صالح عطية يفتتح الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم مؤتمره الثاني والعشرين، وسط تجاذبات في داخله وصراعات من حوله، بخصوص مستقبله في المشهد الاجتماعي والسياسي الجديد في بلادنا.. ويواجه النقابيون في هذا المؤتمر، استحقاقات شديدة الأهمية، ليس أقلها وضع تصور جديد لعمل هذه المنظمة النقابية العريقة، يبقي عليها كطرف تعديلي في الساحة الاجتماعية من ناحية، وكقوة اقتراح من شأنه المساهمة في بلورة حلول للملفات الاجتماعية الحارقة من ناحية أخرى. لا شك أن الاتحاد، كان أحد أبرز الأطراف التي ألهبت فتيل الثورة، ورفعت سقف مطالبها الاجتماعية والسياسية، لكن ذلك لا ينبغي أن يحوله الى أداة في أيدي بعض الأطراف السياسية التي تحاول الزج بالمنظمة في أجندات ورهانات حزبية، فاستقلالية الاتحاد، مسألة مركزية في تقاليده ودوره ووظيفته ومستقبله، أسس لها الزعيم فرحات حشاد، وحافظت عليها أجيال من القيادات النقابية الوطنية، بعيدا عن مختلف أشكال التحزب والمقاربات الايديولوجية. وأمام المؤتمرين اليوم، رهان قطع الطريق أمام بعض الفلول السياسية، ممن تحاول الانزياح بالاتحاد الى المتاهات الحزبوية والفئوية الضيقة، لأن نجاح هذه الأطراف، معناه بداية النهاية للاتحاد، ولا نحسب أن النقابيين غير واعين بهذا الأمر، بل لا نعتقد أنهم مستعدون للمساومة على هذه الاستقلالية، دون أن يعني ذلك، عدم انخراط الاتحاد في هموم شعبنا. إن الساحة النقابية اليوم أمام وضع اجتماعي واقتصادي لافت، فعدد العاطلين والمعطلين عن العمل تجاوز ال800 ألف شخص، وعدد الشركات الأجنبية التي أغلقت أبوابها بسبب الاضرابات والمطلبية الجارفة، بات أمرا محيرا، والاعتصامات تشل الحركة الانتاجية والصناعية في أكثر من موطن من البلاد، ورجال الأعمال يرقبون الوضع بتردد وإحجام عن الاستثمار وخلق فرص العمل، في انتظار انفراج المناخ الاجتماعي. هناك مسؤولية تاريخية مطروحة على عاتق النقابيين في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الدقيق الذي تمر به بلادنا، والحكمة تقتضي أن يكون الاتحاد العام التونسي للشغل كما كان دائما جزءا من الحل، وليس طرفا في المشكلة.. وعلى النقابيين أن يلعبوا دورهم في تغيير معادلات الوضع الاجتماعي المتردي في إطار من التوافق مع الاطراف الاجتماعية المختلفة، من أجل توجيه رسائل اطمئنان للمستثمرين وأصحاب الشركات والعمال وعموم الشعب التونسي.. ومن المؤكد أن القيادة الجديدةالشابة التي سيفرزها مؤتمر الاتحاد، ومهما كانت انتماءاتها السياسية، ستسارع الى مد يدها للحكومة ولجميع المكونات الاجتماعية من أجل المساهمة في اخراج البلاد من المأزق الراهن، حتى يكون لشعار مؤتمر الاتحاد «أحبك يا شعب» معنى وقيمة رمزية وسياسية، تبدو البلاد بحاجة ماسة إليها في الوقت الراهن.