فيما انصب اهتمام الرأي العام بالأحداث السياسية التي تعيشها البلاد زادت مؤخرا حدة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية وسط استياء وحيرة وذهول لدى المستهلك الذي بات غير قادر على مجاراة هذا الارتفاع. وهنا يطرح تساؤل ملح : لماذا لا تهتم الهياكل المعنية ليتوقف تسونامي ارتفاع الأسعار بقدر اهتمامها بما يدور على الساحة السياسية؟
ارتفاع.. ثم ارتفاع
تشير معطيات المعهد الوطني للإحصاء أن مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي سجل خلال شهر أكتوبر 2011 ارتفاعا بنسبة 1ر1 وهو ما يعد وفقا للمحللين الاقتصاديين اكبر ارتفاع شهري لمؤشر الأسعار الأسري خلال السنة الجارية.. ويعزى هذا التطور خاصة إلى ارتفاع مستوى مؤشر مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 5ر1 بالمائة نتيجة ارتفاع أسعار البيض 9ر15 بالمائة واللحوم 9ر2 بالمائة والخضر 7ر1 بالمائة والزيوت الغذائية 0ر1 بالمائة. ومن جهة أخرى شهدت مجموعة التبغ ارتفاعا بنسبة 8ر9 بالمائة ومجموعة التعليم ارتفاعا بنسبة 6ر5 بالمائة نتيجة ارتفاع أسعار نفقات التعليم الخاص بنسبة 5ر7 بالمائة..و ارتفعت بدورها أسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 8ر1 بالمائة نتيجة انتهاء موسم التخفيضات في أسعار الملابس الصيفية والزيادة المسجلة في الملابس الشتوية. وقد سجل مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي خلال شهر أكتوبر 2011 مقارنة بنفس الشهر من سنة 2010 ارتفاعا بنسبة 5ر4 بالمائة ونجم ذلك خاصة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 1ر5 بالمائة وأسعار التبغ بنسبة 8ر9 بالمائة. وفضلا عن الزيادات السالفة الذكر ارتفعت تسعيرة مياه الصوناد التي وعدت الهياكل المعنية مؤخرا بتعديلها.. في قراءته لأسباب هذا الارتفاع أشار السيد حسين الديماسي (استاذ في العلوم الاقتصادية ) أن ارتفاع مؤشر مستوى الأسعار يعد أمرا غيرعاديا بالنسبة للسنة الماضية وهذا يعود الى 3 أشياء أساسية وهي ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في العالم ولو لا تدخلات صندوق التعويض لأصبح الارتفاع لا يطاق. أما السبب الثاني الذي يقف وراء ارتفاع الأسعار فيتمثل في تفشي ظاهرة المضاربة خاصة أن بيوت التبريد انتشرت بصفة كبرى باتت عاملا للمضاربة. وأورد أن ظاهرة المضاربة ليست بالجديدة ولكن زادت حدتها بعد الثورة خاصة ان هياكل المراقبة لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب. كما أن الأحداث التي عاشتها ليبيا مؤخرا خلقت نوعا من الارتباك في السوق خاصة في ظل كثرة المواد التي تم تصديرها الى ليبيا. ويرى الديماسي أن ارتفاع الأسعار سينعكس سلبا على القدرة الشرائية لعدة فئات اجتماعية.و خلص أستاذ الاقتصاد الى القول بأنه لتجاوز معضلة الأسعار يتعين على المواطن أن يتجاوز "اللهفة " حتى يتسنى القضاء على هذه الظاهرة.