بقلم: الأستاذ حامد المهيري يا شباب القرن الواحد والعشرين سألتموني عن الدين والسياسة فكان جوابي الدين عقيدة ثابتة، لا تستهويها شهوة، ولا تغريها رغبة، ولا تكدرها مظلمة، ولا تضعفها مصلحة، ولا تغيّرها حادثة، بينما السياسة هواية متغيّرة، توسوس بها نفس الإنسان الموسوسة، فتسوّل له نفسه المسوّلة أمرا، ويطيع نفسه الأمّارة بالسوء فتأمره بالسوء والفحشاء، وقليلا ما تهديه نفسه اللوّامة إن كان من المتقين، ومن الشّاذ والعسير أن تكون نفس الإنسان السياسي مطمئنة فالإنسان بفطرته خطّاء ومغرور. فقيل لي قد تكون العقيدة متحجرة، جامدة، أو جاحدة، فكان جوابي هذه ليست من وحي الخالق. بل هي من مخلوقاته. فقد أمر الخالق مخلوقاته باتّباع العقيدة الوسط في قوله تعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا» (البقرة آية 143) فالجمود والجحود عدوان لدودان للعقيدة الوسط، وهما صفتان من صفات السياسة لا من صفات العقيدة فقيل لي قد تكون السياسة نافعة. فكان جوابي اذا كانت صالحة مصلحة انتهجت منهج الإعتدال، لكن قد تكون فاسدة مفسدة إن تمسكت بالجمود او بالجحود وفي حالة تمسّك السياسة بمنهج الاعتدال، فبطبيعة الحال قد خضعت لمنهج العقيدة الوسط، ويحصل الوفاق وتحل الطمأنينة في النفوس، وتنتصر النفس المطمئنة على بقية النفوس الموسوسة، والمسولة، والأمارة بالسوء، وتهدأ النفس اللوّامة من لومها. ويشمل النفع كل أبناء آدم. أما إذا دخلت السياسة في صراع مع العقيدة، أو العكس بالعكس، ففي هذه الحالة تنتصر النفس الأمارة بالسوء، وتنقلب السياسة إلى حرب مدمّرة، ويكون الصراع بين أهل الأنانية، وحب الذات، وبين أهل الشوري، وحب الجميع. وأخيرا أذكر المتصارعين بقول خالقهم «يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امري منهم يؤمئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة» (عبس آيات 34 41) وآمل أن يشرق السرور، ويضيء الفرح، ويتجلّى النعيم، وينشر العلم، ويرفع الجهل، وتتآلف القلوب، وتستنير العقول، وتتصافح الأيدي، ويتعاون البشر على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان. فالأرض أم مشتركة لكل أبناء آدم مهما اختلفت مذا هبهم وأحزابهم «كل حزب بما لديهم فرحون» (المؤمنون آية 53) و(الروم آية 32) ولا تتناسوا أمر الله لخاتم رسله «فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب» (الرعد آية 40) احذروا الوقوع في مقولة الكنيسة «السّلطة للقسوس والطاعة على العامة» فهذا تجميد للعقول يرفضه الإسلام منذ نشأته الأولى.