توزر الصباح: اُسدل الستار أول أمس على فعاليات الدورة 29 للمهرجان الدولي للواحات وتضمن اليوم الاختتامي تعابير تنشيطية صباحية تمثلت في "يوم موال فلكلوري" وهو عرض فلكلوري تحرك بين الشوارع الرئيسية وساحات مدينة توزر حسب البعد الاحتفالي للمهرجان وقد تابعه جمهور غفير من أبناء الجهة والضيوف التونسيين والاجانب أحيت فقراته الفرق الفلكلورية وفرقة الزقايري وكوكبة أطفال الجريد وفرقة الماجورات كما تواصل تنشيط المعرض الحرفي وأبرز ما ميز حفل الاختتام العرض الفرجوي الذي انتظم بساحة المهرجان بعد الظهر وشكل نقطة جاذبة لالاف الرواد الذين سارعوا بالتحول إلى هذا الفضاء لمواكبة أكثر من 18 لوحة فنية ومشاهد من مسرح الشارع وقد تميزت هذه المحطة بنجاح فعالياتها من حيث التنظيم والحضور الجماهيري وطنيا وعالميا وبحضور مكثف لوسائل الاعلام المختلفة التونسية والاجنبية وقد جمعت اللوحات المقدَمة بين خصوصيات ظاهرة الزَرْدة ومشاهد من الحياة اليومية بالواحة وقد ساهم في هذا العرض الفرجوي الموسيقي الضخم عدد هام من المشاركين يفوق عددهم الالف جسدوا بكل تلقائية الزَرْدة التقليدية بالجريد وما اتصل بها من إيقاعات فلكلورية وصوفية ومن تلوينات ثقافية بالمعنى الانتربولوجي للكلمة وعن هذا العمل التقينا بالسيد عبد الواحد المبروك المخرج الفني للدورة 29 للمهرجان الدولي للواحات وسألناه عن اختياره لتجسيد هذه الظاهرة أي ظاهرة الزَرْدة فقال بكل عفوية وتلقائية: انه حفل فرجوي يجسد بصورة فنية تراثية واجتماعية أهم محاكاة الزَرْدة بمختلف مشاربها بجهة الجريد فالبعد الصوفي هو بعد يجسد الفرجة المتجذرة في العادات والتقاليد كما انه يحتوي على أهم متطلبات هذه الفرجة من إيقاع وجسد والايقاع يختلف ويتلون بتلون المريدين والشيوخ الصوفية وذلك هو الحال. وحفل الاختتام تكون من 18 لوحة حاكت هذا التصور أي تصور الزَرْدة التي تنطلق من البعد التاريخي: الصراع السني الاباظي بجهة الجريد مرورا بشيوخ الصوفية الذين هم أساسا علماء وأدباء وشعراء سنيين ويأتي على رأسهم أبو علي السني أما السبب الثاني في اختيار الزَرْدة كمحور أساسي تركزت عليه فعاليات اليوم الاختتامي فلان الزَرْدة هي أولا وقبل كل شيء موروث مشترك بمعنى له بعده المحلي والجهوي ثم بعده الوطني والعربي الاسلامي ولتجسيد مختلف هذه الفقرات واللوحات تمت الاستعانة بعناصر من جمعية المسرح الجريدي وبعض الوجوه التي سبق لها المشاركة في العديد من الافلام السينمائية الاجنبية التي تصور بجهة الجريد هذا بالاضافة إلى مجموعات من الطلبة وتلاميذ المدارس الابتدائية والاعدادية والمعاهد الثانوية وعدد هام من النسوة والكهول والابل والاحمرة والعربات المجرورة وقد قمت بتدريبهم على هذه اللوحات والمشاهد وكانت بانوراما من التعابير التي جسدت الزَرْدة التي هي تأكيدٌ من هيئة المهرجان على ضرورة إبراز ثراء المخزون التراثي لربوع الجريد كما قادني البحث الذي قمت به لاعداد هذا الحفل الفرجوي إلى عديد الافكار التي يسرت تجسيدها فكانت فرجة رائقة لاهالي الجريد وزوارهم الذين غصت بهم ساحة المهرجان وتفاعلوا مع مختلف اللوحات والمشاهد ومن خلال تراث الجهة نعد بفرجة متجددة في كل دورة تنطلق من مخزون محلي صرف وتنفتح بأسلوب حديث وبتقنيات جديدة على مخزوننا الوطني ليتلاقح مع البعد الانساني الكوني وهذا في الاساس هدفنا: التجذر مع الانفتاح على الثقافات الاخرى. تنوع الفقرات دورة أخرى إذن من عقْد هذه التظاهرات العريقة تميزت بتنوع فقراتها وكثافة الحضور الجماهيري وطنيا وعالميا على مدى 4 أيام وخصوصا في اليوم الاختتامي كان لوقع فعالياتها الاثر الايجابي والانطباع الطيب الذي تركته في نفوس أوفيائها باعتبارها عكست المخزون التراثي لربوع الجريد وقد شهد حفل الاختتام حضور أعداد كبيرة من السياح من مختلف أصقاع العالم وسجلت هذه الدورة حضور سياح تونسيين مقيمين بالخارج من ذلك امرأة تونسية تقيم بأمريكا قالت انها سمعت بهذه التظاهرة وتعرفت على توزر من خلال بعض المشاهد التي تبثها بعض القنوات التلفزية صحفي من إحدى القنوات الفرنسية صرح أنه سعيد جدا لوجوده بتوزر لتغطية فعاليات المهرجان وقال انه انبهر باللوحات التي تضمنها الحفل الفرجوي الاختتامي إجماع والاجماع الحاصل حول نجاح هذه الدورة يحسب في مقام أول للجنة الفنية التي تمكنت من خلال تجسيد حضارات الجريد وتراثها في لوحات متناغمة شدت إليها اهتمام الجماهير الحاضرة وصفقت طويلا لهذه الانماط الفرجوية التي تضمنها الاستعراض الاختتامي فأضفت على هذه المحطة أجواءا احتفالية تفاعل معها الحضور كثيرا وأمام هذه النجاحات لا بد من العمل على تذليل العديد من الصعوبات ومنها: أن تطور نشاط المهرجان وتعدد فعالياته وتنامي نسب متابعته يحتم مزيد مراجعة تنشيط الساحات وتركيز ركح قار بكل ساحة يخصص للتنشيط الصباحي والمسائي. إعادة النظر في مسألة الندوة الفكرية إذ رغم تنامي أعداد متابعيها من دورة إلى أخرى فإن جمهورها يبقى في كل الاحوال جمهورا ضئيل العدد ولعل استضافة المهرجان لبعض الاعلام الثقافية العربية والدولية يمكن أن يحقق المعادلة المنشودة بين خصوصية رسالة الندوة العلمية للمهرجان وبين ضمان متابعة جماهيرية أوسع. مزيد التفكير في مسألة توظيف ما يمكن أن يتيحه الاشهار من مردودية مالية تنعش موارد المهرجان مزيد دفع مؤسسات الجهة إلى تنمية ميزانية المهرجان إذ تبقى مساهماتها محتشمة قياسا إلى نسبة إستفادتها من الحركية التنموية والسياحية التي يحققها. ولقد كان المهرجان تواصلا مع عطاء حضاري ثري وحاضر طموح ويمكن أن نعتبره ناجحا ولكن يبقى هذا النجاح دون طموحات أبناء الجهة الذين يتمنون أن يشهدوا المهرجان بشكل أفضل وأكبر وذلك طبعا يتطلب امكانيات واسعة والدورة 30 هي امتداد للدورة 29 لذلك لا بد من التفكير من الان في تنمية الموارد الذاتية للمهرجان وايجاد صيغ جديدة لتحقيق ميزانية أرفع ثم إن الاعداد للدورة 30 ينطلق من الآن.