- لفت انتباهي تصريح للشيخ راشد الغنوشي، في إحدى القنوات التلفزية مباشرة بعد موعد 23 أكتوبر، وذلك ردا على سؤال طرح عليه حول موافقة حركة النهضة على إمكانية تولي السيد الباجي قائد السبسي رئاسة الجمهورية في هذه الفترة الانتقالية. أثنى الشيخ على ما قام به الوزير الأول من مجهودات كبيرة بذلها طيلة فترة رئاسته للحكومة المؤقتة، و الوصول بالبلاد إلى انتخابات 23 أكتوبر بسلام. و أجاب عن السؤال بابتسامة فيها الكثير من الارتياح مؤكدا بأنه سيبتعد هو و السيد الباجي قائد السبسي عن السياسة و يأخذا نصيبهما من الراحة في هذه السن المتقدمة نسبيا. غير أنه في الحصة الأخيرة من برنامج الصراحة راحة، لما سأله مقدم البرنامج عن إمكانية بقائه على رأس الحركة في الفترة المقبلة و موقف الحركة من اختيار السيد الباجي قائد السبسي لرئاسة الجمهورية، كان جوابه مفتوحا على ما سيفرزه مؤتمر الحركة من قرار في هذا الشأن فيما يخصه، و ما ستؤول إليه المفاوضات مع الأحزاب و القوى السياسية الأخرى بالنسبة لمنصب رئاسة الجمهورية. يبدو لي من خلال هذه الإجابة أن الشيخ راشد غيّر رأيه، متمنيا أن أكون مخطئا في تقييمي لذلك. كذلك الأمر بالنسبة للسيد كمال الجندوبي، عندما سئل في برنامج تلفزي عن مدى استعداده لتقمص مسؤولية سياسية بعد رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، و لم ينف رغبته في ذلك. و لا ننسى كذلك السيد عياض بن عاشور و العديد من شيوخ السياسة الذين يظهرون حاليا بكثافة في المشهد السياسي. أقول لكل هؤلاء لا تفعلوا مثلما فعل الزعيم الحبيب بورقيبة في بداية السبعينات، وهو الذي قام بعمل كبير في تحرير البلاد من المستعمر و أشرف على بناء أسس الدولة الحديثة و إرساء أول جمهورية في تاريخ البلاد التونسية، لما عرض عليه في بداية السبعينات الاتجاه نحو الانفتاح و التداول على السلطة و تكريس العمل الديمقراطي، فاختار الانغلاق السياسي و الانفراد بالسلطة. و كان عمره آنذاك أقل من سبعين سنة، أي أقل سنا من السيد الباجي قائد السبسي (84 عاما) حاليا و في عمر الشيخ راشد الغنوشي تقريبا (70 عاما)،. فكانت النتيجة مأساوية عليه حيث قضى بقية حياته في المنفى الإجباري بأمر من بن علي، و كذلك على البلاد لما طالها من استبداد و فساد، خاصة طيلة فترة حكم بن علي. أتمنى أن يخرج هؤلاء الشيوخ مبجلين من الباب الكبير. و ليبق الشيخ راشد الغنوشي قامة فكرية، و السيد الباجي قايد السبسي قامة سياسية، و السيد عياض بن عاشور قامة علمية، و السيد كمال الجندومي قامة نضالية. و ليتمتع جميعهم بقليل من الراحة بعد مسيرة طويلة من الكد و الجد و النضال و هم في حاجة إليها و جديرين بها. و دعوا الشباب و الكهول يتهيئون لبناء تونس المستقبل بأفكار و تطلعات و رؤى جديدة. ودمتم نعم المستشارين اعتمادا على خبرتكم و مخزون تجاربكم.