يبدو ان ملف المفقودين في عمليات الإبحار خلسة لن يعرف نهاية في ظل المصير المجهول لمئات "الحارقين" التونسيين بينهم 11 أبحروا يوم 5 ماي الفارط من سواحل كاب زبيب ببنزرت رفقة ثلاثة أنفار آخرين انتشلوا وهم على قيد الحياة من قبل طاقم مركب صيد تونسي بالتنسيق مع وحدات الحرس البحري بحلق الوادي غير أن اثنين منهم ما لبثا ان فارقا الحياة فيما أنقذ ثالثهم بأعجوبة وهو اليوم محتفظ به بالسجن المدني لتورطه في قضايا سرقة بالسلب حسب ما أفادتنا به عائلات المفقودين التي زارتنا خلال الأسبوع الجاري بمقر دار "الصباح". الألم تقرؤه في عيون خمسة من أقارب المفقودين الذين زارونا.. ملامح الحيرة مرتسمة على وجوههم وهم "يكافحون" فقط للوصول إلى الحقيقة.. إلى خبر يقين يحدد مصير فلذات أكبادهم.. سواء أحياء او موتى.. المهم ان تطفأ النار.. يقول أحد محدثينا ان 14 شابا من بينهم حامد بن بريك (من مواليد 23 ماي 1987) وحسام الدين الجلجلي (من مواليد 7 ماي 1992) ومجدي البرهومي (من مواليد 11 أكتوبر 1991) حمدي عزوز وحسن الغانمي الذين ينحدرون من عدة مناطق من ولاية بنزرت أهمها الماتلين وكاب زبيب ورأس الجبل وبنزرت وجرزونة أبحروا يوم 5 ماي 2011 خلسة من شاطئ كاب زبيب باتجاه السواحل الإيطالية على أمل تحقيق أحلامهم في تكوين مستقبل مشرق بعد سنوات الفقر والبؤس التي عاشوها في ألم وصمت. هذه الرحلة لم يعرف بعد مصيرها، وهنا تقول إحدى الامهات أن باخرة تفطنت لوجود ثلاثة أشخاص يمسكون بأوعية بلاستيكية في أعماق المياه الدولية فأشعر طاقهما وحدات الحرس البحري بحلق الوادي التي قامت بعملية مسح ثم نسقت مع طاقم مركب صيد تونسي لانتشال الثلاثي وهو ما حصل فعلا، غير أن اثنين منهم سرعان ما فارقا الحياة في الطريق إلى الميناء، اما الناجي الوحيد الذي ظل على قيد الحياة فقد ظل في كل مرة يقدم رواية. تقول أم أخرى: "لم نفهم شيئا.. الغموض ظل يراوح مكانه، فالناجي الوحيد اعطى عدة روايات متناقضة مرة تشير إلى إمكانية ان يكون أبناؤنا على قيد الحياة ومرة أخرى توحي بغرقهم، إذ قال مرة أن المركب انقلب أثناء عملية الإبحار خلسة، وظل رفقة اثنين من المشاركين يقاوم إلى أن أنقذهم مركب صيد، ومرة ثانية يزعم ان خلافا وقع أثناء "الحرقة" قام عدد من المشاركين بإلقائه والاثنين الآخرين في البحر ومرة ثالثة يقول أنه لا يعرف أحدا من المشاركين في "الحرقة" وهو ما ضاعف من مأساتنا وكل ما نتمناه تدخل الحكومة المؤقتة لمساعدتنا على العثور على فلذات أكبادنا ف"القلب يوجع والكبدة مشوية". يذكر أن الوحدات الأمنية التي قامت بعملية المسح لم تعثر على أي دليل مادي يؤكد غرق الزورق فلم يعثروا على حطامه ولا على أدباش أو تجهيزات.