في حادثة الفيلم الإيراني الفرنسي المترجم للغة العربية باللهجة العامية التونسية قيل الكثير، ليس لأن قناة عربية قد مررته أوأن الذاكرة الإسلامية قد تتأثربتاريخ ثورة على نظام مستبد في بلد إسلامي قد انقلب مسارها، وأثرت في مجتمعها حتى تعبر مشاكله القارات وتتجاوزالأحداث ويصبح نظام هذا البلد السياسي مضربا لبعض المثال ممن يرون مثاليا في بعض جوانبه أو يتخوف منه البعض الآخر، بل لأن تجسيدا للذات الإلاهية في ثلاثة مقاطع منه في ذاكرة طفلة بريئة تأثرت بتناقضات عاشتها وعبرت عنها حسب تقديرها للقدرة والمشيئة الإلاهية في خلدها. لم تبرزخلال الفترة القريبة الماضية رؤية حزبية أو سياسية واضحة من محتوى هذا الفيلم في مقارنة بالواقع التونسي ومقومات المجتمع التي لا تتطابق إلى حدّ الآن مع « مقومات المجتمع الإيراني» أوالنظام السياسي المتعاقب على حكمه ، ولكن هناك مخاوف تكاد تكون مشروعة من الخوف على حريات أساسية تربى عليها المجتمع التونسي، ولكن مع» أنهار الحرية التي تهرهر» قد يكون السدّ منيعا في مرحلة مقبلة للمحافظة على بعضها، فتونس قد عرفت في فترة سابقة شيئا من هذا القبيل في «البيان النوفمبري» من وعود عكس الواقع ما لم ينطق به، ولكن في دمج المعطى السياسي والديني تقف مخاوف التونسي بين الخطب الحزبية وبين الواقع وبين شبيهات هذه الأحداث التي تبرزفي كل حين وتحوم أسئلة تجعل في عقل المتابع حيرة كبيرة بين المخاوف « من نسمات التوجهات السياسية الدينية» التي باتت تبرزفي المشهد التونسي متخفية في برامج وتوجهات بعض الأطراف وهشاشة المجتمع التونسي وتركيبته والمخاطرالتي تهدد البنية الاقتصادية التي بدأ المواطن يتلمس أبجدياتها ما يطرح علامات استفهام تحيل على هذه الحريات ومفهومها. ومن العقيم تجاوزالاعتراف بان ثقافة الشعب التونسي وتعليمه الهش للغاية الذي أهمل جوانب روحية جعلت من المعطى الديني حاضرا بشكل بارز في الجدل، محطّ أنظارالمواطن بمختلف توجهاته ومرجعياته أثبتتها الفترة الماضية . وهذا لا يعني أنه ليس بشعب واع ولكن وعيه محدود حتى يفهم حدود التوظيف والتحريض ومآسيه والخطب الحزبية وشراكها فينزل للشارع ويتم استخدامه كآلية من آليات الأمرالواقع.!!! أكثرمن مليون مواطن تونسي شاب ينبغي أن يطرح حولهم تساؤل على غاية من الجدية. هل أن المرحلة التي تعيشها تونس من تجاذبات لا تستطيع أن تمرّ دون السقوط في شباك التجاذبات الإيديولوجية الفارغة والتراشق بالتهم؟ هذا الواقع لم نعشه من قبل؛ ففي شعبنا تغيب الاختلافات المذهبية الخطيرة والصراعات الإيديولوجية المسمومة التي تمثل خطرا على تركيبته. فلماذا لا يتم النظر إلى الوقع التونسي من منظور المؤسس والملاحظ حتى يتبين الغث من السمين فيه؟ ألم يتم عرض هذا الفيلم سابقا بتونس؟ وهل سُمع صوت أو احتجاج؟ ألم يتم الاحتجاج بتونس على عرض المسلسل الإيراني يوسف الصديق والتمثيل لصورة نبي الله رغم أنه عرض سابقا على قناة المناراللبنانية التابعة لحزب الله وتابعه أغلب التونسيين بشغف؟!!! لماذا تكلم المكتب الإعلامي بسفارة إيرانبتونس حول بث هذا الفيلم، ولم يتكلم في مواضيع تمسّ شأنه الداخلي؟ أليسذلك تدخل في الشأن التونسي؟ لماذا تحدث الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسي حول تداعيات هذا الموضوع.؟. لماذا لم تطرح أسئلة محرجة حول زيارة القائد السبسي لواشنطن ومنها لليبيا وتتالي الزيارات خلال الفترة الأخيرة لتونس بشكل بارز؟ ولماذا تم بث هذا الفيلم بتاريخ 7/10/2011 بالذات.؟. لماذا تستخف الأحزاب في برامجها بعقل المواطن التونسي فتطرح برامج انتخابات برلمانية ورئاسية بدل طرح محتوى تصورات للدستور؟ أليست الانتخابات لمجلس تأسيسي؟ هل طرح سؤال حول الفجوة الكبيرة التي ينبغي الإقراربها، بين فهم شريحة كبيرة ممن تعودوا التوجيه للورقة الحمراء والبنفسجية مقابل خدمة أوعطاء مادي زهيد وبين الورقة الانتخابية و» ضع قاطع ومقطوع»؟. هل أن 99بالمائة من شرائح الشعب التونسي تعرف القراءة والكتابة.. حتى لا يتم تمويه عليها وتوجيهها.. وهذا هو الخطر الحقيقي؟!! هذه هي الأسئلة التي كان ينبغي أن تكون مركزاهتمام المنابروالمواقع الاجتماعية على شبكة الانترنات بدل بث سموم التجاذب العقيم والعدائي بين فئات المجتمع. بصراحة. إن غالبية التونسيين، أصبحت تحت وقع تأثيرمخدرشبيه بما يواجهه المستهلك الفرنسي حين يتعرض لآليات الإشهار وتقنياته المدروسة، فينساق وراءها دون وعي، ولكن الاختلاف هنا أنه هذا الأخيرله قانون في بلده يحميه، وهو»حق التراجع أوالانسحاب» droit de rétractationحسب قانون حماية المستهلك الفرنسي، والتي حدد فترة 7 أيام لممارسة هذا الحق؟ ولكن بالنسبة للتونسي في هذه المرحلة التاريخية الحساسة أي قانون سيكفل له حق التراجع أو حتى الاعتراض إذا سقط في بئرهذه المخاطر؟