عامر بن عبد اللّه (التجمع الدستوري الديموقراطي): سنة التشبث بقيم التغيير وببن علي خيارا للمستقبل ما أودّ أن أقوله في البداية أنّ سنة 2007 كانت سنة سياسيّة بامتياز عبرها جدّد الشعب بكلّ فئاته تشبّثه بقيم التغيير الواردة في خطاب 7 نوفمبر 1987 وكذلك بالرئيس بن علي خيارا للمستقبل في إطار مبادئ الجمهوريّة والنظام الجمهوري، وجسّدت احتفالات خمسينيّة عيد الجمهوريّة وصدور مجلّة الاحوال الشخصيّة ومرور عشرين سنة على التغيير المبارك أجواء من الثقة في المستقبل وفي القدرة على مغالبة الصعاب والتحديات والرهانات الّتي تُواجه البلاد بحكم التغيّرات المتسارعة الحاصلة في العالم من حيث ازدياد تأثير التكتلات الاقتصاديّة والتحالفات الماليّة وارتفاع أسعار النفط والمواد الاساسيّة في الاسواق والبورصات العالميّة، وساهمت تلك الرؤية في رسم ملامح مخطّط تنموي جديد (2007-2011) فيه الكثير من الامال والطموحات والتطلّعات والتفاؤل بتحقيق المزيد من المكاسب والنجاحات. لقد تأكّدت سنة 2007 نجاعة وفاعليّة المقاربة التنمويّة التونسيّة بقيادة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، حيث حقّقت البلاد نسبة نموّ محترمة (6 %) وحازت مراتب متقدّمة في ترتيبات العديد من الهيئات الدوليّة وخاصّة في باب التنافسيّة الاقتصاديّة ومناخ الاعمال وتطويع التكنولوجيات الاتصاليّة الحديثة في مختلف المجالات التنمويّة إضافة إلى السلم الاجتماعيّة والتوافق الكامل بين مختلف الفاعلين الاقتصاديّين والاجتماعيّين، ولا شكّ في أنّ النظرة الموضوعيّة لواقع البلاد التونسيّة تمكّن من مُلامسة التطوّر الحاصل في أكثر من مجال ومن الوقوف عند عمق التحولات الهيكليّة والاصلاحيّة الّتي شهدتها البلاد في العديد من القطاعات الانتاجيّة، هذه كلّها مكاسب ليس لنا إلاّ أن نفتخر بها خاصّة وهي تجسّد التنفيذ العملي والميداني لاجزاء هامّة من البرنامج الرئاسي للفترة 2004-2009، وربّما تكون تلك ميزة تونسيّة باقتدار حيث قُرن القول والبرمجة والتخطيط بالانجاز الميداني الواضح وهو ما يُمكن التوقّف عنده على امتداد العشرين سنة الفارطة، حيث تكرّست فلسفة إصلاحيّة مرحليّة ومتدرجّة ومسترسلة دون انقطاع تنطلق اليوم نحو الافضل والاحسن. هناك مسائل ميدانيّة وواقعيّة لا يُمكن نُكرانها أو تجاهلها والقفز عليها، بلادنا تطوّرت وهي تقف اليوم على أبواب مرحلة جديدة تتميّز خاصّة بوعي القيادة بكلّ التحديات والرهانات الموجودة وسعيها الصادق والنزيه لتوفير كلّ الآليات والممهّدات والوسائل للتغلّب عليها في إطار من الوحدة الوطنيّة وتوحيد جهود كلّ التونسيّين على اختلاف مواقعهم الحزبيّة أو التنظيميّة وعلى اختلاف مرجعياتهم الفكريّة والسياسيّة، وهذا ما دعا إليه سيادة رئيس الدولة في العديد من المناسبات والّتي كان من آخرها وأهمّها خطاب العشرينيّة الّذي جاء متطلّعا بتفاؤل كبير للمستقبل ومؤكّدا حاجة البلاد إلى كلّ أبنائها دون إقصاء أو تهميش أو تمييز. سنة 2007 شهدت تحرّكات سياسيّة لافتة لكلّ الاحزاب وإن كان أبرزها تحركات التجمّع الدستوري الديمقراطي الّذي بدا أكثر تفاعُلا مع توجيهات وبرامج رئيسه إذ حقّق التجمّع نقلة هامّة خلال السنة المنقضية في مختلف أنشطته وندواته ولقاءاته الحزبيّة والفكريّة والسياسيّة مركزيّا وجهويّا ومحليّا وتدعّمت روح الحوار والتشاور داخل مختلف هياكله ولجانه وتميّز ممثّلوه في مجلسي النواب والمستشارين بجرأة كبيرة في تناول الشأن العام وبصراحة في توصيف واقع البلاد وحاجياتها المستقبليّة شعارهم في ذلك خدمة الصالح العام والالتزام بتوجيهات القيادة وبرامجها وملاحظاتها. كما عملت بقية الاحزاب ما في وسعها وفي كامل الحريّة من أجل التفاعل مع طبيعة المرحلة الجديدة، فهذه الاحزاب المعارضة تنشط في مختلف المجالات العامّة من صحافة وإعلام ومجالس استشاريّة أو منتخبة ولها صحفها وإصداراتها ولها قراءاتها ومقارباتها، والمتمعّن في المشهد السياسي الوطني يقف على حقائق عديدة من أبرزها أنّ تونس تعيش اليوم فعلا على وقع تجربة تعدّديّة وديمقراطيّة فعليّة راعت تطوّر البلاد وحاجياتها وطبيعة التغيّرات الحاصلة إقليميّا ودوليّا، ومن المهمّ هنا الاشارة إلى نجاح النموذج التنموي في تونس والّذي ربط بشكل واع ومدروس بين النماء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والتطوّر في التجربة السياسيّة التعدّديّة وهذا ما أشاد به المشاركون في ندوة التجمّع-والّذين قدموا من عشرات الدول في العالم- بمناسبة ذكرى التحوّل وذلك من خلال اعتمادهم خطاب سيادة رئيس الدولة وثيقة مرجعيّة لاعمالهم الّتي بحثت "الديمقراطيّة والتنمية في عالم مُتغيّر". نحن فخورون بما تحقّق في بلادنا سنة 2007 من نماء واستقرار وتطلّع إلى المستقبل بتفاؤل وأمل كبيرين، ويزيدنا في ذلك الفخر حالة الاضطراب والتوتّر الّتي تعرفها أكثر من منطقة وبلد في العالم، ونحن نأمل أن يعرف كلّ العالم الهدوء والاستقرار وأن تنحو كلّ الدول منحى سلمي وحضاري في علاقتها ببعضها بعيدا عن كلّ مظاهر التوتّر والهيمنة والصراعات والحروب وان تعود للشرعيّة الدوليّة قوّتها ونفوذها خلال العام الجاري بما يُساهم في نشر روح التعاون والتآزر والمحبّة واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ولا بُدّ هنا من التأكيد على أهميّة أن تشهد السنة الجديدة الحلّ العادل والنهائي للقضيّة الفلسطينيّة، هذه القضيّة الّتي أولاها سيادة رئيس الدولة زين العابدين بن علي أهميّة خاصّة ومنزلة مبدئيّة لا محيد عنها منذ 7 نوفمبر 1987.