بادرت وزارة التجارة خلال هذا الأسبوع بتوجيه بلاغ إلى دوائرها الجهوية أكدت فيه على الإسراع بتفعيل دور كافة المراقبين الاقتصاديين قصد الاهتمام بأنشطة الأسواق والعمل على الحد من التجاوزات الحاصلة على مستوى أسعار المواد الاستهلاكية اليومية سواء منها التي تتعلق بالخضر والغلال أو تلك التي تتصل باللحوم والأسماك على اختلاف أنواعها. ويأتي هذا القرار ضمن الإجراءات الأولية السريعة التي اتخذتها الحكومة في مسعى للضغط على ظاهرة ارتفاع الأسعار التي شهدت تصاعدا واضحا في الفترة الأخيرة في غياب عمليات المراقبة وما نتج عنها من تذمرات عبر عنها المواطنون جراء التسيب الذي شمل كافة المواد سواء على مستوى الترفيع في الأسعار أو العرض العشوائي، خاصة خارج مسالك التوزيع الرسمية. هذا البلاغ وجد صداه في ولاية أريانة منذ أمس حيث انتشرت فرق المراقبة الاقتصادية الجهوية لتقوم بمسح شامل في كامل أنحاء الولاية شمل السوق البلدية وكافة نقاط البيع ذات الأنشطة التجارية المختلفة، وقد أفادت مصادر من المراقبة أنه تم تسجيل عشرات المخالفات والتجاوزات تعلقت بالترفيع في الأسعار وترويج مواد مجهولة المصدر أو غيرها من المخالفات المتعلقة بالانتصاب العشوائي، وقد تم تحرير إنذارات في الغرض ضد المخالفين، وإمهالهم مدة أسبوع لاحترام كافة التراتيب التجارية وخاصة منها المتعلقة بالأسعار.
ماذا عن بقية الجهات؟
بلاغ وزارة التجارة وجد صداه في ولاية أريانة، حيث سجلت حركية هامة تفاعل معها المواطنون في السوق في متابعة للتحرك الواسع الذي قام به أعوان المراقبة والأمن تصحبهم شاحنات بلدية للحد من مظاهر الانتصاب العشوائي، خاصة بعد مبادرة السلط البلدية بتخصيص فضاء ثان لمجلات الانتصاب وعدم حرمان الباعة من النشاط، غير أن هذا البلاع يبقى في حاجة إلى التعميم ، وإلى التطبيق في كافة الولايات حتى تتسع دائرة تطبيقه وتكون جدواه واسعة وتغطي كافة الأسواق. ولئن تبقى المبادرة ايجابية، فأنها لا يمكن أن تتوقف عند هذا البلاغ "اليتيم"، بل يجب العمل على تحريك كافة الأليات الخاصة بالمراقبة، وأيضا تنظيم مسالك التوزيع وخاصة منها نشاط أسواق الجملة والحد من التوزيع العشوائي ومظاهر الانتصاب والتزويد غير القانوني، كما يجب أن تتوسع مجالاتها لتشمل كافة المواد الاستهلاكية من لحوم وأسمالك ومواد تنظيف وغيرها من كافة أنواع المواد المعروضة في السوق باعتبار أن ظاهرة الترفيع في الأسعار ومظاهر التزويد غير المنظم قد طالت كافة أنواع المعروضات.
تفادي النقص المسجل في بعض المواد
ظاهرة أخرى كان لابد من الإسراع بالعمل على تجاوزها بأقصى قدر ممكن لأنها مثلت في الحقيقة بابا للترفيع في الأسعار ومظاهر احتكار خطيرة استغلها البعض نتيجة الارتباك الحاصل في توزيعها ونقصها في السوق،تعلقت بمادتي الغاز والحليب على وجه الخصوص. ففي حين بادرت وزارة التجارة بالعمل على توريد كميات هامة من الغاز وأيضا دعوة مركزيات تحويل مادة الحليب إلى الزيادة في ضخ الكميات اليومية من الحليب في السوق، فأن توزيع المادتين لم يكن بالشكل المحكم والسريع الذي من شأنه أن يصل إلى كافة جهات البلاد. ولعل ما يحصل في جهات مثل قفصة والكاف والقصرين وبعض الجهات الأخرى من نقص في المادتين وترفيع في اسعارها يصل حد ضعف الأسعار المعتمدة يؤكد الإضطراب الحاصل في توزيع هذه المواد، والالتجاء في جهات الشمال التونسي إلى الجزائر للحصول على مادة العاز لتفادى الصعوبات الحاصلة في التزود بها وخاصة اتقاء موجة البرد الحاصلة خلال هذه الأيام.
تفعيل آليات المراقبة والمنظمات المختصة
إن آليات مراقبة السوق لا تتوقف عن القرارات والبلاغات، ولا أيضا عند النشاط اليومي لأعوان المراقبة البلدية والاقتصادية، بل تتعدى ذلك لتشمل كافة المنظمات ذات البعد الاجتماعي مثل منظمة الدفاع عن المستهلك، كما أن الضغط على أسعار المواد الاستهلاكية اليومية شأن اقتصادي يدعو إلى مراجعة كافة آليات الإنتاج والتوزيع، وخاصة العمل على شفافية نشاطاتها والحد من مظاهر الوساطات والاحتكار. كما أن سياسة تحديد الأسعار على قاعدة العرض والطلب وما تم من تحرير لأسعار مجمل المواد الاستهلاكية يبقى من المسائل التي تدعو إلى المراجعة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحاصلة، وما يترتب عنها تضارب واختلال في العرض والطلب واستغلال البعض لهذا الظرف للإمعان في تأجيج الأسعار.