بقلم: عبد الرزاق قيراط في نشرة أخبار الأربعاء الماضي على القناة الوطنيّة، تابع المشاهدون مجموعة من التقارير جاءت بترتيب له دلالات لا تخلو من الشبهات. ولعلّ القناة وُفّقت في اختيار الخبر الأوّل نظرا لخطورته، حيث تناولت في صدارة نشرتها حدث إغلاق المصنع الياباني يازاكي ومقرّه مدينة أم العرايس بقفصة بعد حركة احتجاجيّة لعمّاله أدّت إلى خسائر ماديّة ومعنويّة لتلك الشركة. و بعد تقريرين عن محاكمة قتلة الشهداء وتشكيلة الحكومة المنتظرة، اختار القائمون على النشرة في الخبر الموالي تغطية الندوة الصحفيّة للمؤسّسة العربيّة للديمقراطيّة حول المجلس التأسيسيّ الموازي الذي بشّرنا بولادته منذ فترة محسن مرزوق ذائع الصيت في منابر الحوار التلفزيونيّ. واللافت أنّ القناة الوطنيّة في نشرة الأخبار المذكورة قدّمت هذا الخبر قبل حديثها عن تحوّل الرئيس منصف المرزوقي إلى منطقة بن قردان حيث زار مخيّم الشوشة الذي استقبل آلاف اللاجئين الليبيّين والأجانب أثناء الثورة الليبيّة ومازال يؤوي مئات العالقين من دول إفريقيّة فقيرة. و هنا نتساءل عن الخلفيّة التي دفعت بمحرّر النشرة إلى تقديم مؤسّسة مرزوق وأخبارها على أنشطة المرزوقي الرئيس المنتخب. هل هي الحرفيّة الإعلاميّة الجديدة التي تخصّص ذلك الحيّز للحديث عن هذا الاختراع الجديد لمحسن مرزوق المتمثّل في فضاء افتراضيّ سمّوه «قراري Karari » وأعلنوا ربطه بالمواقع الاجتماعيّة على شبكة الأنترنت ليساهم الشباب من خلاله في كتابة الدستور الجديد ؟ أم أنّ لهذا المنطق خلفيّة سياسيّة تنخرط في محاولات متكرّرة للانقلاب على كلّ ما هو شرعيّ بعد الانتخابات. فالواضح منذ فترة أنّ محسن مرزوق، صار الشخصيّة الأكثر حضورا في المنابر الإعلاميّة المسموعة والمرئيّة حيث يحاضر على التونسيين ويلقّنهم دروس دعم حول الديمقراطيّة بمفاهيمها «التقدّميّة» ممّا يثير الكثير من التساؤلات عن الجهات التي تدعمه وتفرضه على المشهد السياسيّ الجديد بل وتقدّمه في النشرات الرئيسيّة للقناة الوطنيّة حتّى على أنشطة مؤسّسة الرئاسة. و من يدري، فقد تقرّر التلفزة الوطنيّة نقل مداولات المجلس التأسيسيّ الموازي على الهواء مباشرة كما فعلت مع المجلس التأسيسيّ الشرعيّ، وقد يكتشف التونسيّون حينها أنّ ديمقراطيّة الانقلابيّين والمنصّبين أفضل بكثير من ديمقراطيّة الانتخابات، وقد بشّرتنا نشرة الأخبار أنّ لجانا في ذلك المجلس المدنيّ الموازيّ باشرت بعد أعمالها وبدأت تعدّ لمشاريع مقترحاتها التي ستقدّمها في الجلسة الأولى للمجلس يوم التاسع من جانفي القادم، تلك الجلسة التي سيكتشف من خلالها التونسّيون سلطة جديدة سمّتها انصاف فتح الله قمعون سلطة ضغط أو سلطة مضادّة للمجلس التأسيسيّ المنتخب، ووصفها محسن مرزوق بالحراك الذي سيحدث ديناميكيّة سياسيّة بفعل القوّة الاقتراحيّة التي سيعبّر عنها المجتمع المدنيّ. فمن سيقرّر، ومن سيكتب الدستور الجديد للتونسيّين، مجلس باردو أم مجلس «قراري»؟ ليس الجواب متوفّرا في هذا الحين ولكنّ المعركة بدأت ويبدو أنّ الإعلام هيّأ لها ساحة وعتادا حربيّا منذ فترة. و خلاصة القول أنّ مرزوق حظي في نشرة الأخبار المذكورة بالسبق والأسبقيّة على المرزوقي ولعلّه يحظى في نهاية معركته بالفوز على من عارض وصولهم إلى مؤسّسات الحكم في تونس فيدخل بأعضاء مجلسه المدنيّ قصر باردو بعد أن يطرد الأعضاء المنتخبين، ويدخل مرزوق نفسه قصر قرطاج بدل المرزوقي ليخلق دينامكيّة سياسيّة أفضل، ويؤسّس لنا دولة ديمقراطيّة أجمل!