إذن،، وبمقتضى الأمر الرئاسي الصادر بتاريخ 14 نوفمبر 2011 تنعقد اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2011 الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي وهو لعمري حدث تاريخي بل ومصيري سيكون له بالتأكيد ما بعده - لا فقط - وطنيا بل ومغاربيا وحتى عربيا ربما... نعم فالرهان الذي أطلقته ثورة 14 جانفي الشجاعة،،، رهان القطع - جذريا - مع أنظمة الفساد والاستبداد والاستخفاف الاجرامي بحقوق الشعوب وبمصائر الأوطان والذي يمثل حدث انعقاد الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي اليوم - بعد حدث انتخابات 23 أكتوبر - ثاني الخطوات العملية الحقيقية على طريق كسبه لا يبدو رهانا قطريا تونسيا صرفا بل "رهان عابر للأقطار" كما دللت على ذلك الأحداث التي عرفتها تباعا ومنذ اندلاع الثورة التونسية عديد البلدان العربية مشرقا ومغربا... ولعله من هنا - تحديدا - تأتي أهمية وثقل وجسامة المسؤولية التاريخية التي يجب أن يستشعرها نواب هذا المجلس بمجرد أن تطأ أقدامهم اليوم مقر قصر باردو التاريخي... فهذه الجلسة الافتتاحية تتجاوز في رمزيتها وأبعادها مجرد عملية استيفاء قانوني للجوانب التنظيمية الشكلية المتعلقة بانطلاق أعمال المجلس الوطني التأسيسي... انها - وفي العمق - عملية اشهاد أمام الله والتاريخ على كل واحد منهم - بصفتهم نوابا منتخبين أؤتمنوا على الثورة وأهدافها - وتذكير لهم بضرورة الوفاء بالعهد وليكونوا في مستوى انتظارات وآمال - لا فقط - الشعب التونسي بل وأيضا شعوب عربية أخرى راقبت عن كثب الثورة التونسية واهتزت لها ثم وبدون تأخير قررت أن تنخرط في مسارها التاريخي... انها أمانة ،، بل قل مسؤولية عظيمة اختاركم الشعب/القدر لتحملها - يا أعضاء المجلس الوطني التأسيسي - فلتكونوا في مستواها وفي مستوى هذه اللحظة التاريخية الفارقة في حياة الشعب التونسي... دعوا جانبا "أهواءكم" الايديولوجية وكونوا جميعا في خدمة دستور الدولة المدنية التونسيةالجديدة... دولة الحقوق والحريات والقانون والمؤسسات... دعوا انتماءاتكم الحزبية الضيقة ولا تجعلوها دليلكم في "المهمة"... كونوا تونسيين ولا تكونوا أي شيء آخر... لقد تنازعتم - على امتداد الأسابيع الماضية - في "أمور" مختلفة بما فيه الكفاية... ولقد تفهم الشعب اختلافاتكم هذه بل وتجاوز عن أخطائكم السياسية منها والثقافية...أما اليوم فلم يعد هناك مجال لأن تستخفوا - وبأي شكل من الأشكال - بالمصلحة الوطنية العليا... فالوقت لم يعد يسمح... انها فوقكم وفوق مصالحكم الحزبية الضيقة... أنتم اليوم - هنا - في رحاب قصر باردو التاريخي بفضل الشعب التونسي وثورته العظيمة... ومطلوب منكم أن تكونوا معا من أجل تونس... تونس فقط... نعم فقط...