ليس من قبيل المبالغة في القول أن الحرب على الارهاب ستستمر عقودا قبل ان تتوقف، فهذه الحملة التي قادتها الولاياتالمتحدة قد حصدت خيبة ثقيلة وفشلا كبيرا في عدة جوانب وليس بمقدور الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أطلق هذه الحملة كرد فعل على هجمات 11 سبتمبر ان ينكر تلك الحقيقة مهما بالغ في زعمه بأنه في سبيله لتحقيق «النصر على الارهاب» فادعاءات الادارة الأمريكية لا يمكنها الصمود أمام منطق تغلب عليه الرصانة والموضوعية بعدما أصبح العالم في اشد الخطر وأكثر عرضة «للارهاب» الذي استشرى.. وتفاقم.. وانتشر! فالعالم أصبح يواجه اليوم وبعد زهاء 6 سنوات على هجمات 11 سبتمبر مزيدا من الارهاب وعلى جميع الجبهات بعد ان اصبح متنقلا مرورا بالجزائر فلبنان، فالعراق فافغانستان ثم أخيرا الباكستان فربما تبدو الصورة الآن أكثر وضوحا بعدما استطاع الارهاب ان يضرب مقومات الشعوب والدول وينفذ إلى الدين والقومية والمذهب ليحرك الشارع في اتجاه التطرف الفئوي على تنوعه بحيث صار الزعيم أو الحزب أو الحركة أو التيار يرى نفسه مضطرا إلى مسايرة الشارع ومتورطا في حرب لا هوادة فيها تشكل الباكستان احدى ساحاتها إلى جانب العراق ولبنان وفلسطين وافغانستان... بعد هذه السنوات الست من الحرب على الارهاب التي يقول العالم كله انه مجمع عليها وداعم لها، فالعالم لم يصبح اقل عرضة للارهاب، ابدا بل العكس هو الصحيح فأعداد من يوصفون «بالارهابيين» زادت الآن عما كانت عليه بعد أن اتسعت رقعة المواجهة بينهم وبين أمريكا والمجتمع الدولي، حيث أصبح الارهاب قبلة للمتشددين ومصدرا قويا للدعاية وارضية حاسمة وخصبة في ظل تردي الوضع الأمني وازدياد الصراعات الطائفية والعرقية والحزبية والتي اخذت تتسع يوما بعد يوم بعد ان أصبح الولاء للطوائف والمذاهب التي ساهمت بدورها في تهميش الأقليات وتحويلهم إلى وقود لصراعات لا تنتهي. ان ما يجري اليوم على الساحة العربية والاسلامية من إحداث متواترة اخرها ما جرى في باكستان والذي اسفر عن اغتيال الزعيمة الديموقراطية بي نظير بوتو يجعل الأمل ضعيفا في قرب انتهاء مأساة وفوضى الارهاب، فهذه الدولة مرشحة إلى ان تنظم إلى مجموعة الدول التي نخر كيانها التعصب والارهاب، وانضمامها حتما ستكون له انعكاسات سلبية على محيطها الاسلامي وحتى العربي، فبوتو لم تقتل يوم الخميس الماضي فقط لان هناك «لعنة» على عائلتها كما يقال، أو لأن «القاعدة» المتطرفة ارادت منعها من المساعدة في إعادة باكستان إلى معسكر الاعتدال السياسي والديني والمذهبي، أو لأن مصلحة دولية ما تقضي بإشعال باكستان وتفكيكها لارباك محيطها غير العربي وغير المسلم، بل باختصار ان فوضى الارهاب المتنقل تجتاح كل شيء ويجد وقوده وانتماءه الديني والمذهبي في شعوب المنطقة التي يلفها التخلف الفئوي والمذهبي في باكستان ولبنان والعراق وفي المنطقة كلها والتخلف هو اللعنة الحقيقية على الشعوب والأمم.. فهل ان الرئيس الأمريكي استطاع ان يقضي على الارهاب وهو اليوم على مسافة بضعة شهور من انتهاء ولايته وهل انتصر في «حربه على الارهاب» ام جعل العالم اكثر فوضى وعرضة لمزيد من الارهاب... وعلى جميع الجبهات بعد ان انعدمت الثقة بين الشعوب وتبادلها الخوف بعضها من بعض وأصبح العالم يعيش مرحلة الفوضى الهدامة أو «الخلاقة»؟