كشف الخبراء المشاركون في المنتدى العربي للبيئة والتنمية المنتظم يومي 26 و27 بالعاصمة اللبنانية بيروت أن الفقر مازال يهيمن على 65 مليون نسمة في البلدان العربية، وبينوا أن جل هؤلاء يقطنون بالأرياف النائية والمناطق الداخلية المحرومة تنمويا.. وقالوا إن الحكومات العربية مطالبة الآن ودون أدنى تأخير بمراجعة سياساتها التنموية، وبالاتجاه المعاكس نحو سكان الأرياف، وبإيلاء التنمية الريفية أولوية مطلقة، كهدف سياسي واستراتيجي لتخفيف معضلة الفقر التي كانت من بين أهم أسباب اندلاع شرارة الثورات العربية. وفي نفس السياق فسر الأستاذ نجيب صعب الأمين العام للمنتدى في حديث ل "الصباح" أن العناية بالأرياف وبالمناطق الداخلية تشمل جميع أوجه الحياة ولا تقتصر على التنمية الزراعية.. وأضاف محدثنا أن الحكومات مدعوة إلى توفير مواطن شغل لسكان هذه المناطق وتحسين الخدمات الصحية المقدمة لهم وتقريبها منهم وضمان وسائل النقل العمومي السريع وتوفير تعليم بنفس الجودة التي توجد بالمدن الكبرى وتقريب المعاهد والجامعات وتركيز النوادي ودور الثقافة والشباب والمكتبات العمومية ومراكز الترفيه.. ويقول الأستاذ حسان غانم الخبير السوري في الموارد المائية "إن نقص المياه العذبة وغياب أسباب الصرف الصحي للمياه المستعملة يشكل خطرا على أكثر من 45 مليون عربي جلهم من ذوي الدخل المحدود ومن سكان المناطق الريفية والداخلية".. ويكمن الحل الامثل لمعاناتهم على حد تأكيده "في معالجة تلك المشاكل، وأهمّها توفير خدمات الصرف الصحي والحد من التلوث الناجم عن المصانع حيث بات يهدد سلامة أراضيهم الزراعية وإيجاد مصادر جديدة لري الأراضي لأن هذه العملية تستنزف خمسة وثمانين بالمائة من كمية هذه الموارد مما يحتم على الحكومات استعمال تقنيات بديلة وحديثة لتأمين هذه الحاجيات". ودعا الخبير الحكومات العربية إلى تنمية الأرياف لتشجيع النازحين على العودة إليها وبالتالي تخفيف الضغوطات المسلطة على المدن المكتظة بالسكان. وفي نفس الإطار يرى الدكتور عبد الكريم صادق الخبير الاقتصادي بالصندوق الكويتي للتنمية أن التنمية الريفية وتنمية المناطق الداخلية يجب ان ترتكز على تطوير خدمات الإرشاد الفلاحي بما يمكِّن المزارعين من تحسين نوعية البذور وتطوير خبراتهم في الري وحفظ التربة والمحاصيل الزراعية. وتقول الدكتورة أسماء القاسمي مديرة الاكاديمية العربية للمياه ومقرها بأبو ظبي :"يمكن للقطاع الزراعي بعد ادخال هذه التحسينات أن يساهم في توفير مواطن شغل قارة ويد عاملة منتجة بما يجعل مستوى عيش سكان الأرياف أفضل بكثير مما هو عليه الآن" وفي نفس السياق يقول الدكتور نجيب صعب:" إذا توفرت الرفاهة المطلوبة لسكان الأرياف فلن تكون لهم دواع للنزوح نحو المدن.. لذلك فإن المطلوب اليوم هو معالجة النقائص التي يعاني منها هؤلاء لأن ذلك سيحل مشكلة النزوح التي تعتبر من المشاكل المستعصية في جميع البلدان العربية" وأكد التقرير الجديد الذي اعده المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول الاقتصاد الأخضر على أن العناية بالمناطق الريفية والداخلية في المنطقة العربية يمكن ان تساهم في الترفيع في عدد العاملين في القطاع الفلاحي فحسب إلى أكثر من 10 ملايين.