بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش المصري تحول إلى سلطة فوق سلطة الدولة...
محمد البرادعي ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 15 - 11 - 2011

«40 ٪ من الشعب المصري تحت خط الفقر و هذا ما يدفعه للانتماء إلى الحركات الدينية» «إسرائيل تجلس على ترسانة نووية وتتعمد تضخيم الملف النووي الايراني» «فوز الاخوان لن يفاجئني وهذه ستكون إفرازات عقود من القمع» «اتفاق السلام منح إسرائيل كل الأسباب للتعامل بغطرسة مع المنطقة» انتقد محمد البرداعي سلطات المؤسسة العسكرية المصرية خلال المرحلة الانتقالية واصفا المشهد السياسي في مصر بعد تسعة أشهر على الثورة بالضبابية وانعدام الوضوح.
وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية في حديث خص به «الصباح» وجدد خلاله إصراره على الترشح للانتخابات المصرية، أن المؤسسة العسكرية تقوم بدور رئيس الجمهورية وأن افتقارها للخبرة السياسية يعد جزءا من المشكلة، واعتبر أن سلطة الجيش باتت تفوق سلطة الدولة وهو أمر غير مقبول ليستدرك أن هناك اتجاها لتعديل الامر عبر مشروع وثيقة المبادئ فوق الدستورية التي حددت مبادئ لاختيار جمعية تأسيسية من مائة عضو لوضع دستور جديد والتي فرضت جدلا واسعا بين مختلف القوى السياسية في البلاد، وقال البرادعي انه لا يزال على اعتقاده بأنه من الخطإ الدخول في انتخابات برلمانية قبل وضع دستور يحدد النظام السياسي.
وفيما يلي نص الحديث الذي شمل، بالاضافة الى المشهد المصري في خضم الاستعداد لموسم الانتخابات، أبعاد التهديدات الاسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية الى ايران والعلاقات المصرية الاسرائيلية بعد سقوط نظام مبارك.

تسعة أشهر بعد الثورة التي أطاحت بنظام مبارك كيف هو المشهد الراهن في مصر، ما هي أكبر التحديات الجاثمة اليوم أمام المواطن المصري؟

المرحلة الانتقالية في مصر وعلى عكس المرحلة الانتقالية في تونس غير واضحة المعالم أنتم في تونس بدأتم بانتخابات المجلس التأسيسي لوضع دستور للبلاد ولكن نحن نبدأ بانتخابات برلمانية وهذا البرلمان سينتخب لجنة تأسيسية، وهذا بالطبع اثار الكثير من القلق لان الدستور لا يجب أن يوضع من قبل أغلبية برلمانية بل يجب أن يكون نتاج توافق وطني قبل الدخول في انتخابات برلمانية بحيث يكون هناك دستور يحدد النظام السياسي للدولة.
صحيح أنه وقع استفتاء على الدستور ولكنه كان لتعديل ثماني مواد في الدستور القديم ثم انه بعد يومين على الاستفتاء صدر اعلان دستوري من 60 مادة. وفي اعتقادي أن العملية الدستورية في مصر لا تتفق مع المنطق الذي يجب أن تسير عليه، وحتى الان لا تزال العملية الانتقالية غامضة ومازال هناك الكثير من الضبابية. فنحن المصريون سنقوم بانتخابات برلمانية قبل أن يكون لنا دستور، ولقد حاول المجلس العسكري -ولو متأخرا- تدارك هذا الوضع من خلال وثيقة المبادئ فوق الدستورية لاختيار جمعية تأسيسية من مائة عضو لوضع دستور جديد وهي التي ستحدد معايير الانتخابات في اللجنة النيابية. ومع ذلك فإننا اليوم نجد أنفسنا وبعد عشرة أشهر نبدأ من حيث بدأت تونس ولكن سيبقى هناك الكثير للقيام به في بلد يضم 85 مليون نسمة ويحتاج الى تحديد الناخبين المصريين في الداخل والخارج سواء فيما يتعلق بتقسيم الدوائر أو غير ذلك من الملفات.
والواقع أن الوثيقة تواجه بدورها الكثير من الصعوبات، وكما أسلفت فإن الدستور لا يمكن أن يكون نتيجة أغلبية برلمانية بل نتيجة توافق وطني حتى يضمن للجميع دولة مدنية الملامح ويحدد بالتالي الملامح الاساسية للدولة. هذا ما تحاول الوثيقة ان تؤكد عليه الى حد ما كذلك بالنسبة لتحديد معايير الانتخابات فإن اللجنة يجب أن تسعى لضمان حقوق كل الطوائف المصرية، فنحن لدينا أقلية قبطية ولدينا أعراف مختلفة وأقلية كبيرة من المسيحيين ولدينا كذلك أحزاب اليسار واليمين والاحزاب الوسطية ولا بد اذن من تحديد معايير تضمن للكل أن يكون ممثلا.
حتى الان مازلنا في مرحلة انتقالية تتسم بالتشرذم في المجتمع المصري وهذا في اعتقادي يمكن اعتباره امرا طبيعيا بعد ستين عاما غابت فيها الديمقراطية ولابد من التركيز على ما يجمع المصريين وليس على ما يفرق بيننا وهذا يتحقق بالتركيز أيضا على أننا مصريون وننسى خلافاتنا وتعلمنا أننا جميعا سنخسر اذا ركزنا عما يفرقنا وليس ما يجمعنا.
الجانب الآخر الذي لابد من التوقف عنده في هذه المرحلة الانتقالية فيتعلق بالعملية الانتخابية ذاتها والتي ستتطلب ثلاثة أشهر للانتهاء منها وذلك لأنها تستمر على ثلاثة مراحل لانتخاب البرلمان، والعملية التي تنطلق في الثامن والعشرين من هذا الشهر ستنتهي في مارس القادم. هذا الى جانب غياب الامن والانفلات الحاصل وكل هذا خلق حالة من القلق وعدم وضوح في الرؤيا، لا في داخل الحدود المصرية فقط ولكن حتى خارجها.

في خضم كل هذه التحديات أي دور للمؤسسة العسكرية وهل هذا هو المطلوب من هذه المؤسسة؟

المؤسسة العسكرية في الوقت الراهن تقوم بدور رئيس الجمهورية. صحيح أن هناك وزارة تعمل الى جانب المؤسسة العسكرية ولكن السلطة الحقيقية في يد المؤسسة العسكرية والتي ليست لها خبرة في ادارة البلاد وهذا جزء من المشكلة، والوزارة بدورها ليس لديها صلاحيات. هناك اذن نوع من الفراغ في ادارة البلاد، وما يحدث الان ادارة متواضعة، فالانفلات الامني بعد عشرة أشهر مستمر والتداعيات الاخيرة على الاقتصاد خطيرة وخطيرة جدا، قطاع السياحة يتراجع والاستثمار يتراجع وحتى المستثمر الذي كان موجودا يغادر. كل هذا يعني أنه و قبل الحديث عن التطور السياسي لا بد من معالجة الامن والاقتصاد وتوفير الاحتياجات الاساسية للمواطن العادي المنشغل بوضعه البائس ولهثه وراء لقمة العيش وبطاقة العلاج.
لهذه الاسباب وغيرها مازلت متمسكا بموقفي بأنه كان لا بد من دستور يحدد النظام السياسي أولا. ولكن الوقت مضى على هذا وربما بات من غير المجدي العودة في هذه المرحلة الى هذه المسألة. المهم الان كيف نسير على الطريق الصحيح نأمل في وجود اتفاق على التوافق الوطني في وثيقة المبادئ بما في ذلك التوافق حول الحقوق الاصلية للانسان والتي يجب أن يتضمنها الدستور.
هناك الكثير من المخاوف والقلق بشأن مدنية الدولة لذلك يجب التركيز على التوافق.. المشروع القائم أعطى الجيش دورا غير مقبول ومنحه سلطة فوق الدولة ويتم الان تعديلها على اعتبار أن الجيش يجب أن يكون جزءا من السلطة التنفيذية. وإذا أردنا السير على الطريق الصحيح لا بد من احترام حقوق الانسان العالمية ومدنية الدولة وفي نفس الوقت لا بد من ادارة جيدة للدولة تركز على تحقيق الامن ودفع الاقتصاد وتأخذ وقتها قبل تحديد الانتخابات الرئاسية.
هناك اليوم في مصر أكثر من 42 بالمائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وأشعر بالغصة كلما تنقلت داخل البلاد وتأملت الوضع المزري للمواطن المصري.

الى أي مدى يمكن الاستفادة من دورة الانتخابات التي شهدتها تونس على الاقل لتجنب بعض من الاخطاء التي تخللت أول عملية انتخابية في دول الربيع العربي؟

الكل يركز في هذه المرحلة على ظهور وبروز جماعات لها تفسير الى حد ما متطرف للدين الاسلامي وهذا بالتأكيد نتيجة متوقعة للقمع الذي عشناه. فالمواطن المصري فقد انتماءه للوطن، والانسان يبحث دوما عن شيء ينتمي اليه قبل انتمائه للدين. ظهر جزء بدأ يعتمد على الطقوس وليس على جوهر الدين نتيجة لافرازات القمع التي عشناها، وهذا هو الواقع ولابد من التعامل معه. ولكن لا بد أن يكون هناك حوار مع كل الاطراف بمن فيهم المتطرفين ولا مجال لسياسة الاقصاء التي ستؤدي الى مشاكل أكبر، وفي قناعتي أن جزءا كبيرا من هذا الواقع مرتبط بالتنمية الاجتماعية.. ذلك أن التطرف أكثر ما يكون في الاوساط حيث تنتشر الامية وتتردى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. فقد كان زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن يروج إلى انه يمثل الاسلام الصحيح فيما يقول رئيس الوزراء التركي طيب لارجب أردوغان أنه علماني على رأس حكومة اسلامية، هذه من أنواع المشاكل التي نواجهها في العالم الاسلامي وسنواجهها خلال قرون وهي ترتبط بعلاقة القيم بالقانون والاخلاق في علاقة بالدين.
فهل المطلوب فرض الاخلاقيات على المجتمع أو تكون الاخلاق نتيجة علوية القانون؟ الاخلاقيات لا تفرض على المجتمع لانه سيتحول من مجتمع متدين الى مجتمع منافق ولا يمكن الوساطة بين الانسان والخالق. وعندما تكون هناك دولة ديمقراطية وحلولا قائمة على الحوار سيتقهقر التطرف وسنعيش في دول ذات مرجعة اسلامية تعتمد المساواة والرحمة والاجتهاد وطلب العلم وليس التخويف والترهيب.

هناك من يروج لهلال اسلامي متوسطي يجمع دول الربيع العربي: تونس ومصر وليبيا، فهل في ذلك ما يجب أن يدفع للانشغال؟

ربما أقلق هذا الامر الكثيرين داخل أوطاننا أو خارجها، ولكن اذا كان هذا الهلال معتدلا مستنيرا فمرحبا به. أول الآيات القرانية التي نزلت على البشرية «اقرأ» وهو ما يعني أن الاسلام يحث على التفكير وتكريم العقل الى جانب الرحمة. وأقول اذا كان هذا الهلال يحمل الاسلام والسلام فأهلا به، أما خلق مجتمع منافق يقول ما لا يفعل فهذا غير مقبول.
في مصر أكثر من أربعين بالمائة يعيشون تحت خط الفقر ولا أعتقد أن مشكلة المواطن المصري اليوم مرتبطة بتطبيق الحدود، بل مشكلته الاولى توفير احتياجاته الاساسية وأن يكون في مجتمع يقوم على العدالة الاجتماعية.

استطلاعات الرأي، تماما كمختلف القراءات والتصريحات في أغلب الحوارات التلفزية المصرية، تتوقع اليوم فوزا مرتقبا للاخوان في مصر، فإلى أي مدى توافق هذا التوجه؟

من الصعب ابداء أي توقع، ولكن لن يكون مفاجئا لي فوز الاخوان ومعهم السلفيون على عدد كبير من المقاعد في الانتخابات التشريعية القادمة. وهذا سيكون أيضا من افرازات عقود طويلة من القمع حيث بات الانتماء الوحيد للمواطن هو الدين.
هناك أيضا مسألة لا تقل أهمية وتتمثل في وجود عديد الاحزاب الجديدة على الساحة وهي تتجاوز الاربعين لا يزيد عمرها عن الثلاثة أشهر، ولكن للاسف فان الارضية القائمة ليست ممهدة لمنافسة عادلة أو متساوية. والاحزاب لا تتمتع بنفس الامكانيات في ساحة الملعب الانتخابي والمجتمع المدني لا يزال في مصر ضعيفا وهذا أمر مفهوم.
قد تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة في مصر وستكون حرة و نزيهة ولكن ليس بالضرورة ممثلة للشعب المصري. إنه وبصرف النظر عن النتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات القادمة لا بد أن يكون هناك تطور في العملية الانتخابية وأن يتوفر نظام يمثل الاغلبية ولا بد بعد ستة عقود من القمع أن نتحول الى مجتمع ديمقراطي. سوف نحتاج بالتأكيد الى الكثير من العمل والصبر، فالديمقراطية ليست خطا مستقيما وسيكون أمامنا صعود ونزول وكثير من الاحباطات أيضا.

بعد الانتخابات في تونس، أليس حريا بالأحزاب الحداثية المعتدلة بمختلف توجهاتها أن تستفيد من الدرس وأن تدخل الانتخابات موحدة بدل التفكك؟

الاخوان لديهم موقع مهم في المشهد المصري وهم يمثلون فصيلا قائم الذات، ولا يمكن أن نخفي رؤوسنا في الرمل وكأن شيئا لم يكن ولذلك لا بد أن يكونوا جزءا من العملية السياسية والمدنية في البلاد.
التوجهات المدنية من اليمين الى اليسار والاحزاب مازالت منقسمة على نفسها وغير قادرة على توحيد صفوفها ليس بالضرورة ضد الاحزاب الاسلامية ولكن من أجل المصلحة الوطنية. والملاحظ أن هذه الانقسامات تزيد كل يوم اذ لم نتعود في مجتمعنا بعد على الممارسة الديمقراطية. خرجنا لتونا من البوتقة واستعدنا حريتنا ولكن لم نتعلم بعد استعمال العقل، ومازلنا نفكر بعواطفنا سواء على مستوى الدول أوعلى مستوى الامة. وعندما أتأمل عمل الجامعة العربية وعمل الاتحاد الاوروبي أدرك أننا بعيدين على العمل المشترك.
شخصيا أشعر بكثير من الالم، ورغم كل القواسم المشتركة بيننا فإن خلافاتنا مع بعضنا البعض كدول عربية تفوق خلافاتنا مع الخارج وسيستمر كل بلد يدافع عن مصالحه الخاصة.
إن السياسة توازن مصالح والعالم العربي مازال لقمة سائغة وهو منقسم على نفسه، نصف العالم العربي يعيش في حروب أهلية وهذا ينطبق على سوريا واليمن والسودان وليبيا، أما تونس ومصر فهناك حالة عدم استقرار ولا توجد دولتان عربيتان تثقان في بعضهما البعض.

مصر بعد الثورة بالتأكيد ليست مصر مبارك، فكيف ستكون العلاقات بين مصر وإسرائيل؟

الجميع يتكلم عن مصر ويتطلع الى دورها وموقعها. فمصر التي تضم 85 مليون نسمة تبقى الشقيقة الكبرى، على الاقل من حيث الحجم العددي مقارنة ببقية دول العالم العربي. ومصر الأزهر كما تونس الزيتونة منارة ثقافية ولذلك الكل يتطلع الى مصر الحداثة والاعتدال والانسانية والعلوم والحضارة، ونجاح مصر سيجعلها قاطرة لبقية العالم الاسلامي وافريقيا جنوب الصحراء. أما اذا سارت في الطريق الخطأ فان ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة ككل.
الجميع يريد أن يعرف الى أين تتجه مصر في منطقة تشكل الكثير من المصالح النفطية والاستراتيجية وقضايا اقليمية تتعلق بالسلام، وفلسطين للاسف كانت ولاتزال تشكل رمز الازدواجية في المعايير والاهانة للكرامة العربية والسلام المصري الاسرائيلي لم يحل هذه المعادلة، بل بالعكس فقد أعطى هذا الاتفاق اسرائيل زخما أكبر للتعامل مع المنطقة بغطرسة.
في نفس الوقت نقول ان الحل مرتبط بوجود أمة عربية عربية قوية بعلمها وتقدمها الاقتصادي والحل في قضية السلام في الشرق الاوسط لن يكون على طريق الحرب. هناك مليار مسلم يجب ان يمثلوا قوة اقتصادية واجتماعية وعلمية وعسكرية، أعتقد أن القضية الفلسطينية ستحل حينئذ من تلقاء نفسها وستعود اسرائيل لتنظر الينا بنظرة مختلفة حين تكون لنا أدوات الضغط والممارسة السياسية ويصبح صوت أمتنا مسموعا في العالم، أما الآن فصوتنا غير مسموع.

إلى أي مدى يمكن ان تكون التهديدات الاسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية الى ايران حقيقية، وما تداعيات ذلك، وماذا عن الاتهامات الموجهة لشخصك بإخفاء حقائق فيما يتعلق بالملف النووي الايراني؟

لا أعتقد في الوقت الحالي في أي ضرية توجه الى ايران وأي تحرك في هذا الاتجاه يعني تحول المنطقة الى دمار كامل. شخصيا ارتحت عندما سمعت تصريحات وزير الدفاع الامريكي يتحدث عن تداعيات العملية العسكرية ضد ايران. كان و لا يزال هناك الكثير من التضخيم بشأن الخطر الايراني. لم أسمع أحدا يقول ان ايران تصنع السلاح النووي، هذا أمر تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإذا كانت ايران قامت بدراسات متقدمة في الماضي أو الحاضر فهذا يمكن أن يكون ملفا في حاجة للتوضيح، و لكنه لا يعني حصول ايران على النووي أو أنها ستستعمله في العالم. وفي اعتقادي ان اسرائيل من يضخم الملف النووي الايراني. ومن المفارقات أن اسرائيل تقوم بذلك في الوقت الذي تجلس فيه على ترسانة نووية وهذا أبلغ مثال على المعايير المزدوجة: الدولة التي تضخم الملف الايراني تجلس على ترسانة نووية المنطقة لن تعرف الاستقرار الا اذا وقع حل القضية الفلسطينية ولكن اسرائيل تصر على رفض كل المبادرات.
أما بالنسبة للهجوم على شخصي واتهامي باخفاء معلومات مهمة في الملف الايراني فهذا سببه أني رفضت مسايرة ما كانت بعض الدول تريدني أن أسير عليه. فالوكالة لها مصداقيتها... بامكان الدول أن تتحدث كما تشاء ولكن الوكالة لا يمكنها أن تفعل ذلك. كنت ذكرت ما رأيت من مشاغل الاسرة الدولية في هذا الشأن ولكن ذكرت أيضا أن هناك تضخيم والحل المتبقي في الملف النووي الايراني هو الحوار مع واشنطن وطهران. فالخلاف بين ايديلوجيات متنافسة في المنطقة أما الحرب الاعلامية والكلامية فلا تؤثث للاستقرار والامن.

هل ما زال البرادعي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية، وهل ستسعى قبل ذلك ليكون لك حزب سياسي، وما الذي يتقدمه لمصر حتى ذلك الموعد؟

سأرشح نفسي للانتخابات الرئاسية المقبلة ولكن حتى الان لا نعرف لهذا الحدث موعدا وهذا جزء من الضبابية التي تحيط بالمشهد المصري. وأعود للتأكيد بأنه عندما يكون هناك اطار ديموقراطي حر ونزيه يخولني خوض المنافسة فسأرشح نفسي وهدفي في ذلك سيكون التقدم بمصر الى الامام ولا شيء غير ذلك.

هناك من يعتبر أنك رجل الغرب وأنك بالتالي تحظى برضاه؟

ليس مهما أن يستريح الغرب معي أو لايستريح لترشحي، ولكني أعرف أن الغرب لا يستريح أبدا معي... كانت لي مشاكل كثيرة وخلافات معه، وعموما هذا ليس مهما لأن صندوق الانتخابات سيكون مفتوحا للمصرييين وهم الذين سيختارون وسيقررون من يكون الرئيس. وهنا أذكر بأنه عندما قامت الثورة في تونس ومصر فانها لم تأخذ تصريحا، وكذلك الناخب المصري لن ينتظرتصريحا من أحد. لقد اضطر الغرب لأن يعدل سياساته بعد الثورات العربية لتحقيق التوافق المطلوب مع توجهات الشعوب والخيارات القائمة وليس مع أنظمة دكتاتورية ظل بقاؤها مرهونا بعلاقاتها مع الشرق أو الغرب وتستمد شرعيتها من الدعم الامريكي لها.
أعتقد أن الغرب ومعه أمريكا قد فهموا هذه الحقائق وأدركوا أنه لا بد من تحقيق التواصل مع الواقع الجديد كما هو وليس كما تود أن تراه، والحوار الذي يجريه الغرب مع الاحزاب الاسلامية حوار صحي وهو أفضل من عدم الحوار. فنحن اليوم في مجتمع أشبه بالقرية وما يحدث في منطقة يمكن أن يؤثر في العالم ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.