دعا الممثل والمخرج السينمائي نصرالدين السهيلي بإلحاح كل الفاعلين في مختلف القطاعات الثقافية والفنية خاصة منها المسرحية والسينمائية إلى مضاعفة العمل وتكثيف الإنتاج على اعتبار أن انجاز أعمال جديدة سينمائية ومسرحية وغيرها من الفنون التشكيلية والأعمال الدرامية ليست من قبيل الحلم الشخصي أو من قبيل الحقوق المشروعة لكل مبدع أو فنان وإنما يرى السهيلي أنها أصبحت واجبا تمليه الضرورة الملحة في تونس اليوم أكثر من أي وقت مضى بتقديم أعمال تكون على قدر من المسؤولية ومن الطرح والتصوير لقضايا ومسائل قريبة من واقع المجتمع التونسي وتعرية الحقائق ونقدها وفضحها دون خوف أو وجل أو نفاق. ومدعاة هذه الدعوة التي تستبطن موقفا وحراكا ثقافيين علله نصرالدين السهيلي باستحقاقات المرحلة التي تضمن مواصلة بناء تونسالجديدة على نحو تقطع فيه مع الأنماط والممارسات التي طبعت نظام الحكم البائد بما شملته من فساد وقمع لحرية الرأي والتعبير وتدخل أطراف باسم السلطة في فحوى الأعمال وتوجيهها في أحيان كثيرة إما لخدمة أفكار أو لإرضاء أطياف سياسية. وهي أنماط اعتبرها محدثنا كفيلة لتدفع أغلب الأعمال خاصة لتجانب الإبداع. لذلك اعتبر مسألة تكثيف الإنتاج وتوحيد الصفوف والاتفاق وتقريب وجهات النظر حول المبادئ الكفيلة بضمان النهوض بالقطاعات الثقافية والفنية تعد من أوكد الأولويات وذلك من خلال تقديم أعمال بمستوى إبداعات تنال استحسان المتلقي في الداخل وتحظى بإعجاب المختصين في الخارج دون ترك أي مجال لتدخل المعادين للإبداع. وأضاف نصرالدين قائلا: «علاقتنا بالجمهور لا تخضع لتشريعات وقوانين والرابط الوحيد الذي يجمعنا هو ما نقدمه من مادة مسرحية كانت أو فيلما أو غيرها من الأعمال الغنائية أو لوحات يجد فيها جانبا من مبحثه الجمالي والفكري. لذلك أعتقد أننا أصبحنا الآن في حاجة ماسة إلى دولة قوانين تضمن لنا هامشا من المناخ المطلوب لتنفيذ وإنجاز مشاريع ديدنها الإبداع».
تفاؤل ولكن؟
من جهة أخرى عبر نصرالدين السهيلي عن تفاؤله بمستقبل البلاد عامة والقطاع السينمائي خاصة حيث يقول: «نحن لسنا في حاجة إلى بلد ليس لنا فيه من مشغل سوى الأكل والنوم بل المطلوب منا تجاه بلدنا في هذه المرحلة الانتقالية المنشودة نحو الأفضل وذلك مضاعفة العمل لأننا نحب هذا البلد ونريد أن نحلم فيه ونختلف لكن نتعايش فيه معا ولكل حريته في العيش. ولا دخل للايديولوجيا أو الرقابة في أحلامنا ورؤانا الفنية للعالم والمجتمع لأننا وحدنا المسؤولون على ذلك. فأنا اعتبر أن العلاقة لا تكون إلا ودية وندية بين جميع المتعايشين». ولم يخف السهيلي تخوفه من تواصل همجية الديكتاتوريات لا سيما في ظل عجز الدولة في هذه المرحلة أوسكوتها أمام بعض الظواهر أو الممارسات التي ما انفك يسجلها الشارع التونسي في الآونة الأخيرة والتي تعد في شكلها ومضمونها خطرا محدقا بالحريات الفردية أساسا التي شهدت تراجعا في المقابل أصبحت حرية الخوض في المسائل السياسية ونقدها وفضح ممارساتها من تحصيل الحاصل. جاهزية «مر وصبر» رهن الدعم أما فيما يتعلق بآخر أعماله المتمثلة في الفيلم الطويل «مر وصبر» الذي أنهى تصويره خلال الصائفة الماضية وشارك في التمثيل فيه كل من عاطف بن حسين ومحمد علي دمق ومريم الصياح وصالحة النصراوي وتوفيق الغربي وغيرهم من الأسماء الأخرى أفاد مخرجه نصرالدين السهيلي أنه أدرك مراحله الأخيرة في التركيب. كما أوضح أن جاهزية الفيلم رهينة حصوله على دعم من وزارة الثقافة. إذ يقول في ذات الإطار: «أعترف أني على عكس المخرجين السينمائيين لم أدخر يوما مليما واحدا من الأشرطة السينمائية التي أخرجتها وتكفلت بإنتاجها وعددها اثنين بل كنت أسخر كل ما أدخره من أجل هذه الأعمال. لكن عجزت عن مواصلة مراحل الفيلم الطويل الثالث في رصيدي لأن تكلفته كانت كبيرة. لذلك أكد السهيلي أنه في انتظار عرض الفيلم على لجنة الدعم لاتمام المراحل الأخيرة لانجازه المتمثل في اتمام جزء من التركيب ووضع الموسيقى وتصحيح الألوان خاصة أن تكلفة هذه العمليات مرتفعة.