انتظمت صباح أمس بفضاء النجمة الزهراء بسيدي بو سعيد ندوة صحفية خصصت لتقديم الدورة السادسة لمهرجان «موسيقات» الذي يقام فيما بين 30 سبتمبر الجاري و8 أكتوبر القادم والذي حافظ هذه المرة على نفس الأطراف التي دأبت على تنظيمه في الدورات السابقة وهي مركز الموسيقى العربية والمتوسطية بالنجمة الزهراء بالاشتراك مع «سكوب للتنظيم» واتصالات تونس. والجديد في هذه الدورة التي تتراوح ميزانيتها بين 150 و180 ألف دينار كما صرح بذلك الدكتور أنس غراب مدير المهرجان خلال هذه الندوة هو لامركزية التظاهرة التي تتيح لبلادنا احتضان فسيفساء من الموسيقات العالمية القديمة أو المستلهمة منها بالخروج من فضاء سيدي بوسعيد والنجمة الزهراء لتنفتح على فضاءات أخرى بالعاصمة في انتظار إتمام مشروعه المتمثل في لامركزية هذا المهرجان الهام من حيث فعالياته وأهدافه وذلك ببرمجة عرضين هامين من برنامج هذه التظاهرة خارج فضاء النجمة الزهراء. يحتضن المسرح البلدي السهرة الموافقة ليوم 7 أكتوبر القادم عرضا لفرقة الموسيقى الشعبية المصرية وينتظم العرض الختامي للمهرجان للفنان العالمي الكوبي إبراهيم فرار على ركح الأكروبوليوم بقرطاج فيما تقدم بقية العروض بفضاء النجمة الزهراء والغرض من ذلك هوالانفتاح على جمهور أوسع والوصول إلى أكبر عدد من المواطنين.
ثقافة انفتاح
يتضمن برنامج هذه التظاهرة عشرة عروض موسيقية متنوعة تعد من أبرز الأنماط الموسيقية العالمية المتجذرة في الحضارة والمرسخة لثقافات موسيقية للشعوب القديمة كما أكد ذلك مدير المهرجان على غرار «السالسا» اللاتينية التي يقدمها الكوبي ابراهيم فرار والموسيقى الصوفية لفقراء شمال شرقي الهند أو الموسيقى الغجرية البلقانية من خلال أول حضور للمجموعة النمساوية «فيانير تشوسن كابلا» أو «الفلامنكو» الذي يعود بالمتلقي إلى ربوع الأندلس والايقاعات الموسيقية في قرطبة خلال أوج عصورها ليقدمها في لون معاصر الثنائي الاسباني «دافيد بينو» و»غابريال آسبوزيتو» وغيرها من الموسيقات الأخرى كالتركية والإيرانية والماليّة. واختار منظمو المهرجان أن تكون الموسيقى التونسية ممثلة في عرض «مانقا» أو ما يصطلح عليه في الأوساط الموسيقية في بلادنا ب»المجرّد» وهو عبارة عن إنشاد صوفي للعيساوية ويعود اختيار تسميتها بالمجرد إلى خلوها من الآلات والاقتصار على التصفيق بالأيادي خاصة أن هذه الموسيقى القديمة لم تعد منتشرة وحاول مركز الموسيقى العربية والمتوسطية الاعتناء بها ومحاولة تجديدها. وفسر مدير المهرجان الاقتصار على مشاركة واحدة لتونس رغم ما تزخر به من موسيقات وآلات قديمة قائلا: «لقد باشرت مهمتي في إدارة هذا المركز خلال الأشهر الأولى من هذه السنة وأعترف أنني لم أتوصل إلى حد الآن لتنفيذ مشروعي الذي أطمح إلى تحقيقه في هذا الفضاء بجمع الموسيقى التقليدية والاستلهام منها وهو ما يتطلب مجهودا كبيرا يتمثل في تأطير الفرق التقليدية والهاوية فيما يسهل التعامل مع الفرق المحترفة وقد توصلنا داخل هذا الفضاء إلى التحضير ل»المجرد» في هذه المناسبة وأتمنى أن نعدّ لأنماط أخرى من مختلف الجهات في الدورات القادمة». من جهة أخرى تعد هذه التظاهرة مناسبة للتعريف ببعض الآلات الموسيقية القديمة من بينها «الأرغول» التي لا تزال الفرقة المصرية للفنون الشعبية تحافظ على استعمالها في عزفها باعتبارها آلة قديمة تعود إلى الحضارة الإغريقية. وأوضح مدير المهرجان أن هذه الدورة سوف لن تشهد تنظيم ندوات أو لقاءات مع أغلب الأسماء التي ستشارك في هذا المهرجان لعدة صعوبات في حين أنه من المنتظر تنظيم لقاء بين الكوبي إبراهيم فرار ومجموعة شمال الهند للموسيقى ليتم خلالها تقديم آلات موسيقات جديدة والاطلاع على إمكانيات توظيفها على نحو تحافظ فيه على خصوصيتها وطابعها القديم ويقع استخدامها في الموسيقى العصرية. وشدد مدير النجمة الزهراء بالمناسبة على أن المركز وباعتباره فضاء تابعا لوزارة الثقافة مهمته تثقيفية من خلال حفظ جانب من الذاكرة الموسيقية القديمة المهددة بالنسيان وحمايتها من الاندثار والعمل على إعادة توظيفها على نحو يجعلها مواكبة للتطور في مستوى استعمال آلات وتقنيات حديثة وتستجيب للذائقة الموسيقية المنفتحة على أنماط وألوان موسيقية متعددة. واعتبر أنس غراب هذا الخيار كان بمثابة تحد لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا.