يعيش ابن آدم جهادا مريرا مع ذاته، فالانسان مركّب من روح وجسد الروح يجذبه الى العلو والصعود، ويدعوه للتصوف والتزهّد والجسد يغريه بغرائزه للنزول الى الشهوة المادية بغلو فأصبح فريسة لخمس نفوس: النفس الامارة بالسوء تدعوه لارتكاب الذنوب وتحرّضه على الانحراف والفجور وتدفعه الى الضلل. والنفس المسوّلة تزيّن له القبيح فتعرضه في صورة الجميل وتسوغ أهواءها بمكر وبراعة فترسم الشرّ وكأنه خير وتحببه اليه ليفعله. والنفس الموسوسة تهمس الى صاحبها بالصوت الخفي الذي يكاد يُسمع من الاعماق لتذكّره بخواطر الاثم ومشاعر المنكر، والنفس اللوّامة تلوم صاحبها لوما شديدا موصولا على ارتكاب الشر او التقصير في الخير وتندم على ما فات، وتحاسب عليه، فهي نفس متيقّظة خائفة، حذرة، تتلفّت حولها، وتتدبّر أمرها وتسائل ذاتها في الحين، وأخيرا النفس المطمئنة، الموقنة، الراضية با&، وعن ا&، المعتصمة بحبل ا&، اللاجئة الى حمى ا&، يناديها ربّها أكرم نداء، ويدعوها ألطف دعائه، فأشرّ النفوس النفس الأمّارة بالسوء، الداعية الى الضلال، المحرّضة صاحبها على الانحراف والاعتساف وخير النفوس النفس المطمئنة المعتزة بدينها، الحريصة على قيمتها الراضية بقدرها وبينهما المسوّلة للشر، والموسوسة بوسوسة الشيطان، واللوامة للكف عن الشر فابن آدم تتصارعه نفوس متناقضة.