بشرى سارة بخصوص مباراة السوبر بين الترجي والملعب التونسي..    عاجل/ تحيين للوضع الجوي..أمطار رعدية الليلة..وهذه التفاصيل..    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    صفاقس: حملة لمقاومة الانتصاب الفوضوي بشاطئ الشفار    معهد الرصد الجوي يضع عددا من المناطق في الخانة الصفراء    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    زغوان: حجز 735 كلغ من الأسماك الفاسدة كانت داخل براميل بلاستيكية كبيرة الحجم    عاجل/ زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ القبض على "بلوجر" معروفة..وهذه التفاصيل…    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    عاجل/ تزايد محاولات القرصنة..ووكالة السلامة السيبرنية تحذر..    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    18/20 وُجّه لعلوم الآثار بدل الطب... تدخل وزاري يعيد الحق لتلميذ باكالوريا    غدًا.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    الشاب بشير يمتع جماهير مهرجان سلبانة الدولي    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط تدعو إلى سنّ ضوابط لحضور الأطفال في المهرجانات والحفلات    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    مونديال الكرة الطائرة تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينهي مشاركته في المركز الثاني والعشرين    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة فنية حافلة    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    توقعات موسم أوت - سبتمبر - أكتوبر 2025: حرارة أعلى من المعدلات واحتمالات مطرية غير محسومة    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    بعد إيقاف مسيرتها.. أنس جابر تتفرغ للدفاع عن أطفال غزة    النادي الصفاقسي: لاعب جديد يغادر الفريق    نواب أمريكيون يدعون ترامب لإنهاء الحرب في غزة    طقس اليوم: أمطار رعدية متوقعة وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بالجنوب    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    النادي الإفريقي يعلن تعاقده رسميا مع "فوزي البنزرتي"    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    (سنغفورة 2025 – أحمد الجوادي يتأهل إلى نهائي سباق 1500م سباحة حرة بتوقيت متميز    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة بين تثبيت سلطتها.. وإدارة "الأزمات"
ملف: "تتلظى" على صفيح الأحداث
نشر في الصباح يوم 16 - 01 - 2012

- سنة مضت على الثورة ورغم ذلك مازالت البلاد تتلمّس طريقها نحو درب الديمقراطية الحقيقية التي تؤسس لدولة القانون والمؤسسات..
ولئن بدت عملية الانتقال الديمقراطي محافظة على مسارها رغم الهزات والمنعطفات فان دخول البلاد في مناخ من الشرعية ولئن أثلج صدر البعض فانه أثار خشية الكثيرين لاعتبارات أهمّها تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بحيث عسّرت مهمّة الحكومة المنبثقة عن المجلس التأسيسي.
هذه الحكومة التي بات «لزاما» عليها مسابقة الزمن لتطويق الإشكالات والمطالب الملحة المطروحة شعبيا وبإصرار..
ولعلّ غياب برامج إصلاح واضحة المعالم ساهم في بداية متعسّرة لهذه الحكومة التي وان كنّا لا نشكّك في «نواياها» الاصلاحية غير أن ما طرحته الى حدّ الآن من تصوّرات كان محلّ تجاذبات بين أطراف عدة في الداخل والخارج، مواطنين ومنظمات مجتمع مدني نستعرضها في هذا الملف تباعا..

الطاهر هميلة
المعارضة «المأجورة» ستنهزم... والاعتصامات «يصنعها» الاتحاد
خميس قسيلة مكلف بمهمة تصدع حزب التكتل
عكس التكتل، يبدو حزب المؤتمر «متفهما» لقرارات الحكومة المشارك فيها وأنها مازالت تباشر مهمة إنقاذ وتطهير البلاد «ذلك ما أكده الطاهر هميلة رئيس الكتلة النيابية لحزب المؤتمر في المجلس التأسيسي.
ويضيف «هذه الحكومة تستمدّ صلاحيتها وشرعيتها من المجلس التأسيسي حسب ما أقرّ في الدستور الصغير».
وحول ما يثار عن «عجز» الحكومة على حل المشاكل العالقة وغياب قنوات التواصل الإيجابية مع المجلس التأسيسي: يقول الطاهر هميلة: «مشروع الحكومة هو الإنقاذ والاصلاح وعلى هذا الأساس نحاسبها مرّة في الشهر وهي استمدت مشروعها هذا من المجلس التأسيسي فهناك رموز لابد من تغييرها في المسار السياسي وعملها بالتالي وجيه.. نتحفظ عليه ربما أو نخالفه أحيانًا لكن نحن نوافقها في سعيها لتطهير مؤسسات الدولة من رموز الفساد. ولا ننسى أن الباجي قائد السبسي قبل مفارقته للحكومة ويأسه من إمكانية الإستمرار ونفض يديه من ذلك عمل على «تلغيم» كل مؤسسات الدولة بأشخاص غير مرضي عن سلوكياتهم في زمن بن علي وهم مشبوهون ثبتهم وأعطاهم مواقع حساسات وفي قطاعات حساسة مثل «تلغيم» الأمن و»تلغيم» الإعلام.
ورغم ذلك نؤكد أن الثورة نجحت رغم كيد الكائدين..
وعن معظلة الاعتصامات التي مازالت متواصلة وتعيق أي اصلاحات يقول هميلة: «الاعتصامات كان يحركها قائد السبسي والاتحاد العام التونسي للشغل» سألت محدثي: لكن قيادة الاتحاد تغيرت اليوم وقائد السبسي غادر السياسة، فقال: «القيادة الجديدة للاتحاد هي نسخة من القيادة القديمة وسيواصلون نفس النهج للتغطية على جرائم «اسلافهم».. وهم الى الآن يحركون الاعتصامات وبالنسبة «لديقاج» التي وجهت للهاروني فكانت ناتجة عن شرذمة قليلة تعمل لتدمير الثورة» وحول مواقف بعض الشخصيات من أحزاب مشاركة في الترويكا كخميس قسيلة وأمثاله فهم مأجورون للعمل على تصدع الأحزاب من الداخل فهو مكلف بتلك المهمة وهو سيطرد من حزب التكتل لأقواله غير المسؤولة وأؤكد المعارضة المأجورة ستنهزم.

حزب التكتل من أجل العمل والحريات
مبدأ التشريك خيار لا بد منه..
في بيان أصدره حزب التكتّل في غضون الأسبوع المنقضي ذكر أنه «على إثر تعيين مسؤولين في مؤسسات عمومية بقرار من السيد رئيس الحكومة دون الرجوع بالاستشارة إلى الهيئات المعنية بقطاع الإعلام..
يعبر حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات عن تضامنه المطلق مع كل الصحفيين والعاملين بمؤسستي التلفزة الوطنية وجريدة لابراس ويضمّ صوته إلى كل المواطنين والمواطنات الغيورين على حرية التعبير. ويدعو حزب التكتل الحكومة إلى مراجعة قرار التعيينات واعتماد مبدإ التشريك في القرار بالرجوع إلى الهياكل المنتخبة من قبل الإعلاميين. ويؤكد حزب التكتل على تمسكه المطلق بمبدإ حرية الإعلام وبمبدإ استقلالية السلطة الرابعة عن السلطة التنفيذية وكذلك الدفاع عن حياد المؤسسات الإعلامية العمومية استقلاليتها حتى تكون بعيدة عن أيّ تدخل أو وصاية».
قسيلة يشجب القرارات الأحادية
وفي سياق متصّل أكد خميس قسيلة النائب بالمجلس التأسيسي على شجبه للتعيينات التي تمّت على رأس وسائل الإعلام لأن فيها نوعا من الانفراد بالرأي وأن الإعلام العمومي يقتضي تشريك المهنيين في القرارات التي تهمّهم لأنهم الأدرى بوضعهم الداخلي..
وهذه التصريحات التي أدلى بها قسيلة بداية الأسبوع المنقضي رأى فيها البعض مؤشرا على انقسام محتمل بدأ يعرف طريقه الى الثلاثي الحزبي ضمن تحالف الترويكا خاصة بعد تباين وجهات النظر في أكثر من قرار..

منجي الرحوي :بداية خاطئة ونتائج «غير مطمئنة»
حسب ما ذكره لنا «منجي الرحوي النائب بالمجلس التأسيسي عن حزب الوطنيون الديمقراطيون» فإنه مطالب بأن يحترم ما تمّت المصادقة عليه صلب القانون المنظم للسلط المؤقتة باعتبار أن ذلك حسب ما يقول ليس من صلوحياتي أو مشمولاتي.
ويضيف منجي الرحوي: لكن يمكنني أن أبدي بعض الملاحظات كممثل للشعب وكمواطن على شاكلة أن ما قامت به الحكومة من تعيينات في قطاع الاعلام غير معقول لأنها عزلت كل المهنيين ولم تشركهم بقرارها».
وحول مدى نجاح الحكومة في اقتلاع ثقة الشارع التونسي أجاب: في كل الديمقراطيات المتوازنة تمنح الحكومات في المطلق 100 يوم لتوضيح برامجها وطرح اصلاحاتها لكن الذي حصل هو أن الخطوة الأولى لهذه الحكومة كانت خاطئة لأنها لا تراعي انتظارات شعبنا كذلك لم تحسب حساب أننا نمرّ بمرحلة أزمة اقتصادية واجتماعية فما كان ينتظره التونسي الذي أنجز ثورة هو صورة زهد الحكام والتضحية وحب الآخر والقطع مع الذاتية لكن هذه الصورة ظلّت بعيدا عن الصورة الواقعية التي اكتشف من خلالها التونسي تكالبا عن السلطة في اطار مخاصصة بالإضافة أننا لم نقطع مع أسلوب المحاباة والمحسوبية في ترشيح الأقارب والأصهار للمسؤوليات العليا في البلاد».
وفي الختام سألنا محدثنا عن الحلول الممكنة في حالة من نفاذ الصبر الاجتماعي «اعتقد ان ضغط الشارع سيدفع بالحكومة الى تحويرات حتى تمتصّ غضب الشارع.. وتتفادى ما نعيشه اليوم من نتائج غير مطمئة».

علي بن عرفة :الحكومة تتلمس الطريق.. والإصلاحات قادمة
تدافع حركة النهضة «بشراسة» عن خيارات الحكومة الحالية التي تهيمن عليها وترى أن نقدها غير منطقي بالنظر إلى الحيز الزمني القصير الذي مضى على تقلّد مهامها رسميا.
علي بن عرفة عضو المكتب الإعلامي و السياسي لحركة النهضة يرى أن الحكومة في ثلاث أسابيع فقط تعتبر أبلت البلاء الحسن في ثلاثة أسابيع فقط..ويؤكّد» هناك قرارات هامة اتخذتها الحكومة ومتعلّقة بإرساء سنة التغيير المحمود في الإعلام والأمن وهما من أبرز القطاعات الحسّاسة التي تتطلّب إصلاحا جوهريا..»
و حول ما يثار من نقد لأداء الحكومة يقول علي بن عرفة: «الحكومة مازالت تتلمّس الطريق..وخطوات الإصلاح المزمع إنجازها ظهرت ملامحها للعيان ولقيت القبول..
وهناك سبر للآراء يبرز بوضوح تفاءل التونسيين بالمستقبل رغم أن الحكم البات صعب على الحكومة في هذه المرحلة ؛ ونحن مازلنا في البداية؛ فعلى الجميع التحلّي بقليل من الصبر وحسب..»
ويضيف:»الحكومة تسعى بما أوتيت من جهد لتدارك ما استشف كونه أخطاء أو ثغرات والعمل على التواصل والتعامل الجدّي مع وسائل الإعلام لتبليغ مواقفها ورؤاها .. وما زيارة الرؤساء الثلاثة لسيدي بوزيد والقصرين إلاّ إشارة واضحة على سعي كل السلطات إلى تلبية انتظارات الناس والاقتراب من مشاغلهم وتفهّم مطالبهم..»
وبالنسبة إلى الوعود التي أطلقتها أحزاب» الترويكا» أثناء حملتها الانتخابية واليوم تحاسب لعدم الوفاء بتلك الوعود يقول علي بن عرفة: «الوعود التي قدّمت مرتبطة ببرنامج عمل يمتد على فاصل زمني يربو عن 5 سنوات..وبالتالي لا يمكن تنفيذه في سنة ..المهم اليوم هو أن تعود الدورة الاقتصادية إلى نسقها الطبيعي ففي ذلك حلول لأغلب المشاكل الراهنة .»

عبد القادر بن جديرة باحث في الإعلام والاتصال
المسؤول الحكومي لايزال يخلط بين دوره كقيادي في حزب.. ودوره كوزير لكل التونسيين..
الحكومة لا تجد قنوات جيدة للتواصل..
في البداية نودّ الإشارة إلى أنه، كي يتسنى تجاوز النقائص المسجلة في عديد المستويات، لا بد من تقبل النقد -لا الانتقاد- للوقوف عند السلبيات والسعي لتجاوزها، علما أنه من المفروض أن يقدم المعنيون بالأمر، من تلقاء أنفسهم، على تقييم أدائهم وتقديم نقدهم الذاتي من خلال الإقرار بالأخطاء المرتكبة، قصد العمل على تجاوزها عوض اختلاق تبريرات تزيد من خطورتها.
وقبل تقديم تقييمنا الأوّلي لأداء الحكومة في المجال التواصلي نودّ التذكير بأننا نتناول المسألة من منظور علم النفس الاجتماعي، الذي يعتبر التواصل عملية مبنية على سيرورة من التفاعلات في شكل حلقي أو دائري، لا خطيّ.
ويرى الأخصائيون في هذا المجال أنه في وضعية صراع يسعى كل طرف إلى تثمين ذاته وفي المقابل «تحقير» الآخر أو تقزيمه.
و في هذا الإطار لا يخفى على أيّ كان أن السياق الحالي يتميز بالتأثيرات السلبية الناجمة عن الوضع الصعب الذي يميز البلاد في جميع المستويات.
ولعل ما ميّز أداء حكومة «الترويكا»، منذ توليها الحكم، هو عدم تمكنها من إيجاد قنوات جيدة للتواصل، سواء مع المعارضة داخل المجلس التأسيسي أو مع الجماهير العريضة، سواء عن طريق وسائط الإعلام أم مباشرة خلال الزيارات للجهات، والتي برز خلالها الرفض الواضح للغة الوعود التي اعتمدت والتي يعتبرها العديد من قبيل «اللغة الخشبية»و»التلاعب» بالجماهير، لكون ما تنتظره هذه الأخيرة هو تجسيم تلك الوعود في شكل إنجازات، لا تدعيمها بحزمة أخرى من الوعود.
يضاف إلى ذلك كون الأحكام المسبقة، التي تحملها نسبة كبيرة من الجماهير الشعبية عن الائتلاف الحاكم، والصورة التي تكونت لديها حول مدى قدرة الحكومة على الاستجابة لانتظاراتها الحقيقية ولتطلعاتها، أثرتا سلبا على العملية التواصلية، التي تتأثر أيضا بتاريخ الفرد.
هذا إلى جانب المرجعية الفكرية والذهنية لطرفي التفاعل. فحين تختلف مرجعية الباث (هنا الحكومة) عن مرجعية المتلقي (هنا عموم التونسيين) يتعطل التواصل، لكون الخطاب الرسمي يتعارض آنذاك مع انتظارات المتلقي.
فعلى سبيل المثال ما تريده الجماهير عموما -و منها مناصرو «الترويكا»- هو تحقيق مطالبها وتلبية حاجياتها الآنية، في حين تعمل الحكومة على واجهة أخرى، هي واجهة الشؤون الخارجية في الفترة الأخيرة. خلاصة القول: تكون الحكومة في واد والجماهير العريضة في واد آخر..
عائق آخر من عوائق التواصل يتمثل في الخلط بين الأدوار. كأن يخلط المسؤول الحكومي بين دوره كقيادي في حزب سياسي وبين دوره كوزير لكل التونسيين. وقد تجلى ذلك مرارا وتكرارا في مستوى الخطاب والممارسة. بعبارة أوضح لم تتعامل الحكومة كحكومة لكل التونسيين بل تم تسييسها -بالمفهوم الضيق للكلمة- وذلك بشكل مفضوح.
وقد تجلى ذلك بوضوح عندما «توافدت» الحشود لدعم الحكومة ومساندتها في مناسبتين: الوقفة الاحتجاجية بالقصبة للدفاع عن حرية التعبير، والوقفة الاحتجاجية أمام وزارة الداخلية. وما خروج وزير الداخلية ليخطب في جموع المناصرين، من حركة «النهضة» تحديدا، والشعارات التي رفعتها تلك الحشود إلا دليل على هذا الخلط في الأدوار، إلى جانب كونه يبرز أن الحكومة لا تعتبر نفسها حكومة لكل التونسيين، بل لمن «انتخبوها».
عوامل عديدة أثرت على أداء الحكومة في الجانب التواصلي وجعلت الشارع يتعامل دائما سلبا مع ما تأخذه من إجراءات، وإن كانت تنبع عن «نوايا حسنة».
ومن بين الإجراءات المعلنة من قبل الحكومة والتي لم تنل تجاوب عديد التونسيين، تلك المتعلقة ببيع القصور الرئاسية وبالوحدة أو الاندماج الاقتصادي مع ليبيا والتحويرات على رأس المؤسسات الاتصالية الحكومية والموقف من الزيادات الأخيرة في الأجور..
يضاف إليها دعوة رئيس الدولة لهدنة سياسية واجتماعية، الخ.. وهي إجراءات اعتبرها عديد الملاحظين «فوقية وارتجالية» ولا تعبر البتة عن انحياز ل»الغلابة»، إلى جانب مفهوم «الصراع» الذي توحي إليه كلمة «هدنة».
كل ما ذكر من «هفوات» كوّن لدى التونسيين صورة -ليست على ما يبدو مثمنة- عن الحكومة، الشيء الذي قد يعسر مهمتها في قادم الأيام، وعديد المؤشرات توحي بذلك..

هيومن رايتس ووتش
ضرورة التخلص من القوانين القمعية...
ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في آخر تقرير أصدرته إنه ينبغي على المجلس التأسيسي في تونس التسريع بمراجعة القوانين بما يضمن حرية التعبير واستقلالية القضاء. كما قالت هيومن رايتس ووتش إن الإصلاحات القانونية في هذين المجالين هي المفتاح لضمان حقوق جميع التونسيين.
وقالت سارة ليا ويطسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «لقد رحل الدكتاتور، ولكن التجربة أثبتت أن الإبقاء على قوانينه القمعية قد يغري الذين يخلفونه بتطبيقها عندما يكون الإطار السياسي مناسبًا».
وقالت سارة ليا ويطسن «يجب على المجلس التأسيسي، الذي وقع انتخابه بشكل حرّ، أن يشرع في إزالة القوانين القمعية التي كانت تُستعمل لخنق المعارضين وإضعاف السلطة القضائية».

العفو الدولية
قوات الأمن لا تزال غير خاضعة للمساءلة..
أفادت منظمة العفو الدولية في بيان صدر الجمعة الماضي أن «الحكومة المؤقتة في تونس لم تحقق بعد الإصلاح الشامل لحقوق الإنسان الذي طالب به المتظاهرون، بعد مرور عام على سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي».
وأضاف البيان أن «قوات الأمن التونسية لا تزال غير خاضعة للمساءلة إلى حد كبير، فيما لا يزال ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ينتظرون العدالة، ويتعين على السلطات أن تجعل من مسألة إعادة بناء هذه القوات أولوية ملحة خلال العام الحالي».
وأشارت المنظمة إلى أن «إدارة أمن الدولة، المسؤولة عن سنوات طويلة من الانتهاكات تحت حكم بن علي، تمّ إلغاؤها في مارس 2011، لكن هناك مخاوف من أن أفراد هذه القوات تم دمجهم في قوات الأمن الأخرى، والتي لا تزال غير واضحة وغير خاضعة للمساءلة».
ودعت العفو الدولية الحكومة التونسية إلى «الإعلان عن التعليمات بشأن استخدام القوة وإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على عمل قوات الأمن، كونها لم تستجب كما ينبغي لمطالب تحقيق العدالة عن الانتهاكات السابقة ..»

مراسلون بلا حدود
انتهاك سافر للإعلام.. ووكالة الاتصال الخارجي مازالت تمنع توزيع الصحف
في تقريرها الأخير الصادر في 12 جانفي والموجّه إلى السلطات التونسية في شخص رئيس المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أعربت منظمة مراسلون بلا حدود عن قلقها إزاء الضغوط الممارسة على الصحافيين والقطاع الإعلامي في الأشهر الأخيرة. كما اعتبرت المنظمة أن التعيينات الأخيرة على رأس وسائل الإعلام الرسمية تشكل انتهاكاً سافراً لاستقلالية وسائل الإعلام.
وفي سابقة خطيرة تؤكّد المنظمة على أن الوكالة التونسية للاتصال الخارجي قد جمّدت أنشطتها رسمياً، بيد أنها لا تزال تشكل هيكلية مخصصة لمنع توزيع بعض الصحف في البلاد.. تماماً كما في عهد زين العابدين بن علي. مؤخراً، لم يسمح بتوزيع أسبوعيتين فرنسيتين (هما لكسبراس ولو نوفال أوبسرفاتور) في تونس بسبب تضمّنهما رسوماً للنبي محمد. لذا، يجدر بالسلطات أن توضّح ما إذا كانت قد أرست آلية للرقابة المسبقة أم لا، وهي ممارسة قد تسجّل عودة إلى ممارسات شائنة.
وتشير مراسلون بلا حدود في تقريرها أنها «تعرب عن قلقها إزاء المخاطر التي قد يفرضها تزايد التطرف الديني على حرية الصحافة في تونس.. جان فرنسوا جوليار أمين عام مراسلون بلا حدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.