لا أحد ينكر الاضافة النوعية التي قدمتها الاذاعة الثقافية في المشهد الثقافي والاعلامي التونسي والتي عززت الاهتمام بالثقافة التونسية والمثقفين والمبدعين دون ان ننسى التفتح على الثقافات الأخرى ولكن رغم ذلك يبقى انتشارها ومساحة بثها محدودا (12 ساعة) وكذلك عدد المستمعين اليها اذ لا يخفى أن هذه الاذاعة تعتمد على نوعية معينة من المستمعين من ذوي الثقافة العالية والمستوى العلمي المرموق وبالتالي تبقى نخبوية رغم قيمة ما تقدمه من برامج دسمة واذا كنا ندرك تمام الادراك ان عصرنا هو عصر الصورة فهي الأكثر انتشارا والأكثر تأثيرا خصوصا في خضم هذا الكم الهائل من الفضائيات التي أصبحت تغزونا في عقر دارنا رغما عنا وتروج لثقافة العري واغاني غرف النوم والفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان ثقافة تتراوح بين ثقافة «فلة» وثقافة «باربي» ثقافة الظلامية والتقوقع في السلفية وثقافة الاباحية التي تلبس لباس الحرية المغلوطة تحت عنوان التمدن، ثقافة تمجد الارهاب وثقافة تمجد الميوعة في خضم كل هذا البحر المتلاطم الأمواج بين الغلو في كل شيء اليس من الأجدر بنا أن نطلق صوتنا لنعلن ان ثقافتنا هي ثقافة الوسطية والتسامح ليس فقط في خطابنا الرسمي ولكن أيضا في قنواتنا التلفزية اليس جديرا بنا بعث قناة ثقافية تونسية تكون مهمتها تأصيل هذه الثقافة في نفوسنا اولا والتعريف بها أمام العالم عبر جعلها فضائية يشاهدها كل العالم، واعتقد ان هذا ليس بعزيز على هذا البلد الثري بثقافته وبفنه وبمسرحه برساميه ومطربيه بتراثه الأثري والفني وموسيقا اعتقد ان الامكانيات المادية لا تعوزنا والاطارات التي يمكن ان تؤسس لهذا المشروع كلهم متحمسون لخلق قناة ثقافية فضائية على غرار غيرنا من البلدان، فهذا المقترح من شأنه ان يعزز فينا انتماءنا الى هذا الوطن العزيز والانتماء الى ثقافتنا