بقلم: منصور بوليفة توصف جهة تطاوين بأنها من أهم ميادين تربية الماشية في الجنوب التونسي، وعليه يتباهى المسؤولون فيها بأنها مصدرة للحوم، وبالفعل يأتي التجار من داخل البلاد لشراء العلوش العرضاوي ذي الشهرة، هذا في الوقت الذي يستنكف أهل الجهة من استهلاك لحم الضان تحاشيا وتطبيقا لإيحاءات الدكتور حكيم. وبحكم هذا الاختصاص يفترض وجود رعاة مهرة لهم الخبرة الميدانية الكافية للعناية بالقطيع وحسن تدبيره، ويتجلى هذا في تنظيم السقاية، أي كيفية إرسال الماشية لشرب الماء، إذ يتم إرسال البيض أولا أي الأغنام لشدة تعطشها وصعوبة مراسها بتدافعها الجماعي، إذ يجد الراعي مشقة في تنظيم صفوفها، وتجزئتها ومع ذلك يقسمها إلى دفعات يحظى الكبش فيها بأفضلية الإرسال الأول. وهكذا تتوالى الدفعات إلى الماء حتى النهاية. بعدها يتم إرسال الأسود أي الماعز وهذا النوع من القطيع أقل عناء إذ يسهل حزّه أي تفريقه وإرساله على دفعات متتالية تحدد عدديا بمقدار المستخرج من البئر، وهكذا دواليك حتى النهاية حتى يشرب الجميع دون عناء كبير. والمعنى أنه من غير المجدي إرسال كل القطيع في نفس الوقت تلافيا للفوضى التي قد تحصل لدى الراسل والمرسول والمرسل إليه.. وهذا التنظيم المحكم من طرف الرعاة يدعو إلى التفكير والتجربة أم الاختراع وحصول الفائدة بعناء أقل، هي هدف كل عاقل والعاقل هو من يؤسس درسا. قلت في نفسي ما المانع أن نقتدي؟ والاقتداء خاصية إنسانية، إذ ما يحدث لو طبق هذا الدرس المثير للإعجاب على بني الإنسان؟ وأعني قطاع التعليم على اختلاف مستوياته بمعنى البيض ثم السود كما يفعل الراعي الحصيف أي الدخول إلى المؤسسات التعليمية حسب المستويات بفارق زمني تحدده سلطة الإشراف على أن لا يربك النظام المتواتر فارق عشرة أيام مثلا فلا اكتظاظ ولا تبديد للوقت والمال. ومثالنا خارج سياسة الراعي نظام الإشارات الضوئية من حيث ترتيب السير استئناسا لما قامت به وزارة الحج السعودية باعتماد الإشارات في تنظيم مشعر من مشاعر الحج حيث استفاد الحاج وغنم وعاد سليما. إننا من موقع العارف مبعاناة الناس عند العودة المدرسية والجامعية نتمنى من سلطة الإشراف الأخذ بقاعدة سياسة الترسال واحترام الإشارات الضوئية وكلكم راع.. واللبيب بالإشارة يفهم.