سيتولى المجلس الوطني التأسيسي وحسب الفصل 2 من الباب الأول من القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية "بصفة أصلية وضع دستور للجمهورية التونسية"، وسيتولى أيضا وإلى جانب انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الوطني التأسيسي ممارسة السلطة التشريعية ومراقبة عمل الحكومة. وجاء في الفصل الرابع "يمارس المجلس الوطني التأسيسي السلطة التشريعية طبقا لهذا القانون، وللحكومة أو عشرة أعضاء على الأقل من المجلس الوطني التأسيسي حق اقتراح مشاريع القوانين..." وطبقا لهذا التكليف ولتركيبة الحكومة الجديدة فإنه سيكون أمام المجلس الوطني التأسيسي تحديا كبيرا للتوفيق بين المهمتين التأسيسية والتشريعية بما فيها صياغة قوانين جديدة ومراجعة جملة التشريعات التي أصدرتها الحكومة الفارطة والتي قد تتنافى مع مسار الإنتقال الديمقراطي. وقد شكك البعض في مدى نجاح هذا التوجه والإختيار في المزج بين الكثير من المهام المنوطة بعهدة المجلس الشرعي بالإضافة إلى معارضة التركيبة الجديدة للحكومة من البعض الآخر بما في ذلك العريضة الشعبية من أجل العدالة والتنمية حيث أكد أيمن زواغي عضو المجلس الوطني التأسيسي أن "المشكل القائم حاليا في المهمة الحكومية للمجلس التأسيسي حيث طالت النقاشات والمداولات حول التركيبة الجديدة وبقيت المناصب الحكومية محل اهتمام الترويكا التي اتهمت المعارضة بتعطيل أعمال المجلس" والحال أن، على حد قوله، "تعدد مجالات العمل وازدواجية مهام البعض من أعضاء المجلس بين التأسيسي وعمل الحكومة سيمثل إشكالا واضحا وتحديا كبيرا في المرحلة القادمة" وأضاف زواغي أنّ "العريضة عبرت في اجتماعها أول أمس عن موقفها الرافض لتركيبة حكومة الجبالي التي أقصت الكفاءات الوطنية التونسية وأصحاب الخبرات في التسير الإداري والوزاري والتي كان من المفروض أن تكون خارج إطار المجلس الوطني التأسيسي". ومن جهته أكد صلاح الدين الجورشي الحقوقي والإعلامي أن "من أكبر التحديات التي سيواجهها المجلس الوطني التأسيسي ازدواجية المهام وتعددها" وأضاف "يعود هذا إلى إعطاء أغلب السلطات للتأسيسي في سياق تشكيل حكومة ائتلافية لها بدورها إشكاليات من حيث تركيبتها، وهو ما جعل "الترويكا" لا تصادق على تحديد السقف الزمني لمهام التأسيسي الذي أضحى أشبه بنظام برلماني عادي أكثر منه مجلسا وطنيا تأسيسيا". وفي المقابل رأى أبو يعرب المرزوقي عضو المجلس الوطني التأسيسي أنه "لن تكون هناك إشكالية في سير عمل المجلس الوطني التأسيسي خلال الفترة القادمة بما أنه ستنبثق عنه عدة لجان عمل ولن يكون هناك تداخلا بين المهام التأسيسية والتشريعية" وأضاف "إذا ما تمّ التوافق والتواصل بين مختلف الفاعلين في المرحلة الإنتقالية القادمة، فلن تكون هناك مضيعة للوقت باعتبار أن كل القوى الفاعلة في المشهد السياسي الوطني بمختلف انتماءاتها وإيديولوجياتها بما في ذلك المجتمع المدني والقضاء والأمن وكلّ المنظومات التي تستوجب إصلاحات ستدلو بدلوها في تحقيق الإنتقال الديمقراطي في تونس" كما بيّن المرزوقي "باعتبار أن هناك توافق عام وحوار وطني شامل حول أهم المبادئ العامة للدستور فان إعداد الدستور لن يتطلب الكثير من الوقت بما أن الفنيين هم من سيقومون بمهام الصياغة التقنية للدستور". وأضاف أبو يعرب أن "أهمّ ما سيحقق التحولات الجذرية في المشهد الوطني هو البدء وفورا في التفكير في آليات العدالة الإنتقالية وسبل تحقيقها والتي أنشأت لأجلها وزارة".