل أنه كان قد شرح كيف يمكن الحصول على عضوية الأممالمتحدة في الوثيقة الأصلية التي أعدها للرئيس ياسرعرفات ومنظمة التحرير في العام 1988. وقال: «في وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطينية والتي تم تبنيها يوم 15 تشرين الثاني 1988 من قبل المجلس الوطني لمنظمة التحريرالفلسطينية وهو الجسم الذي يمثل الفلسطينيين حول العالم ، تم تحويل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريرالفلسطيني إلى الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين». وأشار إلى أن إعلان الاستقلال ينص على أن الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم يصبحون بشكل تلقائي مواطنين في دولة فلسطين، وقال «بهذا تستمراللجنة التنفيذية لمنظمة التحريربصفتها الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين في تمثيلها لمصالح كل الفلسطينيين حول العالم عندما تصبح فلسطين دولة عضوا في الأممالمتحدة». وبين أن هذا الأمر فيه صون لكل حقق الفلسطينيين ولمنظمة التحريرالفلسطينية، وأكد أنه لن يحرم أحدا من حقوقه.وأكد أن منظمة التحرير الفلسطينية لن تخسرمكانتها، وهذه الصيغة القانونية «لا تنتهك أو تتعارض مع الميثاق الوطني الفلسطيني»، مشيراً أيضاً إلى أن حق العودة لن يسقط في حال حصول فلسطين على عضوية في الأممالمتحدة. هذا وأكد الخبيرفي القانون الدولي أن النصائح التي قدمها للرئيس عرفات ومنظمة التحرير بين العام 1987 و1989 كانت تستند إلى الافتراض أنه يوما ما سنتقدم بطلب العضوية في الأممالمتحدة. وطالب بويل من القيادة الفلسطينية مواصلة هذا المسار، وقال في مذكرته: «لقد عملت من أجل هذا اليوم منذ أن اقترحت فكرة عضوية فلسطين في الأممالمتحدة بطريقة مشابهة لتلك التي حصلت فيها ناميبيا على العضوية في الأممالمتحدة، وكنت قد قدمت هذا الاقتراح أول مرة في مقرالأممالمتحدة في نيويورك في حزيران من العام 1987». وتعارض كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل بشدة خطوة توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة، وأبلغ القنصل الأمريكي العام الجمعة الماضية الدكتور صائب عريقات رئيس طاقم المفاوضات أن بلاده ستستخدم الفيتو ضد قرارطلب العضوية.
حسن جبارين الخطوة الفلسطينية فيها تهديدات كبيرة شارك العديد من الخبراء الفلسطينيين غودوين - جويل رأيه، إذ قال مديرمركز «عدالة»، الخبير في القانون الدولي الدكتورحسن جبارين أن الخطوة الفلسطينية تنطوي على محاذيركبيرة، موضحاً : «حصول الفلسطينيين على اعتراف من الأممالمتحدة بدولة مستقلة على حدود عام 1967 ستكون له آثارسلبية على الحقوق الفلسطينية الأخرى التي حفظتها قرارات سابقة للأمم المتحدة، مثل اللاجئين والقدس والأرض الواقعة بين خط التقسيم و»الخط الأخضر». وأضاف: «القرار 181 يعطينا أكبر بكثير من دولة مستقلة على حدود عام 1967، يعطينا خط التقسيم»، وتابع: «كما أن القدسالغربية ستذهب في القرارالجديد لإسرائيل، علماً أن القرار 181 يجعلها دولية». ورأى انه طالما أن لدينا قرار التقسيم الذي ينص على إقامة دولتين، ويعطي الفلسطينيين مساحة أكبرمن ال 1967، فإن الذهاب إلى قرارجديد يعطينا أقل من ذلك، سيكون تراجعاً وليس تقدماً، خصوصاً أن كلا القرارين لن يطبق».