كارثة بيئيّة في بنزرت: مياه الصرف تغمر 4 هكتارات من الأراضي الفلاحية في هذه المنطقة    الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية جديدة تطال تونس وعدداً من الدول    عاجل/ نشرة خاصة: تقلبات جوية منتظرة بعد الظهر..    تحذير من رياح قوية تتجاوز 80 كلم/س الليلة    بطاقة إيداع بالسجن في حق إطار أمني على خلفية قضية مخدرات    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    وزارة الشؤون الدّينية تصدر بلاغ هام بخصوص العمرة..#خبر_عاجل    دولة جديدة تنضم إلى قائمة مرشحي ترامب لجائزة نوبل للسلام    مبعوث ترامب يصل إلى مركز توزيع المساعدات في رفح    من ڨبلي لتونس الكبرى: نجاحات طبية في شهر جويلية تفرّح القلب    وزير الشؤون الدينية يُعاين جامع قرطاج ويقرّ جملة من إجراءات الصيانة    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    لطفي بوشناق يتغنى بالوطن والمرأة على مسرح مهرجان الحمامات الدولي    عاجل/ فاجعة في حفل محمد رمضان بالساحل الشمالي وسقوط ضحايا..    مونديال الكرة الطائرة U19: تونس تحقق أول فوز على الجزائر وتقترب من المركز 21    الرابطة الأولى: ثنائي أجنبي يعزز صفوف الشبيبة القيروانية    بيغريستين يترك منصبه كمدير للكرة في مانشستر سيتي    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يكشف عن آخر التعاقدات إستعدادا لقادم الإستحقاقات    مباراة ودية: شباب بلوزداد الجزائري يواجه اليوم الخور القطري    برنامج الجولة الافتتاحية: شكون يفتتح الموسم بأداء قوي؟    ''شوف كيفاش تشري تذكرتك لكأس السوبر 2024 بين الترجي والبقلاوة!''    للتوانسة: الصولد الصيفي ينطلق نهار 7 أوت... هذا هو اللي يلزمكم تعرفوه!    اليوم…هيئة إدارية قطاعية للتعليم الأساسي..وهذه التفاصيل..    جوان وجويلية: شنوّة اللي صار في طرقات تونس؟ قتلى بالجملة وصدمات بالجملة!    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    جريمة مروعة: ينهي حياة زوجته بسبب خلافات بينهما..    أحمد ونيس: زيارة ميلوني لتونس لم تكن مفاجئة بل تحمل رسائل أوروبية بشأن الهجرة وفلسطين    بسبب الألعاب النارية.. قتيل ومصابون في حفل لمحمد رمضان    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    وزارة الصحة تدعو إلى الإقبال على الرضاعة الطبيعية خلال الستة أشهر الأولى من عمر الطفل على الأقل    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    82% من الصغار ما ياخذوش رضاعة طبيعية حصرية: شنوة السبب؟    عاجل: تعرف على الحكم الذي سيدير لقاء السوبر بين الترجي والبقلاوة    عاجل/ ظاهرة كونية غامضة تهدد الأرض وتثير ذعر العلماء..الناسا تدق ناقوس الخطر..ما القصة..؟!    تطورات جديدة في كارثة حفل محمد رمضان في الساحل الشمالي    جامعة النقل: ''اللي صار موش تهديد، هذا صوت شعب يخدم بصمت''    عاجل/ رئاسة الجمهورية تكشف فحوى لقاء سعيد بميلوني..    عاجل/ إيران تفجرها وتحسم: لا عودة للمفاوضات قبل دفع الثمن الأمريكي..    تناقض مبادئنا".. فرنسا ترفض "صفقة القرن" الأوروبية مع واشنطن    ترامب ينفق ملايين الدولارات لبناء قاعة الرقص في البيت الأبيض    الدين القيّم... واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق    صيف المبدعين: الكاتب شفيق غربال: أصيافنا قلّت فيها المغريات والملهِيات    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    عاجل: الدّكتورة آمنة حريقة تفوز بجائزة أفضل مشروع بحث علمي نسائي لسنة 2025    توقعات بنزول أمطار: ديوان الحبوب يدعو الى أخذ الاحتياطات اللازمة    فريق الهيئة الوطنية للسلامة الصحية بالقيروان يحجز ويتلف كميات ضخمة من اللحوم الفاسدة    حفريات معبد تانيت...التوصل الى اكتشافات هامة    الاتحاد الاوروبي يشرع في تطبيق استثناءاتٍ لفائدة بعض المنتجات النسيجية التونسية    وزارة التجارة تكشف نتائج نشاط المراقبة الاقتصادية خلال هذه الفترة..    عمرو دياب يُفاجئ الجمهور: بكليب ''خطفوني'' بمشاركة ابنته جانا    المعهد الوطني للتراث يستعيد ست قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995    من طبرقة إلى جرجيس: كل الشواطئ مفتوحة أمام التونسيين هذا الويكاند    باحثون يطورون علاجا لهشاشة العظام...تفاصيل لا تفوتها    ناصيف زيتون يشعل مسرح قرطاج: ليلة عشق وأغنيات بصوت جمهور واحد    طقس الخميس: درجات الحرارة في ارتفاع طفيف    نجاح أول عمليات منظارية على الأربطة المتقاطعة بالمستشفى الجهوي بقبلي..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام العربي: نحكمكم أو نبيدكم
نشر في الصباح يوم 13 - 10 - 2011

بقلم: مصطفى البعزاوي لم يشهد التاريخ البشري أمثلة على ظلم الحكام و استبدادهم كما هو حاضر الحال في منطقتنا العربية, التاريخ علمنا أن الدول المركزية لا تستطيع التعايش مع غيرها من مراكز القوة، فهي إما تعيش وتحكم و حدها أو تتناحر مع غيرها لتحكم في النهاية وحدها. هذا ما نعرفه عن تاريخ الإمبراطوريات و الأباطرة. ولعل سر الاستبداد الذي تحدثه هذه الدول أو الإمبراطوريات في مواطنيها يكمن في بطء حركة المعلومة في منطقة نفوذ هذه الحكومات و اعتمادها على عناصر الحكم الاستبدادي التقليدية، الولاء، المال و القمع. فقد نجحت هذه الدكتاتوريات دائما، لكن إلى حين، في مدارات الجرائم وحمامات الدم التي تقترفها في حق شعوبها اعتمادا على التشكيك في كل خبر لا تكون السلطة مصدره.
التاريخ المعاصر أفرز نموذجا مستحدثا لنمط الدولة القومية التي قامت غالبا على أساس تجانس الأفراد داخل حدود جغرافية معينة. لكن ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأ تشكل نظام المجموعات من الدولة القومية نفسها بعدما وصل الفكر السياسي الأوروبي إلى حقيقة و حتمية التعايش بين الشعوب في إطار أوسع من ضيق الدولة القطرية وهو تطور نوعي في الفكر الإنساني من المؤسف أنه اقتصر على ضحايا الحربين و لم يعمم على بقية الشعوب. للتذكير فإن المجموعة الأوروبية ولدت في 1952.
أنظمة الحكم في بلداننا العربية كانت خليطا هجينا من إرث تراثي سلطة مركزية ظالمة الخلافة ببعدها الديني و من مشروع و حلم إقامة دولة قومية حديثة على النمط الغربي، فتمخض الجبل ليلد كارثة تلخصت في ملكية قطرية بصورتها الأموية في الخليج و « خليفة « بربطة عنق في باقي البلدان العربية و هو أسوأ نظام حكم في التاريخ الإنساني
و في الوقت استفادت الدول الأوروبية من تجربتها في البحث عن خصوصيات لبناء نموذج دولتها القومية فإن الدولة العربية ما بعد الاستعمار اجتهدت في تفتيت المقومات التي تجمعها و بحثت بالمجهر عن ما يميزها و التنقيب عن كل ما يمكن أن يبعدها عن محيطها الجغرافي و الثقافي و المشترك التاريخي بينها. فما يمكن أن يجمع بين الفراعنة و القرطاجيين والبربر و القبائل و العشائر العربية بمختلف مسميات عائلاتها و مشايخ قبائلها. و عليه، تحولت المنطقة العربية من منطقة متجانسة جغرافيا و ثقافيا و اقتصاديا و تاريخيا إلى مجموعة من الكيانات المتناحرة أعادت إنتاج أنماط حكم أجدادهم بدء بالدولة الأموية إلى ملوك الطوائف في الأندلس ودول الأيوبيين والمماليك في مصر والشام.
لا نعلم حقيقة ما يسند هذه الدول ولا ندري كيف تجدد قواها التي تحميها برغم فسادها و غسيلها القذر المنشور على كل الأعمدة. أنظمة سلطوية، متفردة نرجسية، فاسدة و متخلفة، لا بل كارثية بكل المقاييس لا تقف على قاسم مشترك يوحدها. لكل دولة زعيمها و نشيدها، جيشها و علمها و حدودها. في نهاية القرن العشرين انضاف إلى هذه الجوقة عنصر جديد هو الفريق القومي لكرة القدم و أصبح عنوان نجاح نظام من هذه الأنظمة في نهاية الأمر بين أقدام مجموعة من الأفراد يتقاذفون صورته بين النصر والهزيمة. حرب الكرة بين مصر والجزائر مثال صارخ على هذا السقوط القيمي.
كل هذا وهي أنظمة ساقطة و مذمومة من كل الشعوب مع تواطؤ مريب من الدول والهيئات الدولية. شعار السيادة والاستقلال في الدولة الحديثة رفع للتفرد بالشعوب وإذاقتها مرارة القهر و الظلم والهزيمة و الفقر و التخلف و الذل. نلمس ذلك في البؤس اليومي للناس، في تدني الخدمات العامة و مظاهر الفقر و الجهل والتخلف في جميع مجالات الحياة حتى تصل إلى النكتة في الشارع بين أفراد المجتمع كعنوان من عناوين الرفض لهذه الأنظمة. إلا أنها مع ذلك أنظمة قائمة متحكمة، متسلطة، جائرة وفاسدة فسادا بينا مفضوحا. و مع ذلك لها من مقومات القوة ما مكنها من الكذب والنباح بلا نهاية ولها جيش من « الخبراء» يبدعون في تقنين القمع و قتل حركات الإصلاح وتدجين مؤسسات المجتمع المدني والنجاح في الوقوف بصلف و عنف في وجه كل المعارضات، بل في وجه محاولات الإصلاح حتى من داخلها. و هذا ما لم نكن نفهمه. أما ما أصبحنا نفهمه الآن هو أن هذه الأنظمة لم تكن أنظمة سياسية تحكم شعوبا حتى و إن كان بالحديد و النار. بل هي عائلات لا علاقة لها بالسياسة وبالشأن العام لا من بعيد و لا من قريب. إنها عائلات تحكم الناس على أنهم عبيد ورعاع يأكلون و يشربون و يتزاوجون ومن رحمة الله أنهم يموتون. يدفعون ما عليهم من الإتاوات و الضرائب و الأداءات ويكدحون في سبيل تأمين الحد الأدنى من ضروريات الحياة المادية. في حين يبدد أفراد العائلات الحاكمة كل ما تحت وما فوق الأرض على النزوات و الفساد والإفساد. يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة بل لا يتصورون أن يسألهم أحد عن طلاقة أيديهم في مشاعة التصرف و التحكم المطلق في ما يعتبرونه ملكا خاصا .
وما إن قامت الشعوب تقول لهم إنكم موظفون مكلفون بمهمة تسيير البلاد والسهر على مصالح الناس وجدوا أنفسهم مجبرين على كشف حقيقتهم وإفهام الناس إنهم ليسوا بشرا بل « جرذان» تجب إبادتها. كان عليهم أن يطهروا عبيدهم من العناصر الكافرة بالنعمة والمتمردة على أسيادها وأولياء نعمتها «زنقة زنقة و بيت بيت». تقتيل الناس في المظاهرات السلمية منها و العنيفة هو بالنسبة لهم مجرد عملية «تطهير الرعية المارقة» و حفظ الأمن العام الذي لا يعني في الحقيقة غير تأمين وتأبيد مواقعهم حتى يعود قطيع الشعب إلى حظيرته ويعاود أسلوب رعيه الذي اعتاد عليه.
اكتشفت الشعوب فجأة أنها بشر واكتشف الحكام فجأة أن هذه القطعان لا تستحق غير القتل والإبادة و ندموا على كل حسنة تصدقوا بها عليها و أيقنواالآن أن وحدتهم و تحالفاتهم هي ضمانة المحافظة على كياناتهم و أسرهم وهم مستعدون أكثر من ذي قبل لإفناء هذه الشعوب. لذلك خرج علينا أحد أباطرة هذه العصابات وهو الآن يبحث عن جحر يداريه - بعد أن كاد كيده و جمع غيظه معلنا أنه قرر أن يستبدل عبيد العرب بعبيد العجم لأنهم أولى بالنعمة وأهل للمنة من بني جلدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.