فتح حسابات بالعملة الأجنبية للتونسيين: توضيحات النائب محمد علي فنيرة    البرلمان: المصادقة على فصل إضافي لتبسيط إجراءات إثبات إرجاع محاصيل التصدير    الشركة الجهوية للنقل بهذه الولاية تعزز أسطولها ب3 حافلات رفاهة جديدة..    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    الملعب التونسي: التركيبة الكاملة للإطار الفني الجديد    كأس العرب قطر 2025/ موعد مباراة تونس وفلسطين والنقل التفزي..    فرجي تشامبرز يحسم مصير تمويلاته للنادي الإفريقي    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    غياب أصدقاء المرحوم في الجنازة : ابنة نور الدين بن عياد تكشف الحقيقة    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    أب يُلقي ابنته من الطابق الثالث والسبب صادم..!    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    إدارة ترامب تصدر قرارا بشأن الهجرة وتفصل قضاة مكلفين بها    كاس التحدي العربي للكرة الطائرة - المنتخب التونسي يتوج باللقب    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل: أمريكا تعلن تعليق شامل لطلبات الهجرة من 19 دولة..    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    تهمّ هؤلاء فقط: بلدية تونس تنظّم رحلة عمرة بأسعار تفاضلية    مداهمات أمنية في الزهروني تطيح بعدة شبكات وعصابات إجرامية    أرقام صادمة.. مقتل 45 ألف طفل سوداني واغتصاب 45 قاصراً بالفاشر    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    مفاجأة المونديال 2026: فيفا يغيّر قواعد الVAR... الركلات الركنية في خطر!    رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..#خبر_عاجل    طقس اليوم: أمطار غزيرة بعدة جهات مع تساقط للبرد    جندوبة تستقبل أكثر من 1.4 مليون سائح جزائري... وقطاع السياحة ينتعش بقوّة    سعيّد: الشراكة مع اليابان استراتيجية... و'تيكاد' يعزز مكانة تونس في إفريقيا    كأس إيطاليا : يوفنتوس يتأهل الى الدور ربع النهائي على حساب أودينيزي    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    تركيا تعلن اعتقال 58 شخصا بتهمة الانتماء لحركة الخدمة    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    البرلمان... ملخّص فعاليّات الجلسة العامة المشتركة ليوم الثلاثاء 02 ديسمبر 2025    كأس العرب 2025... الجزائر والعراق والأردن في اختبارات قوية اليوم    لاليغا الاسبانية.. برشلونة ينتصر على أتلتيكومدريد ويحافظ على الصدارة    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    تفتتح بفيلم «فلسطين 36» ..تفاصيل الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    الليلة: اجواء باردة وأمطار غزيرة بهذه المناطق..    تراجع مخزون السدود يُعمّق أزمة المياه في ولاية نابل    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    شنوا يصير في بدنك كان تزيد القرنفل للتاي في الشّتاء؟    موش الشوكولا برك.. أكلات ترجّع نفسيتك لاباس    نحو ارساء منظومة إسترسال ملائمة لنشاط الزربية والنسيج اليدوي في تونس    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأمراض العقلية..    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    البريد التونسي يصدر سلسلة طوابع جديدة تحت عنوان "نباتات من تونس"    استمرت أقل من 15 دقيقة.. كواليس مكالمة ترامب ومادورو    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    أيام قرطاج السنيمائية الدورة 36.. الكشف عن قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النهضة" و"المؤتمر" لنقل إتحاد الشغل من "اليسار" إلى "اليمين"
.. مع تأجيل التنفيذ

- عام 1956 ضرب الحزب الدستوري وبعض المناضلين الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان أمينه العام أحمد بن صالح أطال الله في أنفاسه.. وبعد 23 أكتوبر كانت أول ضجة تتعلق باتحاد الشغل ممثلة في شخص أمينه العام عبد السلام جراد، مما جعل النقابيين يتساءلون،
هل التاريخ يعيد نفسه والنهضة بالتعاون مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي رفع أحد أعضائه شكوى ضد عبد السلام جراد يسعيان لوضع اليد على الاتحاد من خلال إضعافه وتفكيك قياداته.
هذه الفرضيات تبدو غير قابلة للتطور لانه لا التاريخ يعيد نفسه ولا حتى أحزاب الاغلبية قادرة على الدخول في صراع مع المنظمة الشغيلة الممتدة في كامل أرجاء البلاد.. على الأقل في هذه الفترة لكن الصراع الايديولوجي وارد..
أما السؤال الذي طرح نفسه بإلحاح فهو : هل إن محاسبة أمين عام الاتحاد وبعض معاونيه على ما سبق يمكن أن يربك المنظمة الشغيلة وطريق لاحتوائها وتدجينها حتى تطويعها لتكون وسيلة بين أيدي أطراف معينة للهيمنة والسيطرة لاحتواء الناس وبالتالي تطويع الاتحاد في المسائل النقابية مستقبلا وتحديدا مع الحكومات المقبلة؟ سؤال هو الآخر في محله لكن..!
وما لا يرقى اليه أدنى شك هو أن أبناء بطحاء محمد علي يقرون بصفة مباشرة أو بالتلميح بأن الصراع الايديولوجي يلقي بظلاله على أزمة الاتحاد في علاقة عضوية بالأطراف التي تريد إفراغه من جانب هام من قاعدته ذات التوجه اليساري وهنا قد يعيد التاريخ نفسه عندما نكتشف أن احتواء «حزب الدستور» للاتحاد سابقا برّره بورقيبة بانتماء أحمد بن صالح للشيوعية.. مما يعطي الانطباع بأن كل نواة حكم تتضمن «الكترونات» تحيط بها وتدور في فلكها وهي متوافقة مع هذه النواة واتحاد الشغل أحد هذه الالكترونات التي يجب أن تتوافق مع الحكومة المقبلة وليست رقيبا مثلما صرّح عبيد البريكي بعد الانتخابات فالاتحاد يجب أن ينتقل من الموقع الذي وضعه لنفسه الى (لنقلها بصفة مهذبة) «حليف» وذلك حتى لا نقول أداة طيعة في منظومة الحكومات القادمة..
وبصرف النظر عن تورّط جراد من عدمه (لأن هذا الامر من شأن القضاء وحده) لابد أن نقر بأن كل حزب جديد بلغ الحكم سيكون على محك الممارسة، وسيكون موضع استنزاف من أجل تحقيق ما وعد به والحكومة المقبلة مطلوب منها القضاء على البطالة والتشغيل والاستثمار (واي نوع من الاستثمار نرتقبه).. يضاف الى ذلك المواعيد المقبلة من المفاوضات الاجتماعية.. وكل هذه الوعود لا يمكن تحقيقها في ظل وجود اتحاد شغل قوي مكانه الطبيعي في اليسار فجل المستثمرين المحليين، الذين يعوّل عليهم في إعادة تنشيط الحياة الاقتصادية والوقوف الى جانب الحكومة المقبلة علاقتهم مهزوزة بالاتحاد العام التونسي للشغل منذ الازل، وتعتبر عندهم النقابات حجر عثرة فما بالنا إذن بمستثمرين جدد لا توجد في بلدانهم نقابة واحدة أو لا يعترفون بالتنظم النقابي..
القضية متشابكة ومترابطة الى حد التعقيد فبعض المستثمرين كانوا وراء خلق منظمات نقابية موازية لإضعاف الاتحاد صاحب أكبر قاعدة جماهيرية والذي كان وراء تحقيق عديد المكاسب بعد تأطيره للثورة وبالتالي فإن المؤتمر القادم سيزيد في تقوية المنظمة الشغيلة لانه سيساهم في حملة التطهير داخل المنظمة ويفرز جيلا جديدا من النقابيين المتشبّعين بمبادئ الثورة التي تقوم على احترام الحريات الاساسية.. لذلك لابد من الآن من العمل على تغيير موقع المنظمة الشغيلة من "اليسار" الى "اليمين" لكن مع تأجيل التنفيذ لهذا قد تنتظر أزمات أخرى قادمة...

أحمد بن صالح (أمين العام الأسبق لاتحاد الشغل ورئيس حركة الوحدة الشعبية حاليا(
"ستر الله المنظمة النقابية.."
بورڤيبة اتهمني ب "الشيوعية" فضحك الأمريكان
«.. عام 1956 كنت متواجدا بالمغرب للتوقيع على وثيقة توحد الحركات النقابية في المغرب العربي وقدمناها لمحمد الخامس (رحمه الله) الذي باركها وعند مغادرتي صحبة مسؤول نقابي جزائري (مقيم في تونس) والذي كان مكتبه الى جانب مكتبي في الاتحاد العام التونسي للشغل وصعدنا السيارة باتجاه طنجة والتي منها سنعود الى تونس عبر روما فتح سائق السيارة المذياع وسمعت في نشرة الأخبار خبرا فوريا مفاده أني لم أعد أمينا عاما للاتحاد فتقبلت الأمر وقد وجدت بانتظاري ممثل وكالة فرانس براس في المغرب أمام النزل وطلب مني التعليق ولم أنزعج ولليوم أنا ثابت على موقفي"..
هذا الكلام لأحمد بن صالح (رئيس حركة الوحدة الشعبية حاليا) وهو أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل في فترة الاستقلال والذي أبعده بورقيبة وآخرون من المنظمة الشغيلة.. حيث يقول «.. بورقيبة والحبيب عاشور وأحمد التليلي وزعماء ذلك الزمان وضعوا أيديهم على الاتحاد.. وبالتالي ليس الحزب الدستوري لوحده لكن عند عودتي من المغرب كان المشهد بمثابة الجنازة حيث استقبلني النقابيون وكلهم أسف إلا أنني توجهت مباشرة للإتحاد حيث حررت استقالتي من كل عمل نقابي لكنني ما أزال وفيّا لاتحاد حشاد ولذلك العهد النبيل وأما اليوم فأقول، ستر الله الاتحاد من كل بلاء"..
تنقية أجواء الاتحاد بالصراحة
وحول ما إذا كان الذي يحدث اليوم في المنظمة الشغيلة وما يحيط بها من قبيل محاولة وضع اليد على الاتحاد، وخطوة نحو تأجيل انعقاد المؤتمر الى حين إعادة هيكلة القواعد النقابية وتوزيع الأدوار بينها ليكون الاتحاد تحت تصرّف الأطراف التي تحاول ارباكه اليوم قال أحمد بن صالح «.. لا أعرف إن كان ذلك من قبيل المناورة أم لا لكن الاتحاد مقبل على مؤتمر والاتحادات الجهوية والمحلية مركزة كما ينبغي ومنظمة ولا يمكن ارباكها، كما ان الاتحاد قادر على تنقية الأجواء ونتمنى أن تقام أشغاله في هدوء وصراحة حتى يتكفل الاتحاد بشفائه من كل ما سبق وما لحق من أزمات وعقبات سواء كانت مفتعلة أو غير مفتعلة"..
قواعد الاتحاد
وبخصوص امكانية تأجيل المؤتمر يقول أحمد بن صالح «.. ثقتي كبيرة في قواعد الاتحاد والعديد من مسؤوليه، وكل مناورة لتأجيل المؤتمر هي من قبيل ما يسمى بالديقمراطية الجديدة، وإن حدث ذلك فعلا فهو فأل سيء لأن تعطيل المؤتمر غير منطقي كما أن ذلك فأل سيء للمجلس التأسيسي ذاته رغم عدم موافقتي على هذا المجلس حيث أتساءل لماذا كل هذه المشاورات حول تقسيم السلط ولم يقع ذلك صلب المجلس التأسيسي حتى لا يقال إنه وقع احتقار الأخرى وتم ابعاد الضعفاء أو المستثنين.. وكنا نتمنى أن تكون البداية ديمقراطية أكثر من تلفزية ولو في جلسة مغلقة حتى لا يعطي ذلك اشارة على أنه لم يقع تشريك الأحزاب ذات التمثيلية الضعيفة"..
الثورة حقنت
ويعتبر العديد من النقابيين أن هناك محاولة للإستحواذ على الاتحاد على خلفية صراع ايديولوجي معين الغاية منه مزيد اضعاف اليساريين وهنا يقول أحمد بن صالح «.. ما أعلمه هو أن بعض المشوشين بعد الثورة حاولوا إخفاء ما يجب اخفاؤه ولهذا لعلي بالثورة لم تنته من التجدد لأنها حقنت.. وشخصيا قد قال بورقيبة آنذاك عندما تم تقسيم الاتحاد أني شيوعي وبرّر تقسيم الاتحاد لبعض النقابيين في أمريكا بانتمائي الايدولوجي لكن كل من يعرفني ضحك من هذه التبريرات لأني لم أكن شيوعيا وكان ذلك بمثابة الضربة القاسمة له وأما اليوم فقد يكون هناك اختلافات ايديولوجية لاخفاء العواطف لكن الثابت عندنا هو أن الاتحاد العام التونسي للشغل يضم عددا لا بأس به من الاسلاميين الذي يضاهي عدد اليساريين ولا أعتقد أن هناك فرقا بين الطرفين من ناحية اللعب السياسي".
"اللي يحسب وحدو.."
أحمد بن صالح شاهد على العصر وهو في قلب المعمعة فبالاضافة إلى أنه قد عاش أحداث الاتحاد اللعام التونسي للشغل عام 1956 فإنه يوجد اليوم داخل اللعبة السياسية ما بعد الثورة وشاهد أيضا على ما يحدث في الاتحاد، وهو الأقدر على التحليل إن كانت تصريحات عبيد البريكي الأمين المساعد حول دور الرقيب الذي سيلعبه الاتحاد ازاء المجلس التأسيسي والحكومة المقبلة لها انعكاسات على المشهد النقابي والسياسي هذه الأيام وهنا يقول رئيس حركة الوحدة الشعبية «... اللي يحسب وحدو يفضلو، وثقتنا في شباب تونس كبيرة في الوقوف بالمرصاد أمام عدة مناورات فكثرة الكذب تحذر المتلقي وتمكن الكاذب من ربح الوقت لكنه لا يقدر على التستر مدى الحياة وشخصيا أطلب من كل مسؤول سياسي أن يراجع نفسه بالنسبة لتونس وحديثه إزاء هذه الفترة وأن يراجع مواقفه ازاء الزحف الأجنبي على بلادنا عن طريق الممثلين والتمويل وغير ذلك".

قراءة تاريخية
مصطفى كريم (أستاذ جامعي ومؤرخ" (:النهضة في مأزق خطاب حمادي الجبالي والتيارين الليبرالي واليساري.."
"كل تيار مبني على الايديولوجيا يتطور نحو الدكتاتورية"..
كشف الاستاذ الجامعي والمؤرخ مصطفى كريم (منتم الى عائلة نقابية وله عدة مؤلفات منها اثنان حول النقابات في تونس) أن التاريخ لا يعيد نفسه لكن أشكال التعاطي مع الاتحاد العام التونسي للشغل من بورقيبة الى حكم النظام البائد وصولا الى اليوم اختلفت رغم الاشتراك في الهدف مع الأخذ بعين الاعتبار لخصوصية الاتحاد الذي يبقى متزعما للتيار اليساري.
الاستاذ مصطفى كريم قرأ ما حدث للاتحاد العام التونسي للشغل زمن بورقيبة وامتدت هذه القراءة حتى الماضي القريب (زمن حكم بن علي) واليوم أي بعد14 جانفي ننقلها كما جاءت على لسانه:
«تشكلت الخريطة السياسية في تونس منذ الثلاثينات حول ثلاثة تيارات، أولها التيار الاسلامي المغروس في المجتمع منذ القدم، والتيار الليبرالي المتمثل في حركة الشباب التونسي والحزب الدستوري القديم والحزب الدستوري الجديد والثالث التيار اليساري وكانت تتزعمه الحركة النقابية.
الاستقلال
وقع تحالف بين التيار البورقيبي والاتحاد العام وتم اقصاء و تهميش التيار الاسلامي وكل الاحزاب المجيدة آن ذاك في ذلك الوقت وفرض بورقيبة منظومة «حزب الدولة» وافتك السيادة الشعبية لتصبح سيادة الرئيس بورقيبة".
قام بورقيبة خلال الأعوام العشرة الأولى من امساكه باصلاحات هامة وتقدمية ثم نصبت دكتاتورية أوصلتنا الى النظام «المافيوزي» لبن علي... أما التحالف مع الاتحاد العام التونسي للشغل فقد كان تحالفا عدوانيا مبنيا على استبداد النظام وقمع الاتحاد العام التونسي للشغل وفي الحقيقة القمع طال كل المعارضين وخاصة حركة "آفاق" و"الاسلاميين".
جاءت الثورة في ظرف استثنائي لم تظهر من قبل بوادر أو حوادث تنبئ بتغييرات كبيرة في البلاد، وفي الحقيقة الثورة كانت تراكما للغضب الشعبي بدأ في العهد البورقيبي.
وأحس غالبية الناس أن الوعود بغد سعيد وازدهار اقتصادي ومحو البطالة لم تتحقق إلا لاقلية من المحظوظين وأعني الطبقة المتوسطة العليا وأصبح الفارق في المداخيل كبيرا جدا وزد على ذلك الرشوة والفساد فكانت الانتخابات بعد الثورة عقابا لكل من شارك في الحكم وكأن الناس هربوا من دكتاتورية المزعومين بالعصريين ليرتموا في أحضان دكتاتورية الاسلاميين والتاريخ يقر بأن كل تيار مبني على الايديولوجيا (والدين ايديولوجيا) يتطور نحو الدكتاتورية والقمع..
بعد الانتخابات
حسب رأيي الانتصار الكبير الذي حققته النهضة أضر كثيرا بالحركة، فالنهضة أصبحت حزبا مسيطرا وهذا يعود بنا الى حزبي بورقيبة وبن علي لكن الظروف الداخلية والخارجية تغيرت تماما فخطاب حمادي الجبالي ومنطقه يجر البلاد الى حالة من عدم الاستقرار وربما الى صيرورة حرب أهلية .
ولا ننسى أن التيار الليبرالي التقدمي التونسي متجذر في البلاد ومنذ عهد الحماية وكذلك الشأن بالنسبة للتيار اليساري فهذان التياران لا يقبلان بايديولوجية الاخوان المسلمين ولو كان ذلك بصفة تدريجية (مثلما يعتقد الجبالي) وبدأت النهضة تجد نفسها في مأزق..
بن علي دجن الأحزاب والاتحاد
في الحقيقة إن الخارطة السياسية قبل الثورة ساعدت النهضة لأن بن علي دجن الاحزاب المعارضة والاتحاد العام التونسي للشغل وتعسّف على مؤسسات المجتمع المدني وأصبحت الساحة السياسية فارغة والمجتمع مشتتا واستغلت النهضة هذه الوضعية لكن منذ الثورة انطلقت الألسن وظهرت الانتقادات والقراءات الجديدة على عهد الاستقلال وبدأ يظهر -شيئا فشيئا- وعي يمس قسما لا بأس به من المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني أصبحت تشكل وتؤثر على مجرى الامور.
أما على صعيد الاحزاب السياسية فأصبحت النهضة رغم انتصارها في الانتخابات في شبه عزلة وأيقنت أنه لا يمكن لها أن تمرر كل ما تشاء.
وتريد النهضة أن تضمن مستقبلها وبدأت تخلط الأوراق وقامت بحملة لتهميش حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وتتقرب تارة بقسم من أنصار بن علي والحزب البورقيبي وتارة تريد بقاء مسؤولين على مؤسسات الدولة ما قبل الثورة.
ويبدو لي (ويمكن أن أكون مخطئا) أن الخارطة السياسية بتياراتها الثلاثة سترجع من جديد أوّلا التيار الاسلامي حول النهضة وثانيا التيار الليبرالي التقدمي حول منصف المرزوقي وحسب نظري يجب أن تلتف كل الاحزاب الليبيرالية حول هذا التيار وبدون استثناء وأن تقع مشاورات لهيكلة وإعادة تشكيل هذا التيار وثالثا يبدو لي أن الاتحاد العام التونسي للشغل بعد مؤتمره المقبل وتنظيفه وبفضل الجيل الجديد الموجود داخله سيرجع بقوة الى الساحة النقابية والسياسية ويتزعم التيار اليساري".

خليل زاوية (قيادي في «التكتل» ونقابي (:ما حدث، كان في صالح الاتحاد ولم يهز مكانته!
خليل زاوية القيادي بحزب «التكتل» وكاتب عام نقابة الأطباء يؤكد مثل جل النقابيين على ضرورة احترام استقلالية القضاء. كما يقول أيضا:"حسب ما علمت لا تستدعي التهم الموجهة للأمين العام للاتحاد منعه من السفر خاصة أن الاتحاد مقبل على مؤتمره في ديسمبر وأعتقد أن القرار كان قويا في فترة حرجة لذلك يعتبر عديدون أن الهدف ارباك المنظمة الشغيلة..."
من جهة أخرى أشار الدكتور خليل زاوية بالقول:"لا أتصور أن المستهدف هو تيار اليسار الموجود في الاتحاد لأن جميع الاطياف السياسية رأت في إدانة الأمين العام مسّا من هيبة المنظمة، كما خلقت هذه الوضعية إرباكا للساحة النقابية والحال أن البلاد ليست بحاجة الى مثل هذه الوضعيات فالقضية لم تكن في وقتها لكنني أتصور أن الميكانيزم لا يأخذ بعين الاعتبار مثل هذه الاشياء حيث لا يمكن من خلال توجيه التهمة لشخص ما أن تتأثر المنظمة الشغيلة بل بالعكس لقد تحول المشهد الى نقطة قوة بالنسبة للاتحاد"....

محمد سعد (أمين عام مساعد باتحاد الشغل :(الإضرابات الاخيرة لا تبرمج ضد طرف سياسي معين، والاتحاد لن يسكت على الدكتاتورية الجديدة...
"المستهدف هو الاتحاد وليس عبد السلام جراد لأن الاشارات التي تضمنها تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد لا ترتقي الى أن تكون تجاوزات أو جرائم فبعض التدخلات نابعة من الطبيعة الانسانية والاجتماعية للاتحاد ولهذا لم تعالج اللجنة القضايا الجوهرية مثلما انتظرنا بل مسّت أشياء وهمية بسيطة لا يمكن أن يصدر من جرائها قرار المنع من السفر مما جعل الاتحادات الجهوية والقطاعات في حالة استنفار.. هذا ما أكده محمد سعد الأمين العام المساعد الذي بين أن الاتحاد لطالما تدخل في الملفات ذات الصبغة الاجتماعية وتدخل أيضا لصالح الحقوقيين ممن حجزت جوازات سفرهم أو تعرضوا لاعتداءات كما يقول أيضا:« بالرغم مما عرفه الاتحاد من صعوبات وتأطيره للثورة فقد ساهم أيضا في إنجاح الانتخابات وذلك بايقاف موجة الاضرابات لمدة شهر لكن تبين أن أطرافا اجتماعية وسياسية لا تريد أن يستمر الاتحاد في دوره ومن مصلحتها أن تصبح الساحة خالية من المنظمة الشغيلة التي تتسع لكل الفئات ومنظمة توازن وفي اعتقادي هذه الاطراف تلعب بالنار"....
صدمة المجتمع المدني
وما لا يختلف فيه عاقلان هو أن الاتحاد أصبح يقود حربا ضد الاطراف التي تستهدفه بعد أن أظهر النقابيون التفافهم حول منظمتهم إذ في انتظار بحث بعض الاطراف عن طريقة جديدة لوضع اليد على الاتحاد بعد عملية جسّ النبض الاولى تحركت حتى منظمات المجتمع المدني حيث يقول محمد سعد:« الأحزاب والمجتمع المدني تلقت صدمة شديدة واعتبرت أن المخطط له هو الاتحاد بتهمة كيدية سياسية لكن الاتحاد لم يحصل على تأشيرته من أي طرف، بل تأشيرته وطنية ولن يملي عليه أحد توجهاته..».
إضرابات موجهة !
وفيما يعتبر المحللون أن إعلان الاتحاد لتقمص دور الرقيب بعد الانتخابات وعدم المشاركة في المجلس التأسيسي والحكومة المقبلة يتنزل ضمن أهداف هذا الدور قد يكون وراء محاولة تطويعه بين أيدي بعض الأحزاب يقول محمد سعد:« الاتحاد ليس أداة لاي حكومة وسيلعب دور التوازن ولن يتخلى عن دوره الاحتجاجي في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولن يسكت على الدكتاتورية الجديدة فالقضية أبعد بكثير من توجيه تهمة للأمين العام فقد ادعى البعض أن اضرابات الفترة الاخيرة موجهة ضد طرف سياسي معين لكن فاتهم أن عديد الاتفاقيات في شتى القطاعات لم تنفذ ولم يحصل العمال على زياداتهم والمطالبة بها من صميم دور الاتحاد وليست عملية موجهة ضد أي طرف..."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.